بقلم: نادرة عبدالقدوس
اليوم، نحتفي بالذكرى السابعة، لتأسيس الكيان السياسي الجنوبي الذي انتظره الشعب ثلاثة عقود، منذ إعلان الحرب عليه من قبل الطاغية عفاش، عام ١٩٩٤م وغزوه لعدن، بأسلحته التي حصدت آلاف الشهداء، من شباب المقاومة ومن المواطنين من النساء والأطفال وكبار السن، لم يرحموا أحداً ولم يحترموا مواثيق واتفاقيات أو عهود وليس لهم إلاً ولا ذمة. دمروا البشر قبل الحجر والشجر وأحالت دباباته مدينة عدن، إلى خراب وكان التعامل مع المواطن الجنوبي، بعنجهية وصلف.
الإعلان عن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، كان بحق، طوق النجاة الذي كنا في انتظاره. عندما كنا في ساحات الحراك الجنوبي الذي انطلق فعلياً في السابع من يوليو من عام ٢٠٠٧م، وكان اختيار هذا التاريخ، رداً على اليوم المشؤوم الذي تم فيه احتلال عدن من عام ١٩٩٤م المشؤوم، تساءلنا كثيراً وطويلاً ، متى سيجتمع شمل الجنوبيين؟ ومتى سيكون لنا كيان يحمل ملف قضيتنا ويدافع عنها في المحافل العربية والدولية؟ متى ستلتقي رؤى الجنوبيين ويتفق الجميع على توحيد جهودهم ورص صفوفهم والاتفاق على كلمة سواء لمواجهة العدو والانتصار عليه والعمل من أجل استعادة وبناء دولة الجنوب. ثم جاءت الحرب الثانية التي أعلنتها مليشيات الحوثي، في مارس ٢٠١٥م، لتأكل الأخضر واليابس وتحرق الجنوب للمرة الثانية. وفي كلا الحربين، كان التصدي لهما من قبل المقاومين الشباب الذين خرجوا إلى ساحات القتال بصدور عارية، لم يبخلوا بدمائهم وأرواحهم فداءً للجنوب، لينتصر شعب الجنوب على أولئك الغزاة ودحرهم من الجنوب منكسي رؤوسهم خائبي الرجاء.
وها هو مجلسنا الانتقالي الجنوبي، اليوم، في ذكرى تأسيسه، في مثل هذا اليوم المشهود الذي فوض فيه الشعب، اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيساً له وقائداً لنضاله نحو استعادة دولته، لا يضاهيه كيان سياسي ونقولها حقيقة. وقد كانت وما زالت هناك محاولات عدة لتشكيل كيانات سياسية، مماثلة للانتقالي، في الداخل والخارج، لكنها محاولات باءت بالفشل، ذلك، لأن سر بقاء وقوة وثبات المجلس الانتقالي، يكمن في شعبه الذي التف حوله، منذ ولادته ولم ولن يتخلى عنه، لأنه ولِد من رحم المعاناة ومن عمق المجتمع الجنوبي.
سبع سنوات، حقق فيها الانتقالي جملة من المكاسب ولعل أبرزها واهمها تعريف المجتمع الدولي بالقضية الجنوبية وبحقيقة التآمر على الوحدة اليمنية، كمشروع فشل في مهده وأن الحرب التي قامت بعد فشله، إنما الهدف منها التخلص من الشريك الجنوبي واكتساح الجنوب بقوة السلاح وتدمير مؤسساته ونهب ثروات ومكتسبات شعبه التي حققها منذ الاستقلال الوطني.
مضى المجلس الانتقالي الجنوبي بثبات، بقيادة رئيسه عيدروس الزُبيدي، في طريق شائكة، غير معبدة وواجه الكثير من التحديات الصعبة وما زال الكثير منها قائماً، بل وتزداد حدة، كلما تجدرت قواعده وامتد ظلاله إلى كل شبر من أرض الجنوب، من باب المندب إلى أقصى حد في المهرة وإلى سقطرى وميون وجزر الجنوب الأخرى، كافة.
نجح المجلس الانتقالي في تحقيق الأمن والاستقرار في الجنوب، رغم بعض المحاولات الخائبة، لإفشاله، من خلال بث الاشاعات ضده والتزييف في الحقائق وترويع المواطنين بأحداث وهمية وأكاذيب من نسج خيالاتهم، إلا أن هذه المحاولات تصطدم بصخرة منيعة لا يمكن هدمها، إنها الضمائر الحية لأبناء الجنوب الشرفاء الذين يدركون جيداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي وُجِد ليبقى حتى استعادة دولة الجنوب، وإن هذا الهدف، بات قاب قوسين أو أدنى من التحقيق وإن غداً لناظره قريب.
نعم، ودون أي مواربة، هناك أخطاء وبعض جوانب السلب والاخفاق في مسيرة نشاط المجلس الانتقالي، لكن من هذا الذي لا يخطأ؟ وتعترف قيادة المجلس بذلك ولكن، هناك تقييم دائم ومستمر لنشاطات المجلس من الأعلى إلى الأدنى وهناك تحسين وتطوير لأداء هيئاته المختلفة، لأن الهدف الأسمى، هو استعادة الجنوب وبناء الدولة الفيدرالية الجديدة وحتى تحقيق ذلك اليوم، يحرص الانتقالي على تصحيح الاعوجاج إن وجد في جسده ولا مهادنة مع المسيء لنضال شعب الجنوب والمسيء، بشكل عام، لتاريخه الوطني المشرّف.