كتب/ عبدالكريم أحمد سعيد
ان الوحدة الوطنية الجنوبية هي الضامن لتحقيق هدف شعبنا الوطني في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية بنظام فدرالي على كامل ترابنا الوطني. وهنا تكمن أهمية دعوة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي للحوار الوطني الجنوبي ، إدراكاً بأهمية وجسامة هذه المهمة الوطنية العظيمة، باعتبار الحوار سلوكاً حضارياً ذو قيمة إنسانية رفيعة، يشكل نافذة فكرية للتواصل مع الأخر، لخلق تفاهمات تحت مظلة الجنوب لكل أبنائه، والعمل على تفعيل حق المجتمعات المحلية في رسم مستقبل الجنوب ، وفق رؤية وطنية واضحة لإستكمال تحريرالأرض وإدارتها وتأمينها ، وإنجاز مقتضيات الاستقلال الوطني على قاعدة الشراكة الوطنية في استعادة الوطن وبنائه وفق مرجعية الإرادة الجمعية لشعب الجنوب، والعمل على تحصين المجتمع سياسيا وردم أي فجوات حاصلة أو قد تحصل نتيجة لغياب الحوارات الجنوبية ، بوضع الحلول لكافة القضايا ذات الأهتمام المشترك ، وتحقيق التوازن والاستقرار السياسي والمجتمعي على المستوى الوطني.
ومن أهداف الحوار الوطني الجنوبي هو تعزيز قيم التصالح والتسامح الجنوبي، وتضميد جراح الماضي، وتحصين المجتمع من الاختراقات والمناكفات السياسية، والانطلاق الواعي والمسؤول نحو مستقبل آمن للجميع من خلال رؤية واضحة للعدالة الانتقالية، عند استعادة الدولة الجنوبية، مستفيدين من تجارب الشعوب الأخرى كرواندا وجنوب افريقيا ، للنأي بالجنوب عن أن يكون ساحة للصراعات الطائفية والأيديولوجية والسياسية المسلحة، وتجريم الاقتتال الداخلي أو استخدام العنف والقوة، وحل جميع الخلافات بالحوار والوسائل السلمية، وعلينا استخلاص الدروس والعبر من الماضي مع إغلاق كل ملفاته الأليمة، من أجل صنع غد أفضل ومستقبل مشرق للاجيال القادمة ( إذا أردت ان تعيش عليك ان تنظر إلى الأمام وإذا أردت ان تتعلم عليك ان تنظر إلى الوراء)
كما ان إعادة بناء الثقة بين الجنوبيين في غاية الأهمية، من خلال تجسيد السلوك الأخلاقي والإنساني الملموس ، والتعامل المسؤول بمصداقية بين كافة الاطراف الجنوبية ، والشراكه في القرار الوطني ، وحسن اختيار الكفاءات العلمية وأصحاب الخبرة والولاء الوطني للجنوب ، وتطبيق معايير وطنية وقانونية تضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل الاعتبارات الشخصية والحزبية والمناطقية.
كما ان تفعيل دور المرأة والشباب ومشاركتهم في عملية البناء والتغيير في غاية الأهمية، بأعتبارهم النواة المؤثرة والفاعلة داخل المجتمع، وتحظى بدعم وأهتمام دولي أيضاً، إلى جانب أحترام الحريات العامة والحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والقبول بالآخر، وضمان حرية الرأي والتعبير والتداول السلمي للسلطة.
ان الأهتمام بالتعليم والنمو الاقتصادي سيكون من أولويات الدولة الجنوبية الفدرالية القادمة، والاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى في هذا المجال؛ كماليزيا وسنغافورة وغيرها من الدول الناجحة، وتهيئة المناخ لعودة رأس المال الوطني الجنوبي للمشاركة في بناء الوطن الجنوبي الجديد، من خلال سن القوانين التي تحمي المستثمر وتشجع على جذب الاستثمار الوطني والعربي والأجنبي إلى بلادنا. بتفعيل القضاء واستقلاله وتطبيق النظام والقانون، ليسود الأمن والاستقرار في كل ربوع الوطن. والاستفادة من العقول العلمية الجنوبية؛ المفكرين ، المثقفين والأكاديمين الجنوبيين، في إدارة الدولة الجنوبية القادمة ، وفق المؤهلات والتخصصات والكفاءة والخبرة والنزاهة والولا الوطني للجنوب.
ولابد من الأهتمام بالمناضلين وأسر الشهداء والجرحى، فهم من أنار لنا طريق الحرية، واستعادة الدولة الجنوبية، سيخلدهم التاريخ وتتذكرهم الأجيال بكل فخرا واعتزاز.
الحوار الوطني الجنوبي ضرورة ملحة ومطلب استراتيجي ذو شأن داخلي لتعزيز اللحمة الوطنية الجنوبية وتوحيد الصف الجنوبي لمواجهة التحديات المحدقة بقضية شعب الجنوب ولن يكون موجهاً ضد أحد ، وبالتالي لابد من ترشيد الخطاب السياسي والإعلامي تجاه الآخر ، ونشر ثقافة المحبة والتعايش والسلام بين الناس، والعمل على تأمين المصالح المشتركة بين شعبي الجنوب والجمهورية العربية اليمنية والحفاظ على اواصر المودة والأخاء بين الشعبين الشقيقين، وتعزيز علاقة الشراكة والتعاون مع جيراننا وحلفائنا في التحالف العربي ، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. والانفتاح على العالم والإقليم ، بما يسهم في تبادل المنافع والمصالح المشتركة، والتعايش السلمي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
كما ان مكافحة التطرف واجتثاث الإرهاب، بكل أشكاله والوانه، يعد من أولويات بناء الدولة الجنوبية، لتحقيق الأمن والسلام في الجنوب واليمن والمنطقة بشكل عام, بالشراكة مع المجتمعين الإقليمي والدولي.
سيقود الحوار الوطني الجنوبي إلى تفاهمات وتوافقات جنوبية ، ينتج عنه ميثاق وطني جنوبي ، يعبر عن المصالح العليا لتطلعات شعبنا الجنوبي بمختلف شرائحه ومكوناته، ويحدد مهام المرحلة الحالية والمستقبلية لدولة الجنوب القادمة، بنظام فدرالي جديد خالٍ من الفوضى والفساد المالي والإداري ، يسوده العدل والمساواة والنظام والقانون والنمو الاقتصادي والتقدم العلمي الذي يطلع إليه شعبنا وقدم في سبيله قوافل من الشهداء والجرحى. وأننا لعلى موعد قريب ببزوق فجراً جديد يلوح في الأفق، عاهدنا عليه ربان السفينة (بعهد الرجال للرجال).
عبدالكريم أحمد سعيد
عضو فريق الحوار الوطني الجنوبي