لساعات طويلة ظللت ابحث عن كلمة غير ( شياطين ) لكي اقف مجاملا لتلك السماعة الطبية والوشاح الابيض ناصع البياض لتلك الشريحة في ذلك الصرح الطبي العملاق الذي تجولت بداخله اثناء طفولتي البراءة ، جربت الكثير من الكلمات والأوصاف لكي اهرب من كلمة شياطين واهتدي إلى وصف يمكن لي ان اصف به ملائكة الرحمة لكن صورة المريض المسن لم تفارق خيالي وهو يفترش الارض مستلقي على ظهره يتقلب ذات اليمين وذات الشمال يصارع "الموت" فقد تعالت صيحاته ونداءاته واستغاثاته ولكن لامجيب فعذرآ لم اجد لكم وصفآ يليق بتلك السماعة الطبية والوشاح الابيض ..!
سيكتب التاريخ فصلا جديدا عن ملائكة الرحمة في محافظة بحجم شبوة الارض والانسان والتاريخ سيكتب التاريخ ان ملائكة الرحمة في مستشفى عتق العام رموا مريض مسن في ارذل العمر خارج اسوار المستشفى يصارع الآم المرض حتى وافاه الأجل ..
هي ليس حكاية وقصة من نسج الخيال كاقصص ماوكلي والف ليلة وليلة وإنما هي قصة واقعية بالفعل حدثت داخل اروقة مستشفى عتق العام في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، نعم اخرجوه سحب من فوق السرير سحبوه بدون رحمة ولا شفقة ونظراته ودمعاته تسابق احرف كلماته رموه خارج اسوار المستشفى يصارع الآم المرض ويصارع مصيره المحتوم حتى انتقلت روحه الى بارئها وتوارت نظراته ..!
للأسف الشديد في شبوة لم نكن نتوقع يوما أن الاطباء ملائكة الرحمة ترمي هذا المريض المسن بحجة انه لاتوجد بحوزته فلوس ولايوجد له معيل ولا أسرة ، لايعلمون ان الجانب المهني والعلمي ليس كل شيء لدى حملة هذه الرسالة فالجانب الأخلاقي ووازع التقوى والإيمان يسبقان الكفاءة والخبرة والشهادة حيث ذكر الشافعي أن أشرف العلوم بعد الفقه هو الطب ولو أن الاعاجم قد سبقونا إليه ، لكن بعد سيطرة الاخوان على مفاصل المؤسسات العسكرية والمدنية بشبوة تغير الوجه الجميل لتلك المحافظة وبدا يكترثها الطابع الاخواني حتى بمجال الصحة لقد تشبثوا بالمناصب فاخذ زمام الامور الاصلاحيين واصبح ( عديو ) سادس الخلفاء الراشدين وعاثوا في الارض فسادآ وهناك من افسد رسالة الطب المقدسة وافسد ما افسد حتى بذر الفساد فسادا أكبر واعظم بشبوة ، حيث قال الله تعالى : ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، صدق الله العظيم
