كتب/د.عيدروس نصر
(1)
في العام 2010 كنت مشاركاً في إحدى الفعاليات لجماهيرية الكبيرة المعارضة التي قيل فيها الكلام الكثير عن حالة الناس في المحافظة وعلى وجه الخصوص معاناة أبناء حضرموت مع الجماعة العسكرية التي كانت هي الآمر الناهي في المحافظة وهي المهيمن الأول على صناعة القرار وعلى مصادر الثروة وعلى التصرف بالأراضي والموانئ والمطارات، وشواطئ الاصطياد ولثروة السمكية عموما وعلى حركة التجارة وكل أملاك الدولة، وحينما خرجنا مع عدد من الزملاء في جولة حوالي مدينة المكلَّا لفت نظري تلك القصور الشاهقة المبنية على أكثر الأماكن ارتفاعاً وأكثرها أمنا وإطلالها على الشاطئ حوالي المدينة وتتميز (تلك القصور) بحداثة التصميم والتحصينات المحكمة والمساحات الواسعة المحيطة بكل منها، وحينما سألت عن أصحاب هذه المنشآت قيل لي أن هذا قصر القائد العسكري (فلان) اولثاني للقائد العسكري (فلان) والثالث والرابع والخامس وهكذا دواليك، وطبعا لم يكن بين هؤلاء واحداً من أبناء حضرموت ولا من أي محافظة من الجنوب.
(2)
وبالعودة إلى الفعالية فقد كان نجم النجوم هو الشاعر الحضرمي المعروف جمعان با عكيم الذي ألقى أكثر من قصيدة، وكان شعره أكثر ما ألهب قاعة الفعالية بالتصفيق والحماس حتى أن بعض الحاضرين طالبه بالمزيد لولا أنه قدر ضيق وقت البرنامج واعتذر، وكان شعره كعادته موجهاً نحو انتقاد السياسات الجائرة التي تعامل بها حضرموت وأبناء حضرموت وكل الجنوب وأبنائه من قبل سلطات 7 يوليو، ولم يفته التذكير بحق الجنوبيين في استعادة حقهم وبناء دولتهم.
(3)
لم تحمل زيارة الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى حضرموت سوى ثلاثة اشياء لا قيمة عملية لها ولا علاقة لحضرموت وأبنائها بها:
الأول نقل كتيبة من قوات ما يسمى بــ"درع الوطن" وترتيب قادتها وأفرادها في ساحل حضرموت، أي في المنطقة العسكرية الأولى التي تقع تحت الإشراف العسكري للنخبة الحضرمية التي كانت قد حررت منطقة الساحل بكل مدنها ومديرياتها من الجماعات الإرهابية التي تسلمت المنطقة بلا حرب من القوات الشمالية الشقيقة في الأعوام ٢٠١٢-٢٠١٥م.
الثاني وضع مجموعة من أحجار الأساس التي لدى الحضارم منها المئات منذ زمن الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح والمحافظ الخولاني والرئيس هادي وأحمد بن دغر، والتي لا تعني سوى عنوان للكذب والضحك على الدقون.
والثالث، إعلان باهت بأن حضرموت ستدير شؤونها بنفسها وسلطتها المحلية، وهذا ليس اكتشافاً لقارة جديدة أو لكوكب جديد في درب التبانة، وإنما هو سرقة معلنة لما ورد في ميثاق الشرف الجنوبي وفي خطابات اللواء عيدروس الزبيدي، عشرات المرات، مع فارق أن كلام العليمي يأتي مرتجلاً وعشوائياً ودعائياً بدون أية رؤية سياسية أو مسوقات نظرية بينما يأتي مشروع المجلس الانتقالي في إطار رؤية شاملة لمفهوم الدولة الجنوبية الفيدرالية التي تشمل كل مقاطعة وإقليم ومحافظة جنوبية، وهو مشروع قابل للحياة ولم يقدم كرشوة لمحافظة دون غيرها، كما تفعل الحكومات المتوارثة منذ ٧/٧/ ١٩٩٤م.
(4)
إعلام إسطنبول ومعه إعلام الشرعية المتنقلة، يصمم على تصوير مهرجان يوم الأرض في محافظة حضرموت، على إنه رداً على تكوين ما يعرف بــ"مجلس حضرموت الوطني" الذي أعلن منذ ايام في عاصمة الشقيقة السعودية، ولو رجع هؤلاء بالذاكرة إلى الوراء عاماً واحداً أو عامين، أو حتى شهراً واحداً أو شهرين لتذكروا أن حضرموت وكل محافظات الجنوب تحتفل كل عام بذكرى يوم الأرض الذي يصادف ذكرى الغزو والاجتياح الأول في السابع من يوليو من كل عام، رفضاً للحرب ونتائجها التدميرية على كل الجنوب وتمسكاً بالأرض والحق الجنوبيين، وليس نكاية بأحد أو منافسةً له.
ولو فعلوا ذلك لتذكروا أن المجلس الانتقالي الجنوبي قد عقد جمعيته الوطنية في حضرموت منتصف شهر مايو الماضي وتحولت الفعالية إلى مهرجان جماهيري شهده القاصي والداني قبل حتى السماع بشيئ اسمه "مجلس حضرموت"، ولا أفهم لماذا يصر البعض في تصوير مواقف المجلس الانتقالي الجنوبي على إنها تأتي ضد هذا المجلس الذي لم تكتمل ولادته بعد وما يزال مشروع جنيني غير واضح الملامح والأهداف والهيئات.
وبمناسبة هذا الحديث فقد قال لي بعض الناشطين من أبناء حضرموت، إنهم كمحتفلين بيوم الأرض يرحبون بمن كلفوا بتاسيس هذا المجلس "ليأتونا ويشاركونا هذه الفعالية ويعبروا عن إدانتهم للمضمون الاحتلالي البغيض للسابع من يوليو، وتأييدهم للحق الجنوبي في الانعتاق من نتائج هذه الذكرى المشؤومة واستعادة دولتهم الوطنية، وإذا ما فعلوا هذا فأهلا وسهلا بهم".
لن تحتفل حضرموت وحدها بيوم الأرض بل ستحتفل معها كل محافظات ومديريات الجنوب تمسكاً بالأرض والتاريخ والهوية ومشروع الدولة الجنوبية الفيدرالية القادمة، وبطبيعة الحال ليس لدى بقية محافظات الجنوب طبائن أو ضرائر يمكن التشفي بهن في هذه الفعالية التي يقيمها الجنوبيون كل عام.
وللحديث بقية