كتب / احمد حرمل
ادى نجاح اللقاء التشاوري للمكونات والقوى الجنوبية إلى إصابت القوى والنخب الشمالية بصداع أفقدها توازنها عبرت عنه وبشكل هستيري بتصريحات نارية حملت في طياتها التهديد والوعيد .
ارتفاع حدة صراخ الإخوان والنخب الشمالية الاخرى المنضوية في اطار الشرعية إلى درجة موازية لصرخة قناديل مليشيات الحوثي وما رافقهما من تصعيد عسكري في جبهات الضالع وكرش وثرة وبيحان والانتشار العسكري لوحدات والوية المنطقة العسكرية الاولى في صحراء ووادي حضرموت ، ما هو إلا دليل واضح على شدة الألم الذي سببه لهم نجاح اللقاء التشاوري ووحدة الصف الجنوبي، وبين صراخ الاخوان وصرخة الحوثي يظل الجنوب هو المستهدف .
إن عودة الحديث عن الوحدة وعن اليمن الاتحادي والتأكيد على ذلك في بيانات بعض الأحزاب وفروعها في المحافظات وكتابات وتصريحات بعض القيادات السياسية والعسكرية والنخب الشمالية التي وصلت إلى التهديد والوعيد والتلويح بالقوة للحفاظ على ما تسمى الوحدة التي ذبحت من الوريد الى الوريد في حرب 1994 م هذه الحرب التي تحول معها الوضع في الجنوب إلى وضع احتلال بكل ما تحمله الكلمة من معنى هو تكرار لنهج الوحدة بالقوة وشعار الوحدة او الموت .. هذا النهج الذي رفضه شعب الجنوب وقاومه بمختلف الاشكال والوسائل وهو أعزل وقدم الآلاف من الشهداء والجرحى .. هذا النهج الذي حاولت المليشيات الحوعفاشية ترسيخ جذوره في حرب غزو الجنوب الثاني في عام 2015 هزمه شعب الجنوب شر هزيمة وطرد أدواته وطهر أرضه منها ،فكيف يمكن قبوله اليوم بعد أن تغيرت المعادلة على الأرض وبعد أن أصبح للجنوب اليوم انياب ومخالب قادرة عل نهش كل من يحاول المساس بما تحقق من انتصارات ومكاسب للقضية الجنوبية .
هل تدرك قوى الشمال ونخبها ان مجرد الحديث عن الوحدة وعن اليمن الاتحادي اليوم مرهون باستعادة الجمهورية في الشمال اولا وماعدا ذلك فما يقال مجرد كلام غير مسنود بميزان قوه قادر على الفعل.
إن الحديث عن الحملة الهستيرية الشرسة التي يتعرض لها المجلس الانتقالي وشركاؤه ليست وليدة الصدفة ولا هي ردة فعل على نجاح اللقاء التشاوري كما يعتقد البعض ولكنها سياسة ممنهجة دأبت قوى ونخب الشمال على اتباعها ضد الجنوب وقواه الحية منذ انطلاق الحراك الجنوبي ولا زالت قائمة حتى اليوم ولكي نعرف خلفيتها نود أن نتطرق إلى مشاريع القوى التي تقف خلفها والى مشروع قوى الجنوب ، فالمتابع لتطورات المشهد السياسي سيجد أن هناك ثلاثة مشاريع برزت إلى السطح هي على النحو التالي :
المشروع الأول
هو مشروع الإمامة بالقوة وهو القائم حالياً في الشمال بحكم القوة وبعد ثمان سنوات من الحرب استطاع هذا المشروع أن يفرض نفسه كسلطة أمر واقع ويتم التعامل معه من قبل المجتمعين الدولي والإقليمي على هذا الأساس .
ومن خلال الحراك الدبلوماسي والجهود الأممية التي تشهدها المنطقة من أجل إيقاف الحرب وإيجاد تسوية تؤدي إلى سلام دائم وأبرز تلك الجهود هي الحوار الثنائي بين المملكة ومليشيات الحوثي بوساطة عمانية وبمباركة أممية ،كل هذا يؤكد بأنه تم تصفية الملعب سياسيا وعسكرياً في الشمال لصالح مشروع مليشيات الحوثي وهذا المشروع من وجهة نظر أصحابه يستند مشروعيته من الأصطفاء السلالي في المجتمع والحق الإلهي في الحكم .
إن المؤشرات على الأرض تؤكد بأن مليشيات الحوثي تسعى إلى استكمال مشروعها في الجنوب من خلال الاستفادة من تسوية هشة تمكن المليشيات من كسب الوقت لتجهيز نفسها لاستكمال مشروعها في الجنوب.
المشروع الثاني
هو مشروع الوحدة بالقوة تحت مسمى اليمن الاتحادي ، هذا المشروع تم إزاحته من الشمال ولا يوجد له قبول في الجنوب ولذا فإن الأطراف الشمالية المهزومة شمالاً والمنضوية في اطار الشرعية والمشاركة في حكم الجنوب تتشبث بصحراء ووادي حضرموت وتحاول إسقاط شبوة والاتجاه إلى عدن لاسقاطها وبقية محافظات الجنوب المحررة لفرض الوحدة بالقوة تحت مسمى اليمن الاتحادي، ولكون الإمامة بالقوة والوحدة بالقوة هما مشروعان لعقلية واحدة سيثم الاتفاق بينهما على عمل خلطة تجمع بين المشروعين على طريقة النظام الإيراتي تجمع بين الولاية والجمهورية أو بنفس الطريقة التي كانت قائمة في عهد عفاش التي جمعت بين رئيس الشيخ وشيخ الرئيس يتم فيها الاتفاق على توزيع السلطة والثروة والنفوذ.
المشروع الثالث
هو المشروع الذي يتبناه المجلس الانتقالي وشركاؤه من المكونات والقوى الجنوبية التي شاركت في اللقاء التشاوري الذي انعقد في عدن خلال الفترة من 4 - 8 مايو المنصرم ويتمثل هذا المشروع في استعادة دولة الجنوب إلى ما كانت عليه قبل 22 مايو 1990 تتويجاً لنضالات شعب الجنوب المتعددة الاشكال وتحقبقا لآمال وتطلعات شعب الجنوب ووفاء للتضحياته الغالية والجسيمة التي قدمها خلال ثلاثة عقود .
وأبرز التحديات التي تواجه هذا مشروع المتمثل استعادة دولة الجنوب هي :
1- استكمال السيطرة على صحراء ووادي حضرموت وتحريرها من أصحاب مشروع الوحدة بالقوة ومحافظة المهرة المفخخة بالعديد من المتناقضات المحلية والإقليمية.
2- عدم اعتراف قوى ونخب الشمال السياسية والدينية والعسكرية والقبلية بحق شعب الجنوب في استعادة دولته كنتاج طبيعي لفشل مشروع الوحدة .
3 - الدفاع عن محافظات الجنوب المحررة من محاولات أطراف الشمال المتصارعة إسقاطها بمختلف طرق ووسائل القوة واعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل حرب 2015 وفرض الوحدة بالقوة.
4- تخادم القاعدة وداعش مع مليشيات الحوثي وبعض الأطراف الشمالية المنضوية في الشرعية بهدف زعزعة الأمن والاستقرار وانهاك قوات القوات الجنوبية في معارك عدة وبالتالي تقدم الجنوب للمجتمع الدولي كبيئة حاضنة للإرهاب .