تمثل شركة النفط في العاصمة عدن معلماً وصرحاً إقتصادياً هاماً ، بل ورمزاً سيادياً يعبر عن إرادة شعب الجنوب اليوم من خلال عمال وموظفي الشركة من كفاءآت إقتصادية وفنية وهندسية وإدارية وقانونية يقومون بتشغيل كافة اقسام وادارات ومنشاءات هذه الشركة العملاقة والوطنية بامتياز .
لقد مضت خمسون عاماً اليوم على ذكرى تأسيس هذه الشركة الوطنية ، وخلال هذه الفترة الطويلة من السنوات كانت الشركة تقوم بمهامها في خدمة الشعب من المهره حتى باب المندب وتبيع مشتقاتها بسعر موحد في جميع محطاتها الريفية وعواصم المحافظات ، وعلى الرغم من انحصار دورها في تسويق المشتقات النفطية بكل من عدن / لحج / ابين / والضالع ، بعد تحويلها الى مجرد فرع تابع للمركز في صنعاء عقب الوحدة المشئومة - الا ان الشركة تمكنت وبفضل من الله وتوفيقه اولاً ومن ثم بفضل حنكة القيادات الادارية التي تعاقبت عليها من توفير حالة من الاستقرار التمويني والحياة الخدمية والتجارية التي نجدها تسير اليوم بخطوات وثابة للإمام وبإنتظام .
وبالرغم من ارتباط قيام الشركة بتوأمة مع شركة مصافي عدن كشركتين وطنيتين مكملتين لبعضهما البعض - ولكن للأسف الشديد قامت هوامير الفساد والافساد واعداء الشعب .. بخلخة الأمور ودق اسفين بين الشركتين ، وكانت البداية من تحييد عمل المصفاة عن وظيفتها الرئيسية في عملية استيراد النفط الخام وتكريره ومن تم تصديره للخارج اوتسويقه محلياً عبر شركة النفط وهو العمل الذي تقوم عليه اساساً شركة النفط كشركة تسويقية بحسب قانون انشائها وحق الامتياز الحصري الممنوح للشركة والمتمثل بتسويق المشتقات النفطية في السوق المحلية .
ولكن لإن الفساد الذي اصبح منظومة خطيرة اليوم تستغل ضعف الدولة وهشاشتها ، ويعد العامل المخرب والذي ينخر في المؤسسات ذات الطبيعة الخدمية والحيوية ، فقد كان أول التخريب وبدايته من تعطيل المصفاة عن عملها الاساسي وحصره مؤخراً في عملية الاستيراد للمشتقات النفطية الجاهزة من الخارج .
وللأسف ان فساد السلطة بات يحتم على الكفاءآت في أي مؤسسة حيوية وهامة اليوم ومنها شركة النفط ، والمصافي ، ضرورة قيام تلك الكفاءآت على تأسيس نقابات مهنية صرفة لاتخضع للإستقطاب السياسي أو الابتزاز السياسي والاقتصادي .. كما يحتم عليهم التقدم بمشروع قانون خاص ينظم عمل مثل تلك المؤسسات الهامة وبما يعطي حق الاختيار لقياداتها من داخل تلك المؤسسات وكذلك تحديد طبيعة العمل وحدود التصرف في إطار خدمة المؤسسة وعمالها والبلد .
وحيث ان دور مجلس الوزراء والرئآسة اليوم بات يقتصر على تعميد قرار الشخص المقترح اسمه ليدير المؤسسة او الشركة بحسب المنصوص عليه في قانون الانشاء ولايتعدى ذلك مطلقا .. فاننا نرى بان شركة النفط وهي تتخطى عامها الخمسين اليوم ، باتت بحاجة الى اعادة ترتيب اوراقها ونظامها وقيادة نقابتها لتصير كثلة ومنظومة واحده تتعاضد مع بعضها البعض لتطوير خدماتها المقدمة للمواطنين والشعب والدولة اخيراً ، وان لا تعطي أي ادارة حق التصرف سواء بالتأجير او التنازل او البيع لاي اصول نهائياً ، مع المساهمة في ذات الوقت باستعادة كافة الاصول الخاصة بالشركة المنهوبة اوحتى الموجودة لدى الغير تحت اي مسمى كان ، واعادتها الى حضن الشركة .
اخيراً تمنياتنا لشركة النفط وكافة منتسبي الشركة بمزيد من النجاح ، وحماية هذه الشركة والصرح الاقتصادي الهام من القصقصة والمصمصة على طريق الخصخصة اللئيمة .. كما يجري اليوم لشركة مصافي عدن العملاقة وذلك بسبب تواطئ ادارتها ونقابتها للاسف الشديد ، وكذلك كما جرى لعدة مؤسسات اخرى جرى التخلص منها في فترة مابعد الحرب الظالمة في يوليو 1994م تحت مسمى الخصخصة التي اضاعت حقوق عمال وموظفي تلك المؤسسات الناجحه والتي لم يكن ينقصها سوى اعادة تحديثها ورفدها بكفاءات وطنية مخلصة تدير شئونها .
وبالنظر الى سلوك بعض المتمصلحين الذين يريدون خصخصة كل مرفق ناجح وهام مرتبط بحياة الشعب ، نقول لهم ان القطاع العام يتواجد حتى في اعتى الدول الراسمالية وليس فقط في الدول ذات التوجه الاشتراكي ، ولذلك فإن العالم الرأسمالي اليوم توجد لديه مؤسسات وشركات قطاع عام وحكومي ، وليست كل الشركات خاصة وإن كانت الاغلبية خاصة لكن يتبقى لكل دولة والرأسمالية منها بالطبع دوماً مؤسسات سياديه لايتم المساس بها وتعتبر رمز سيادي يمنع الاقتراب منه بمكروه .
تهانينا لعمال وادارة شركة النفط في عدن بمرور خمسين عاماً على ذكرى تأسيسها في العام ١٩٧٠م ، متمنيين منهم الاسراع بتقديم مشروع قانون يطور من اداء الادارة والعمل ويؤسس لحماية صارمة للشركة من التغول بالاوامر الفوقية من جانب السلطات الفاسدة والمفسدة .. وتهانينا مرة اخرى ونتمنى من كافة العاملين في الشركة الصمود واستعادة ماتم اخذه بالباطل والتعسف حتى تستقيم امور الشركة وتعود لسابق ازدهارها ، فحماية الشركة اولا واخيرا من الضياع تقع على كاهلكم كعمال ونقابة والشعب الى جانبكم مادمتم صامدين وصادقين وقمتم بتنقية صفوفكم ممن يعمل على دهورة اوضاع الشركة او يساهم في خيانتها .