في الـ 30 من نوفمبر 1967م بدأ التاريخ الحديث للجنوب العربي بإعلان استقلال الجنوب وقيام دولته المستقلة وعاصمتها عدن، ورثت الدولة الجنوبية الحديثة مؤسسة جيش محترف أشرفت على إعداده وتدريبه جيدًا السلطة الاستعمارية البريطانية التي حكمت الجنوب منذ 1839 وحتى 1967م وانحاز هذا الجيش إلى صف الشعب الجنوبي وثورته ضد المستعمر البريطاني، كما ظل كذلك منحازًا لصف الشعب الجنوبي في كل المراحل.
وتمكنت الدولة الجنوبية من بناء "جيش وطني احترافي بمساعدة الاتحاد السوفيتي حتى صار ضمن أقوى جيوش المنطقة، وخاض حروب دفاعية أبرزها حربي 1972 و1979م مع جيش الجمهورية العربية اليمنية وخرج من هذه الحروب منتصراً، واستقلال" الجنوب العربي " تحت اسم " ج ي ج ش " في 30 نوفمبر 1967م وبالتحديد في الأعوام 68-1969م تم دمج جيش البادية الحضرمي مع جيش الاتحاد النظامي وقد شكل هذا الدمج النواة الأولى للجيش الوطني لدولة الجنوب المستقلة.
وفي عام 1970م، تم تأسيس أول كلية عسكرية على أنقاض مركز التدريب في عدن الصغرى بين الجبلين "صلاح الدين" حالياً، وفي 1 سبتمبر من عام 1971م تم تخرج أول دفعة من الكلية العسكرية واعتبر ذالك اليوم حدث تاريخي مهم في تطور القوات المسلحة لــ" ج ي ج ش "، وأصبح يحتفل به كعيد للقوات المسلحة للجنوب، وفي الأعوام من 69-1972م توجهت دولة الجنوب إلى استكمال بناء القوات المسلحة الوطنية وبعثت للدراسة في الخارج في أكاديميات وكليات ومعاهد الاتحاد السوفيتي والبلدان الشقيقة والصديقة الأخرى آلاف الكوادر من أبناء الجنوب.
*حماية وتأمين الملاحة الدولية*
وظل الجنوب بموقعه وجيشه لاعباً محورياً في تدعيم عناصر الاستقرار الإقليمي وفي حماية وتأمين الملاحة والتجارة الدولية حتى في أوج اشتداد الصراع والتنافس الدولي على مصادر الطاقة والممرات والمضائق التجارية حيث كانت الممرات التجارية في المياه الإقليمية والدولية في بحر العرب والبحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي محمية ومؤمنة بصلابة قوات البحرية للدولة، ولم تشهد أي حادثة قرصنة طيلة وجود جيش الجنوب "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" ولهذا السبب وغيره كان الجنوب ومازال هدفاً للتظيمات الإرهابية التي وظفتها القوى اليمنية كوسيلة غزو واحتلال.
*مواقف خارجية مشرفة للجنوب وجيشه الباسل*
-وقوف دولة الجنوب إلى جانب الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير بقيادة المناضل "ياسر عرفات".
-كان الجنوب عضواً في ما عرف سابقا بجبهة الصمود والتصدي ضد مشروع كامب ديفيد إلى جانب ليبيا والجزائر والعراق وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
-كان للجيش الجنوبي موقفاً عربياً مشرفاً أثناء الحرب التي خاضتها مصر العربية وهذا الموقف ساعد كثيرا إلى حد ما في تحقيق انتصار أكتوبر عام 1973م على إسرائيل ، وهو إغلاق مضيق باب المندب أمام الملاحة الدولية لمدة 20 يوماً.
-بعثت جيش الجنوب لواءً متكاملاً من جيشها إلى لبيبا للمساهمة في الدفاع عن أراضي وشعب ليبيا عام 1978موعام 1982م.
-وقفت دولة الجنوب، إلى جانب دولة الكويت أثناء الغزو العراقي لها، وخرجت المسيرات في عدن رافضة لاحتلال الكويت معبراً عن موقف شعب الجنوب ودولته الرافض للغزو على عكس الجمهورية العربية التي خرجت مسيرات في شوارعها تؤيد الغزو وتدعو الجيش العراقي لغزو ما تبقى من دول الخليج وكانت شعاراتها نفس الشعارات المعادية التي ترفعها المليشيات الحوثية ضد دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات.
