مع بروز الأزمة الأوكرانية صعّد الغرب من عقوباته على روسيا والتي بدأها في عام 2014م، بهدف إضعاف روسيا العظمى وتحجيم دورها.
امتدت العقوبات الغربية إلئ مختلف القطاعات الاقتصادية تقريبا، بما في ذلك مصادرة أصول وممتلكات روسية في الغرب، عقوبات خارجة عن الإجماع الدولي وتمثل القطب الأميركي، الذي لا يرغب ان يشاركه أحد في صياغة مستقبل البشرية على هذا العالم.
لم يحدث قط في تاريخ الصراعات ان حدثت مثل هذه المقاطعة الواسعة من قبل إلا مرة واحدة، وذلك عندما أقدمت قبيلة قريش المشركة نهاية العصر الجاهلي على ضرب حصار مطبق على بني هاشم، وأعلنت فيه عن مقاطعة شاملة تلتزم بموجبها بعدم إقامة أي علاقات بيع أو شراء أو زواج مع بني هاشم، بهدف ثني الرسول محمد عليه الصلاة والسلام عن الدعوة للإسلام. حدث هذا الحصار الجائر في عصر الجاهلية الأولى، فما بالنا اليوم في القرن الواحد والعشرين، ومن تقوم بالمقاطعة الظالمة هي دول تتشدق دوما بالديمقراطية والعدالة والحريات، ثم تنكص إلى أدنى مستويات السفالة والوقاحة والحقارة، لتثبت للعالم أجمع عن أنها شعوب مازالت تعيش في أسوأ صور الجاهلية، وترتكب أبشع أشكال الظلم والاضطهاد تجاه الآخرين لسلب قرارهم وخيراتهم.
لا مكان للقيم الإنسانية في نظر الشعوب الغربية عندما يتعلق الأمر بمصالحها الآنية، شعوب تقدس المال وتستعد لتضحي بغيرها لتحيا هي، أنها الانتهازية في أشمل معانيها.
أسقطت الأزمة الأكرانية أقنعة الزيف والكذب عن الوجوه الغربية، لتتكشف عن كثب حقيقتها البشعة.
حدث هذا الحصار عند أول خلاف للغرب مع دولة كبرى هي في غنى تام عن الغرب ومنتجاته، بلد لديه فائض هائل في أهم متطلبات بقاء الإنسان (الغذاء، والدواء، والطاقة)، ولو قُدر للغرب الماسوني فرصة تمكنه من منع الغذاء عن روسيا لفعل ذلك وترك شعبها يموت جوعا.
على الشعوب الأخرى في سائر أسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية أخذ الدرس الروسي بجدية، والتحرر من الهيمنة الغربية، والاعتماد على النفس في الغذاء، قبل أن تُخير بين الاستعباد أو الموت جوعا.