من أهم الأهداف التي من أجل تحقيقها تم تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي هو الانتقال للسيطرة الفعلية على السلطة إلى جانب سيطرته العسكرية والأمنية الفعلية على الأرض، إلا أنه لم تتاح للمجلس الانتقالي الجنوبي الانتقال للسيطرة على السلطة بصورة طرد سلطة الاحتلال اليمني والإعلان عن قيام سلطة شرعية جنوبية خالصة، وذلك بسبب التداخلات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية لدول التحالف العربي وانعكاساتها الخطيرة على مصالحهم التي أنتجتها الحرب ضد الحوثيين في ظل وجود ما كانت تسمى سلطة الشرعية اليمنية (الإخوان) التي تحولت إلى أداة تآمر بيد الحوثيين تبتز بها دول التحالف العربي، واستغلالها سلطتها تلك في التآمر على قضية الجنوب وضد المجلس الانتقالي الجنوبي وعلى تخريب وتعطيل خدمات المواطنين في العاصمة الجنوبية عدن.
فما كان من المجلس الانتقالي الجنوبي إلا أن يقوم بتغيير تكتيك سياسته النضالية الثورية، فجعل عينيه تصب في اختراق سلطة ما تسمى الشرعية اليمنية ومشاركتهم إياها عبر اتفاقيات معترف بها، جاعلا من تلك المشاركة هدفا ثوريا جنوبيا تمكنه من الانتقال للسيطرة على السلطة، خاصة وأن الجغرافية المتصارع عليها هي جغرافية جنوبية.
هذا التدرج في استطاعة الانتقالي الجنوبي الانتقال نحو السيطرة على السلطة الشرعية كهدف ثوري جنوبي والسير قدما نحو استعادة دولة الجنوب المستقلة قد تجلت قوته في اتفاق الرياض المنبثق عنه تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب وتعيين لملس محافظا لعدن ، رغم أن هذا الاتفاق لم تنفذ جميع بنوده بسبب تعرضه للكثير من العراقيل والصعوبات ، وأيضا ما أنبثق عن مخرجات مشاورات الرياض من طرد لشرعية الإخوان التي كانت منفردة في سيطرتها على السلطة إلى خارج الحلبة، وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي مناصفة بين الشمال والجنوب.
وأكبر ترجمة قوية لعلو الانتقالي في قدرته الوصول نحو السيطرة على السلطة هو دخول الرئيس القائد عيدروس الزبيدي إلى قصر المعاشيق مدعوما من قبل السعودية والإمارات للعمل من مكتب رئيس مجلس القيادة كنائب أول أو قائما بأعمال الرئيس حتى عودته، التي أثارت مخاوف وقلق وحفيظة القوى الشمالية مجتمعة في أول لقاءاته من قصر المعاشيق أثناء ترأسه اجتماعا مع رئيس الوزراء وعدد من الأعضاء ، وكذلك أثناء لقاءه بوفد رفيع المستوى من البنك الدولي .
حتى يستكمل الانتقالي الجنوبي انتقاله نحو السيطرة التامة على السلطة دون أي مشاركة مع أي قوى سياسية شمالية على الذين حظوا بثقة الانتقالي في تعيينهم بمناصب حكومية أن يكونوا على قدر التحدي بعدم أتخاذهم تلك المناصب مدعاة للتفاخر أو للتكسب الشخصي أو لممارسة الفساد المالي والإداري ، فشعب الجنوب ينتظر منهم الكثير والكثير في إصلاح وتوفير خدماتهم وحاجاتهم وفي استعادة دولتهم المستقلة .