لقد كان شهر مايو ٣٠٢٣ شهرا جنوبيا بامتياز، فما أعظمك يا شعب الجنوب، حين تحول الحزن فرحا، والهزيمة نصرا، وتبني فوق جراحك الدامي حلم يبتسم أملا، وتجعل من الزمن مفارقات عجيبة، بل مدهشة، لقد سبقت الجميع، فلا يوجد في المعمورة أي شعب يشبهك، فحين جاءت بشئ لم تأت به الأوائل، بل عجزت كثيرا من الشعوب والأمم أن تجعل مناسبات الحرب والنكبات، احتفالات وأعيادا .
في هذه الساعات من هذا اليوم وفي هذا الشهر نودع شهر مايو وقلوبنا تواقة إليه، فقد كان ذات يوم نكبة، جثم وخيم على شعبنا بكلكله وكل أوزاره ومظالمه، أهلك جيل الآباء، وضيع جيل الأبناء، ودمر كل شيء جميل في هذه الأرض الطيبي أهلها، وبعد مرور ثلاثة عقود ونيف صرنا نحتفل بك بطريقة مختلفة وبأسلوب راق ونهج جديد، فطوبى لك أيها الشعب الجبار الذي صيرت بإرادتك التواقة للحرية والكرامة والعيش الكريم تلك المأساة إلى مناسبات ووطن واحتفاء للمبادئ والقيم، وسير نحو ثقافة الحوار والشراكة وبناء السلام والسفر نحو المستقبل المشرق.
إنها الإدارة والإصرار والتضحية والفداء في سبيل تحقيق أهداف الثورة الوطنية الجنوبية التي ارتسمت بدماء الشهداء والجرحى ودموع الأمهات وأنين الأطفال.
أنها لمناسبات لا يسع المقام بوصفها ولا يحق لأحد أن ينتقص من قدرها لكون قدسيتها تجاوزت عنان السماء، ولا يسمح للعابثين والمتسلقين وكل من ارتضى لنفسه أن يكون من المخلفين الذين لا تهمهم المبادئ والقيم الوطنية أن يعبثوا بتلك الانتصارات والأهداف العظيمة التي تحققت.
أن ما يأسف حقا أن هناك من يظن أن الوطن حصرا له وأن لا مجال للاخر أن يكون شريكا لا في النضال ولا في بناء الوطن فتلك العقول الضيقة ما زالت تعيش في مناطقهم يطوفون حول كعبتهم ويدندنون على خطبة فقيههم وشخصهم الذي تعودوا على تقديسه، والخضوع المطلق له.
افقيوا أيها العاملين بالأجر الزهيد، لقد فاز وانتصر دم الشهيد، وارتفعت راية الوطن خفاقة في القلوب قبل قمم الجبال والسهول والوديان
أنها لدولة مدنية فيدرالية عادلة آمنة مستقرة يأتيها رزقها رغدا باذن ربها ..
وأن غد لناظره لقريب..
العاصمة السياسة عدن..