صوت المقاومة| الشرق الأوسط:
وسط المساعي الأممية والأميركية لتمديد الهدنة اليمنية الهشة قبل انقضائها في الثاني من أغسطس (آب) المقبل، عبَّر الاتحاد الأوروبي عن أسفه لاستمرار حصار مدينة تعز من قبل الميليشيات الحوثية، ورفض مقترح المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بهذا الشأن، بينما أكد وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، أن الميليشيات لا تزال غير جاهزة لاستحقاقات السلام.
ومع تأكيد الإدارة الأميركية أن الأزمة اليمنية باتت ضمن أولوياتها لجهة التوصل إلى سلام دائم، اقترح الاتحاد الأوروبي في بيان، أن يتم تمديد الهدنة التي بدأ سريانها في الثاني من أبريل (نيسان) إلى 6 أشهر، بعد أن كانت الحكومة اليمنية والحوثيون وافقوا على تمديدها لمدة شهرين إضافيين.
وجاء في البيان أن الاتحاد الأوروبي «يأسف كثيراً لرفض الحوثيين المقترح الأخير للمبعوث الخاص للأمم المتحدة حول إعادة فتح الطرق؛ خصوصاً حول تعز».
وأكد البيان أن إعادة فتح الطرق «تمثل عنصراً إنسانياً جوهرياً للهدنة، إلى جانب شحنات الوقود عبر ميناء الحديدة، والرحلات التجارية من وإلى صنعاء».
وفي حين حث الاتحاد الأوروبي في بيانه الحوثيين على إعادة النظر في مقترح المبعوث الخاص للأمم المتحدة والقبول به، دعا في الوقت نفسه جميع الأطراف إلى القبول بتمديد آخر للهدنة لستة أشهر بعد 2 أغسطس، مشيراً إلى أن ذلك هو «ما يرغب فيه اليمنيون ويستحقونه، بعد المعاناة الطويلة من النزاع».
وفي سياق امتداح الهدنة القائمة ونتائجها، ذكر البيان أنها «أدت إلى كسر الجمود الدبلوماسي وعادت بفوائد ملموسة غير مسبوقة على اليمنيين، ويجب عدم إضاعة هذا الزخم».
وجدد الاتحاد الأوروبي «دعمه الكامل لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة والتي تهدف إلى إنهاء النزاع في اليمن».
وكان المبعوث الأممي قد اقترح فتح عدد من الطرق في تعز، من بينها طريق رئيسي قبل أن يعود لتعديل مقترحه واستثناء الطريق الرئيسي، إلا أن كلا المقترحين اصطدما برفض الميليشيات الحوثية التي تصر على استمرار حصار المدينة ومضاعفة معاناة سكانها.
واتهم وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك الميليشيات الحوثية بأنها غير جاهزة لاستحقاقات السلام، مستدلاً على ذلك بإصرارها على استمرار حصار تعز وعدم الاستجابة للمقترحات الأممية، بحسب ما جاء في تصريحات رسمية خلال اتصال هاتفي (الثلاثاء) مع السفير الأميركي ستيفن فاجن.
ونقلت المصادر اليمنية الرسمية عن بن مبارك أنه بحث مع السفير «تطورات الأوضاع، في ظل استمرار تعنت ميليشيات الحوثي الانقلابية وعدم تنفيذ تعهداتها بشأن الهدنة».
وبينما عبر الوزير عن تقدير بلاده للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية للمساهمة في حل الأزمة، ثمن الموقف الأميركي المؤكد على ضرورة إنهاء الانقلاب وتحقيق السلام، وفقاً للمرجعيات المتفق عليها، وفي المقدم منها القرار الدولي 2216، وهو ما عبر عنه أخيراً البيان السعودي الأميركي المشترك.
وقال بن مبارك: «إن استمرار حصار ميليشيات الحوثي لمدينة تعز يعرقل جهود السلام، وإصرارها على عدم رفع الحصار عن المدنيين يؤكد عدم جاهزيتها لاستحقاقات السلام».
في السياق نفسه، نسبت المصادر الرسمية اليمنية للسفير الأميركي أنه «أكد وقوف بلاده إلى جانب اليمن ودعمها للحل السلمي، وإنهاء الحرب والحفاظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن».
وفي ظل الجهود الأممية والدولية، لا سيما الأميركية والأوروبية الساعية إلى تمديد الهدنة اليمنية، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي القوى السياسية إلى توحيد الجهود من أجل استعادة الدولة، وفق المرجعيات المتوافق عليها.
وكان العليمي قد عاد (الاثنين) إلى العاصمة عدن، بعد لقاءات أجراها على هامش قمم جدة، في سياق سعيه إلى توضيح الموقف اليمني من تطورات الهدنة ومساعي السلام.
وذكر بيان رسمي أن الزيارة شملت محادثات مع مسؤولين أميركيين، حول مستجدات الأوضاع اليمنية، وفرص تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، بموجب المرجعيات الوطنية، والإقليمية، والدولية.
وقالت وكالة «سبأ» الرسمية إن رئيس مجلس القيادة «عرض الموقف الرسمي من جهود السلام الجارية، والضغوط الأميركية والدولية المطلوبة لدفع الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني للتعاطي الجاد مع تلك الجهود والمبادرات، وإنهاء معاناة الشعب اليمني التي طال أمدها».
ونقلت الوكالة عن العليمي أنه «أشاد بالموقف العربي والأميركي الموحد الذي تمخض عن (قمم جدة) لصالح القضية اليمنية، ومرجعيات الحل الشامل، والتشديد على إلزام الميليشيات الحوثية بتنفيذ بنود الهدنة، بموجب الإعلان الأممي، وفتح الطرق الرئيسة المؤدية إلى مدينة تعز، والمحافظات الأخرى».
ومع الارتياح الرئاسي اليمني للتوافق العربي والدولي بشأن ضرورة الحفاظ على استقرار اليمن، وأهمية ذلك لأمن المنطقة، وحرية التجارة عبر الممرات البحرية الاستراتيجية، لا سيما باب المندب ومضيق هرمز، دعا العليمي المكونات السياسية ، إلى «الالتفاف حول هدف استعادة الدولة وإعادة بناء مؤسساتها المدمرة، ضمن جهد متوازٍ، مع ترميم العلاقة الإقليمية والدولية، واستثمار القدرات المهدرة، وأي فرص متاحة في هذا السياق».
وفي الوقت الذي يذهب فيه كثير من المراقبين للشأن اليمني إلى توقع تمديد الهدنة الهشة، فإن آخرين لا يستبعدون تجدد القتال في ظل استمرار التصعيد الحوثي على مختلف الجبهات، وقيام الميليشيات بحشد الآلاف من المجندين الجدد في ظل الهدنة القائمة.
ومع أن الأمم المتحدة ومبعوثها غروندبرغ يريان انخفاضاً ملموساً وإيجابياً على خطوط المواجهة، خصوصاً بعد الاتفاق على تشكيل غرف رقابة مشتركة بين الجانب الحكومي والحوثيين، فإن مخاطر تجدد المواجهة على مستوى واسع أمر وارد، في ظل بقاء ملف تعز وفتح الطرقات معلقاً.