كتب //
منصور صالح
محلل سياسي
غزير ومؤلم هو الدم الجنوبي الذي ينزف في أكثر من بقعة خارج أرضه وآخرها مارب اليمنية أمس، بلا هدف ولا غاية ، وحين ستتوقف الحرب ويعود الناس إلى حياتهم سيتساءل كثير من الأيتام أو الثكالى ما الثمن الذي خسرنا لأجله أعز أحبتنا؟لكنهم لن يجدوا إجابة وربما تكون الإجابة أشد إيلاماً من وجع الفقذ ذاته.
الشباب الجنوبي ضحية الفقر والحاجة والعوز ،قبل ان يستغله الساسة ويدفعون به إلى الموت والتهلكة، وهنا قمة المأساة .
الكثير من شبابنا الجنوبي ،لا علاقة لهم بالسياسة ، قدر علاقتهم بقوتهم اليومي وبمعاناة أسرهم من الفاقة والحاجة التي تجعلهم يبحثون عن لقمة عيشهم في الصحاري ،أوالجبال المشتعلة بحمم نار الحرب ، أو حتى فيما بين ثنايا عبوة ناسفة يضعها أحدهم ليقتل بها بريئاً أو جائعاً آخر مثله.
كثير من شبابنا ، ممن ذهبوا للقتال في الساحل الغربي أو الحد الجنوبي للمملكة، أو مأرب اليمنية ،أو حتى للقتال في صفوف تنظيم القاعدة ، لا صلة لهم بالسياسة ولاهدف لديهم يسعون لتحقيقه، غير الخوف من الجوع أواتقاءً للفقر الذي أذلهم، و أتعبهم .
تجردوا من الأحكام المسبقة وتتبعوا قصة أي شهيد أو ضحية جنوبي ،سقط في أي جبهة أو موقع داخل الجنوب أو خارجه ، ستجدون قصة هي أقرب للمأساة ستجدون أباً عاجزاً أو أماً مشلولة أو أطفالاً رضع لا يجدون علبة حليب ، لكنكم بالتأكيد لن تجدوا هذا الضحية سياسيا ، ولا عقائدياً ، ولا مجرماً مولود بالفطرة ، وان تم استغلاله أو التغرير به أحياناً خدمة لمشاريع لا يفهم منها سوى عبارات فضفاضة لا معنى لها.
ليس تبريراً لخطأ البعض في الذهاب بقدميه إلى الطريق الخطأ ، والموت خارج أرضه أو في صفوف الأعداء ، لكنها محاولة للنظر إلى المأساة من زاوية أخرى، تقول ان الفقر والخوف من الموت جوعًا هما عدونا الأول وهما من سيصنع من الكثير من شبابنا اليوم أو غدا، مقاتلين بالأجر اليومي دفاعاً عن بلادٍ ليست بلادهم، وأرضٍ ليست أرضهم أو لأجل مشاريع لايؤمنون بها .