كتب/ أمجد ثابت الصوملي
الشهيد البطل علي قائد المعكر..
هكذا يرحل الأبطال دون إحداث ضجيج ولاضوضاء، أحدهم يرحل شهيداً برصاصة لايسمع لها صوت رغم أن صوتها يرعب الجبناء وهم من يسمعونه فقط، ولكنها لاتفتئ أن ترفع صوتها أمام هامات الشجعان، بل تأتيهم غدرا وهي صامته، وآخر يرحل بلغم أو صاروخ وهو يحمي عرينه، ويدافع عن وطنه، والبعض يموت قهراً وكمدا، تصعد أرواحهم إلى بارئها وهي مطمئنة مسلمة أمرها لله..
هؤلاء الذين أتحدث عنهم هم الذين يغادرون الحياة بأرواحهم ولكنهم لم يغادروا قلوبنا أبدا، وعند الله هم أحياء.
والكتابة عن تاريخ الأبطال تتطلب وقتاً كافياً، وفراغ وفير، ومرجعيات نستلهم منهم بعضا من تاريخ الأبطال ورفاق عايشوهم يمدوننا بمعلومات عنهم، وكذلك لابد أن يكون حبر القلم الذي يكتب عن تاريخ الأبطال طاهراً من نجس التلميع والتمجيد.
بل يجب أن يكون القلم الذي يكتب عن الأبطال له تاريخ،هكذا يجب أن نمجد الأبطال والشهداء.
تصادفنا اليوم الذكرى ال٢٢ لاستشهاد أحد أشجع وأشرف من أنجبتهم أرض الجنوب..
الشهيد القائد البطل علي قائد المعكر..
هذا القائد البطل الذي أنجبته جبال الأزارق بالضالع، وعلى وجه الخصوص مديرية (الأزارق)..
تلك المديرية المحاطة بالجبال الشامخة، الجاثية على أرض قاحلة تكسوها قساوة الضروف وتلوكها أنياب المعاناة، وتطحن مشاعرها رحى الحرمان، ومع ذلك فهي مازالت متكئة على جذع نخلة في بستان الفداء، تبشرنا كل يوم ببطل جديد تنجبه وهي تهز بجذع النخلة، وإذ هي كذلك في وضع مخاض فإنها تستقبل فلذات أكبادها الذين يتساقطون في جبهات الوطن كما تتساقط الرطب من تلك النخلة، لم تحزن لذلك فهي تنجب من يرفعون رايات الوطن في ساحات القتال، ويقودون الرجال في ميادين الوغى في الساعات الشداد.
استشهد القائد البطل علي قائد المعكر ومر على استشهاده مايقارب ال٢٣ عاماً ولكن مازال تاريخه ساطع،ومجده لامع، واسمه يستوقف في الصفحات كل قارئ للتاريخ وكل متصفح ومهتم بالأحداث ومتابع..
شق طريقه برفقة أخيه ورفيق دربه الرئيس الرمز القائد عيدروس ورفاقهم وكان الطريق آنذاك شاق ووعر، اختاروا طريق الكفاح ضد المحتل الزيدي وقاوموا وناضلوا من أجل التحرر والانعتاق من قيود الظلم والتهميش والإقصاء، قاتلوا وناضلوا من أجل استعادة الحق المسلوب ومن أجل اقتلاع شجرة الموت التي زرعها المحتل في أرضنا نجني منها ثمرات الويل والثبور، وكان القائد البطل علي قائد المعكر من أول الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للدين والوطن وضحى بروحه الغالية من أجل شعب يعيش بسلام وحرية وهانحن اليوم بالعدد الذي يفوق آلاف الشهداء على درب البطل المعكر ورفاقه الأوائل الذين كانوا في الطليعة الأولى.
استشهد القائد المعكر بكمين نصبة له في طريقه في ليلة ال٢٧ من رمضان من العام ٢٠٠١م في بئر الزغلول جحاف وهو نازل -من جبل جحاف حيث كان هناك عرين الأسد- لزيارة والده في الساعة ال٤ عصراً.
الأبطال هم من يرحلون دون أن ترحل سمعتهم الطيبة وسجاياهم يضيئ تاريخهم لمن فتش في صفحاته ويلمع مجدهم من شامخات الجبال ومن سهول الأرض ووديانها والشعاب ينبثق ينبوع تضحياتهم.
الأبطال يسطرون التاريخ، ويصنعون المجد،يدافعون عن الحريات المسلوبة،يحمون الكرامة، ويصونوا المبادئ والشرف ولو كان يؤدي بهم ذلك إلى فقدانهم أرواحهم فهم لايبالون بأروحهم يقدمونها رخيصة من أجل الحرية والكرامة والمبدئ والشرف.
أما الأنذال لاتحدثونني عنهم ولن أحدثكم عنهم فهم يعرفون أنفسهم وإن شئتم إلا أن أخبرك فهم: أولئك الذين لاتقودهم أقدامهم عند المدلهمات إلا إلى طريق الهروب..
رحمة الله تغشاك أيها البطل المعكر وكل الشهداء الأبطال.
أمجد ثابت الصوملي