-شاركت دولة الجنوب - جمهورية اليمن الديمقراطية - بقوات من جيشها في عدد من البلدان للدفاع عن الامة العربية، أبرزها إرسالها مقاتلين جنوبيين إلى لبنان عام 1982م لصد الهجوم الاسرائيلي.
*الرئيس الزُبيدي.. دور تاريخي في إعادة بناء القوات المسلحة الجنوبية*
وفي أعقاب النجاحات الكبيرة التي حقّقها الجنوب العربي على مدار الفترات الماضية ضد القوى الغازية والإرهابية، سعت تلك التيارات المارقة للقضاء على الجيش الجنوبي، وشنت على الوطن حروبًا عدة، وحجم الحروب التي تم شنّها ضد الجنوب كانت وحشية للغاية، وتضمنت إشهار الكثير من الأسلحة ضد الجيش الجنوبي، سواء على الصعيد العسكري المباشر، أو على صعيد التهميش والإقصاء.
ومع ضراوة الاستهداف الذي تعرض له الجنوب، جاءت الانتفاضة العسكرية الجنوبية على يد الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، حيث استطاع الرئيس الزُبيدي، بحكمة واستراتيجية وحزم وحسم، أن يعيد بناء القوات المسلحة الجنوبية، ليقود أحرار الجنوب لمرحلة جديدة في تاريخ النضال الوطني.
وتمثلت اللبنة الأولى التي أعاد بها الرئيس الزُبيدي تشكيل القوات المسلحة، في تشكيل المقاومة الجنوبية لتنطلق من أرجاء الجنوب قاطبة لتحرير الوطن من قوى الاحتلال المارقة، وحرص الرئيس الزُبيدي على تكريس كل جهوده لتحقيق هذه الغاية، فعمل على إنشاء معسكرات تدريبية لتدريب كتائب المقاومة، ومن تلك اللحظة جرى المضي قدمًا في تأسيس أو بالأحرى إعادة بناء القوات المسلحة الجنوبية.
وإعادة البناء تلك المقاومة هي نفسها التشكيلات الحالية التي تشملها القوات المسلحة الجنوبية، والتي تملك مقدرات كبيرة وتلعب دورا محوريا على صعيد مكافحة الإرهاب والتصدي لمخططات قوى الاحتلال، ولا ينسى الجنوبيون، في هذا الإطار، دور دولة الإمارات العربية المتحدة، التي قدّمت دعمًا كبيرًا لصالح المنظومة العسكرية الجنوبية لتكون قادرة على مكافحة الإرهاب ومجابهة قوى الشر المثيرة للفوضى المشؤومة.
ويضاف إلى ذلك حالة المقاتل الجنوبي نفسه الذي يملك كل الجسارة والقوة من أجل مكافحة الإرهاب، متسلحًا بعزيمة وطنية تدفع نحو تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وحالة القوة التي تملكها القوات المسلحة الجنوبية، بقيادة وإشراف ومتابعة وعناية الرئيس القائد الزُبيدي، مكَّنت الجنوب من تحقيق مكتسبات كبيرة كان لها وقعها الإيجابي على صعيد تحقيق الاستقرار في أرجاء الجنوب.
*إنجازات القوات الجنوبية خالدة في ذاكرة شعبنا*
وتحت هذا العنوان جاءت كلمة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بمناسبة ذكرى ال(53)لتأسيس الجيش الجنوبي.
حيث قال الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، يوم السبت بمناسبة ذكرى تاسيس الجيش الجنوبي، إن "تجربة بناء القوات المسلحة الجنوبية بعد الاستقلال الأول، كانت إحدى التجارب الوطنية المتميزة على مستوى المنطقة، والتي يمكن استلهامها والاستفادة من دروسها وخبراتها ونجاحاتها باعتبارها جزءًا من الذاكرة الحيّة والإرث التاريخي لشعبنا".
وأوضح في تغريدة على منصة إكس يوم السبت "ونحن نحتفي اليوم بالذكرى الـ53 لتأسيس جيشنا الجنوبي، نستذكر إرثا طويلا من التضحيات والانتصارات، والإنجازات الوطنية العظيمة التي سطرتها قواتنا المسلحة الباسلة على امتداد تاريخنا الوطني".
وتابع "تلك الإنجازات ستبقى خالدة في ذاكرة شعبنا وفي سياق كفاحه الطويل والمضني من أجل تقرير مصيره وبناء دولته الجنوبية ومؤسساتها وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والأمنية المجسدة لإرادته وخياراته السياسية المستقلة".