كتبها/ نصر الاشول
ككل يوم دوام اصحى صباحاً، واتوجه للإغتسال وتغييرملابس النوم وتجهيز كراساتي، وأذهب للكلية لتناول كورس الدراسة في قاعةرقم"11"، القاعة التي اذهب اليها وكلي نشاط وتفاؤل، في دخولي تلك القاعة الخاصة بقسم الصحافة، سرعان ما يصيبني الخمول والكسل والتذمر، جراء الجو الغير لائق بالدراسة بتاتاً، في سقفها ستة من المصابيح الطويلة، واربعة مراوح معلقة بسقفها كذلك، ولكن لايعمل منهن غير مصباح واحد ومروحة واحدة، القاعة في اعلى الكلية في اخر ادوارها، اشعة شمس حارة تحول الغرفة مثيل فرم الطباخة، وشبه مظلمة، وشخابيط على جدرانها، وكانها تعتيق بطلاء، ملونة بعضها بلون الرصاص،او الازرق، الاحمر،الاسود، هكذا هي حوائط تلك القاعة التي ادرس فيها.
مجرد ما امكث خمس دقائق والمعلم امامي يشرح ويتحدث اشعر بالنعاس، في ذلك اليوم يوم الاحد من شهر فبراير،2020، قررت ان اعود لمقر سكني الذي ارضخ فيه، واعمل على برنامج احدد فيه وقت نومي واعمالي اليومية، بسبب النعاس الذي يصيبني في قاعة الدراسة، فقررت النوم في وقت مبكر اول الليل، لأصحى صباحاً وكلي نشاط وتفاؤل اكثر من سابق ذلك اليوم، فعملت عليها، وطبقتها في دوام يوم الاربعاء من نفس الاسبوع والشهر، ليتكرر نفس سيناريو يوم الاحد، ولكن ما اتضح لي بعد عدة تجارب ومحاولات لأتأقلم مع ذلك الجو، ان تلك القاعة هي السبب، وغير لائقة بالدراسة.
ليس هذا موضوعي فحسب، بل هي اشتياقي لحبيبة قلبي تلك التي اعشقها حد الثمالة، وكم أعيش سعادتي بقربها وهي تلفني في حضنها.
خرجت مسرعاً بعدالمحاضرة الثالثة وانا منهكٌ، ومتعب من الدراسة وجو قاعة الكلية الحار، وجائع لدرجة عدم القدرة على المشي من الكلية حتى الشارع، فأنطلقت الى سوق الحشيشة الخبيثة(القات)، ثم الى مطعم دبي في حي الشابات في خور مكسر، تناولت الغداء بمعية الزميلان(حسين الانعمي، وعوض لنخر)، ثم ركبنا الباص، والجو حاراً جداً حيث كانت الساعة الثانية والنصف 2:30ضهراً، وجوهنا ترشح بشدة وملابسنا تضهر عليها بقع مبللة من شدة الحر، وصلنا الى بوابة مطار عدن، حي عبود بالتحديد، اوقفنا الباص لننزل، توجهت مسرعاً صوب مسكني، لأزيل ذلك التعب في ذلك اليوم الشاق، وكلي أملاً ان حضنها في الشتاء دافئً، وفي الصيف بارداً، وقربها راحة وأطمأنان، هي التي مجرد ما اسافر او اغادر حي عبود اشعر بفقدها واشتاق لرؤيتها ومعايشتها، نعم هي ملجأي ومرجعي، هي من أنام في أمان بحضنها، عدت وكلي أمل انها الوحيدة من تزيل كل مابي من تعب وارهاق.
ركضت مسرعاً ويدي في محفظة البنطلون الذي ارتديه حيناها لأخراج مفتاح السكن، منطلقاً اليها، ولكن طأطأت رأسي، وزاد الهم والضيق، وبدا التعب والمشقة يظهران على وجهي، وكادت ملابسي ان تغتسل بالعرق ويتصبب بشدة دونما رحمة من اجواء عدن الحارة، ذهبت أليها وهي بشكل عجوزة غزاها الشيب عمرها ناهز مئة عام، لاتقوى على احتظان ابنها، ولاحتى الوقوف على قدميها.، تشكي حرارة الاجواء في ذلك اليوم، منذ ان فتحت بابي تلوح لي بإشمئزاز نادمة مماجرى لها، حرارة تنبثق من جسمها، بائس شكلها، فأقفلت الباب ورجعت للخلف لأذهب أمضغ القات مع رفاقي الذين اقعد معهم كل يوم في الحي المجاور.
لاتعلمون من هي حبيبتي؟ وماذا جرى لها؟، ولا تعلموا ما الذي جعلني ارجع للخلف واغادر مسكني،دونما اغتسل او ارتاح بحضنها؟
سأقولها، دونما تحزير لكم، هي غرفتي، نعم غرفتي في ذلك السكن اللعين، عدت أليها وكلي أمل في العودة اليها، وهي باردة كوني تركت المكيف شغال منذ ان خرجت منها في الثامنة صباحاً ذلك اليوم، ولكن عدت والكهرباء منطفيةٌ، والحر الذي فيها لايضاهيه حر، حتى في خارج السكن تحت الشمس لم تكن الحرارة كالتي في غرفتي، عدت محبطاً بائساً يائساً، والضيق والهم يكسيان وجهي، جراء الانكسار الذي وقعت فيه، عندها قررت في ذلك الوقت مغادرتها من على حافة بابها دونما ادخلها، وذهبت لتعاطي القات مع رفاقي في الحي المجاور حتى عدت لها بعد الثامنة مساء.
ليست غرفتي المذنب بحقي، ولم اسألها لماذا اذنبت هكذا بحقي دونما تبادلني نفس المشاعر التي ابادلها، ولكن يتحمل ذنب انكساري، وانكسار مئات الآف المواطنين العائدين من اعمالهم منهكين الى منازلهم، ليجدوها الكهرباء منطفئة، هي الكهرباء نعم هي المذنب ومن يديرها وحكام هذا البلد الذين يعذبون هذا الشعب كل يوم وكل صباح ومساء.