أوراقٌ مزيفة وأدوات مفضوحة لم تثنِ شعب آمن بالكفاح وتقرير المصير

أوراقٌ مزيفة وأدوات مفضوحة لم تثنِ شعب آمن بالكفاح وتقرير المصير

أوراقٌ مزيفة وأدوات مفضوحة لم تثنِ شعب آمن بالكفاح وتقرير المصير
2025-05-28 23:16:40
صوت المقاومة الجنوبية/خاص

 

كتب/د. أمين العلياني

في مسرحيَّةٍ مكشوفةٍ، تعيدُ قوى الشرعية الشمالية، ومن يقف خلفها إنتاجَ أدواتها التعذيبية، محاولةً تمريرَ فشلها عبرَ ورقة جديدة لم يعد يُنصت لها أحد: تدهور الأوضاع الاقتصادية؛ فبعد أن أفرغوا خزائنَ الدولة، ونهبوا مقدراتِ الشعب، وعبثوا بالأرض فسادًا، وتركوا المواطنَ يُقاسي ويلاتِ الغلاء وانهيار العملة، ها هم اليوم يرفعون التعرفة الجمركية للدولار خدمة للحوثي، وكأنما يعلنون للعالم أنهم لم يجدوا سوى سلاح الجوع لمواجهة شعبٍ آمن بعدالة قضيته، وطالب بتقرير مصيره، ورفض أن ينحني للابتزاز مهما كلفه الثمن.  

لطالما كانت الحروبُ الاقتصاديةُ أداةً تستخدمها قوى الشرعية الشمالية ضد شعب الجنوب، حتى أصبحت دليلًا على عجزهم؛ فالشعب الذي خاض معاركَ التحرير، ورفضَ المشاريعَ الوهمية، لن تُثنيه تعرفةٌ جمركيةٌ، ولا تضخُّمٌ مفتعلٌ، ولا انهيار خدمات، ولا حتى تأخيرُ الرواتب المُتعمَّد فهو متوقع ذلك وزيادة، إنها لعبةٌ قديمةٌ بوجوه جديدة، يُراد منها تحميلُ الشعب  في الجنوب تبعاتِ جرائمِ نظامهم التي لا تختلف عن جرائم الحوثي السلالي؛ لكن الحقيقةَ التي يعرفها الجميع هي أن هذا التدهورَ صناعةٌ ممنهجةٌ، ونتيجةٌ حتميةٌ لفسادِ من ادَّعوا الشرعية في أرض غير أرضهم وهم أولُ من انتهكها.  

لقد جرَّبوا من قبلُ ورقةَ الانهيار الاقتصادي مرارًا؛ لتحقيق مكاسب سياسية؛ لكنهم نسوا أن شعبَ الجنوب الذي وقف صامدًا أمام القصف والدمار، لن تُرهبه أسعارٌ أو أزماتٌ مصطنعة؛ فالأيامُ كشفت زيفَهم، وأثبتت أن السياسات الاقتصادية الفاشلة ليست سوى غطاءٍ لإخفاقاتهم العسكرية وغير الأخلاقية أمام تحرير شعبهم من عبودية الحوثي السلالي، فهل يعقل أن يكون  المُدمِّر يأمل منه أن يكون هو المنقذ ذاتُه؟!  

اليوم، يعرفُ الشعبُ في الجنوب كلَّ الأوراقِ التي يُلوحون بها، ويعرفُ أن هذه الضرباتِ الاقتصاديةَ ما هي إلا صرخةُ عجزٍ أخيرةٍ من نظامٍ أنهكته المواجهةُ مع إرادة الأحرار، ولئن حاولوا تركيعه بالجوع، فإن تاريخَ الشعوبِ العظيمة يُخبرنا أن الأزماتِ تُنتجُ المناعةَ، لا الهزيمة؛ فما زال هناك من يؤمن بأن التحررَ لا يُباعُ بالدولار، ولا يُشترى بأسعارٍ مُضاعفة، ولا تهزم الإرادات المتعطشة للحرية بمحاولات إذلالها بالجوع لأن العبودية بالنسبة لهم ليست اسوأ من الجوع، كما أن الحرية لا توهب بالرفاهية، بل بالصبر والصمود والتغلب على كل الأزمات.

ها هي أدواتُ القمعِ القديمةُ تُعادُ تدويرها؛ لكنها تسقطُ من أيديهم كالرماد، فالشعبُ الذي رفضَ المشاريعَ الاستسلامية، وأبى أن يكونَ رهينةً للمساومات، قادرٌ على اجتيازِ هذه العاصفةِ المصطنعة؛ لأن الحقَّ أقوى من كلِّ تعرفةٍ جمركية، والإرادةَ أصلبُ من كلِّ فقرٍ مُخطَّط، وإنَّا لموقنون أن وراء هذه الأزمةِ فجرٌ جديدٌ، لن يُضيئه إلا دمُ الأحرارِ، وصبرُ الصامدين.