هوامير الطب والمتاجرة بآلام المرضى

هوامير الطب والمتاجرة بآلام المرضى

أصبح بعض الأطباء في مجتمعنا مزيفين ولا يفقهون في الطب شيئا، يدعون العلم والمعرفة وهم في الواقع دون منفعة، يمتلكون شهادات جامعية وعيادات فاخرة وكل ذلك بالاسم، وإن جئنا للفعل سنجد منهم أصنامًا محنطة يتاجرون بأرواح الناس دون رحمة، كل همهم كيف يكسبون المال، فلماذا لا نوقفهم عند حدهم؟ لك أن تتخيل ما إن كنت أنت أو أحد أقربائك - لا قدر الله - في مشكلة صحية وكنت تبحث عن أحد الأطباء الموثوق بهم فتحتار رغم وجود العديد من الأطباء والمستشفيات حولك!

لك أن تتخيل إن احتجت استشارة طبية فذهبت لتستشير أكثر من طبيب فيعطيك كل واحد منهم رأيه فتجدهم جميعاً مختلفين في طريقة التشخيص والعلاج، بمن ستثق حينها؟ هل جربت أن تقع فريسة الأطباء المستهترين والمستشفيات الخاصة باهظة الثمن؟ كل هذه الأمور هي سببها الإهمال والاستهتار تجاه مشاكلنا الصحية.

لا شك أن القطاع الخاص له دور مهم في الصحة في وطننا، كون الدولة لا تستطيع أن تتحمل وحدها إدارة مؤسسات صحية تخدم صحة الملايين من المواطنين وتستقبلهم في أي وقت وحين، إلا أن هذا الدور في كثير من المستشفيات الخاصة تحول إلى نقمة على صحة الناس وجيوبهم، وبدلا من أن تكون صحة المرضى هي الهدف الرئيس أصبحت أموالهم هي محل النظر والاعتبار، ولم تعد الصحة سوى سلعة تباع وتشترى ويصبح تسكين آلام الناس مصدراً للغنى والكسب. ما هذه المهازل؟ لقد تغيرت النفوس وانعدمت الثقة والشعور بالأمان في مجتمع يتاجر فيه البعض بآلام البشر!

كما أننا جميعا معرضون للمرض، الأطباء والأغنياء والفقراء، وكلنا نحتاج من يخفف آلامنا وأوجاعنا حتى نستطيع أن نستعيد عافيتنا، فالطب تطور كثيراً على مستوى العالم، وكل مشكلة صحية أو طبية ولها حل، فالله عز وجل لم يخلق داء إلا وجعل له دواء، حيث إن الطبيب لا يمنحنا الصحة وإنما هو جندي من جنود الله سُخر لخدمة غيره.

ومن أسوأ المشاكل التي تضرب بمجتمعنا نحو الهاوية هو التقليد الأعمى، حيث يجد الطبيب أو الممرض نفسه متخرجا براتب يسير فيضطر للعمل بالمستشفيات أو العيادات الخاصة، وليس هنا مشكلتنا كون هذا بحد ذاته ليس عيبًا ولكن بعض الأطباء ومعظم المستشفيات الخاصة تتغير أهدافها وتتحول إلى الكسب بكل الطرق والوسائل مقلدة غيرها في ذلك، وتنتشر هذه السلوكيات في المجتمع فنجد الغلاء الفاحش في الأسعار.

والمشكلة هنا ليست فقط مشكلة أسعار أو أموال ولكن هناك أزمة أخرى هي العلم والإخلاص، فهذه الأشكال من الأطباء غالبا يفتقدون العلم الطبي الحديث، وكلٌ منهم يدعي أنه هو وحده فقط ذو الفطنة والمهارة، كما يفتقدون الإخلاص في أداء مهامهم، حيث كل همهم هو المال وأن تمر أمورهم بسلام.

ومن هنا نطالب الحكومة أن تتخذ سياسات فاعلة لضبط العمل بالقطاع الصحي الخاص أو العام وأن تكون رفيقة بالمريض والطبيب على حد سواء، كما أنه لا بد لنا أن نشجع الطبيب الأمين الماهر في مهنته وألا ننساق وراء التلميعات والدعايات فلا بد أن يستمر التعليم والتدريب والتثقيف الطبي.