لحج - محمد مرشد عقابي:
نعت الهيئات والمجالس النضالية والثورية وجماهير الحراك الجنوبي بمديرية المسيمير الحواشب محافظة لحج اليوم الأحد 2-2-2020م وفاة المناضل الوطني الجسور والمخضرم شلال الحواشب بعد حياة حافلة بالعطاء الثوري والنضالي المتدفق من اجل الجنوب.
وعثر عدد من المواطنين اليوم الأحد على جثة الفقيد المناضل الجنوبي ورجل المقاومة الجنوبية والحراك المخضرم شلال الحواشب وهي تطفو على سطح بئر الأمير بمنطقة مكيديم غرب عاصمة مديرية المسيمير، ورجحت مصادر محلية اسباب الوفاة الى سقوط الفقيد المناضل الوطني الكبير شلال الحواشب في هذه البئر العميقة بسبب عتمتها وعدم بروزها عن سطح الأرض وهو ما يجعل من يسير بقربها دون ان تكون له دراية بموقعها عرضة للسقوط فيها خاصة في الظلام.
وبهذه الفاجعة الكبرى خسرت الحواشب والجنوب واحداً من ابرز الثائرين الجنوبيين الأبطال الذين جسدوا بمواقفهم اعظم معاني الحرية قولاً وفعلاً وافنوا حياتهم واعمارهم في خدمة الوطن وفي النضال من اجل القضية الجنوبية وعاشوا وماتوا ثابتين غير متزحزحين على مبادئهم الوطنية والنضالية التي لا تحيد عن الإستقلال واستعادة الدولة.
وعبرت كافة الفعاليات السياسية والنضالية والثورية والجماهيرية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني بمديرية المسيمير الحواشب محافطة لحج عن حزنها البالغ والشديد بهذا المصاب الجلل والحدث المفزع والأليم، سائلين من الله العلي القدير ان يتغمد الفقيد المناضل الكبير شلال الحواشب بواسع الرحمة والمغفرة، وان يسكنه فسيح جناته، وان يلهم اهله وذويه ومحبيه واصدقائه والحواشب والجنوب عامة الصبر والسلوان.
ويعتبر الفقيد المناضل المغفور له بإذن الله سمير المنصوب المكنى بـ "شلال الحواشب" واحداً من أوائل الثوار الجنوبيين الذين هبوا الى الساحات منذ أنطلاق الحراك السلمي الجنوبي في عام 2007م، وبرغم ظروفة المادية الصعبة والقاهرة إلا أنه قهر المستحيل وظل طوال حياته ينشد التحرر وفي مقدمة التظاهرات الجنوبية الحاشدة التي خرجت لرفض بقاء المحتل اليمني وللمطالبة برحيله عن ارض الجنوب، كما كان للفقيد اسهامات اخرى والمشاركة في كل الفعاليات المنددة والرافضة لسياسات وممارسات النظام اليمني القمعي بحق ابناء الجنوب.
تعرض الفقيد المناضل شلال الحواشب للإعتقال مرات عديدة من قبل قوات الإحتلال اليمني التي مارست عليه شتى صنوف القهر والإذلال والتعسف والتعذيب لغرض إثنائه عن مبادئه، واقتيد الى سجون سلطات صنعاء ومعتقلاتها اكثر من مرة وتم الزج به هناك نكاية لمواقفه، لكنه ظل شامخاً شموخ الجبال في مواجهة كل ذلك البغي والعدوان والظلم والغطرسة والعنجهية والإستكبار، تميز هذا الفقيد المناضل شلال بروح وطنية وإرادة صلبة وعزيمة فولاذية لا تقهر ولا تلين مسترخصاً الحياة من أجل الجنوب ومقاوماً في سبيل هذا المبدأ كل اساليب الضغط والترهيب والترغيب بعزة وأنفه وكبرياء رغم ظروفه القاهرة.
كان الفقيد شلال الحواشب اكثر من مرة يخاطب المحتلين بالقول "الجنوب محفوراً في قلبي" لن تستطيعوا اثنائنا عن مشروعنا في التحرر والإستقلال، ولن تستطيعوا بترسانتكم العسكرية ان تقتلوا ارواحنا التحررية، فنحن اصحاب وإرادتنا لن تنكسر ببطشكم وجبروتكم، نحن اصحاب قضية عادلة واصحاب حقوق مشروعة ومن قال حقي غلب، والله نصير المظلومين والمستضعفين وهو الغالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون، وسياتي اليوم الذي سترحلون فيه عن ارضنا مطرودين تجتر اذيالكم الخيبة والخزي والعار وستلاحقكم لعنة المظلومين على مر التاريخ الى الأبد".
الفقيد المناضل شلال الحواشب كابد اشكال وانواع الإمتهان من جهة قوات الإحتلال اليمني إبان إستعمارها للجنوب منذ العام 1990م الى 2015م وظلت أثار التعذيب بأديه على جسده الهزيل طوال فترة حياته وبرزت في محيا وقسمات وملامح وجهه المتجعد والشاحب وهي تترجم هول الماسأة وما عاناه من ويل وبطش وظلم وإضطهاد، وهي ذات العلامات التي تشهد على ثبات هذا المناضل وتمسكه الدائم بكل مبادئ وقيم وثوابت القضية الجنوبية التي عاش عليها ومات كمداً وقهراً قبل ان يتحقق حلمه الكامل في الإستقلال وإستعادة الدولة.
عاش هذا المناضل طوال فترات حياته مرمياً في سلة الإهمال، حيث لم يكلف احداً نفسه بالسؤال عنه او الإطمئنان عليه خاصة بعد احداث 2015م التي شهدت العديد من التغيرات، كما عاش سنوات عمر مليئة بالألم والقهر والظلم والفقر والمرض والجوع، انه المناضل الذي نذر نفسه في هذه الدنيا من اجل الجنوب وفارق الحياة وهو متمسكاً بالثوابت الجنوبية النضالية والثورية المثلى.
فارق المناضل شلال الحواشب هذه الحياة وهو يحمل هم وطن ضحى لأجله بالكثير دون ان يحصل على اي مقابل يوازي حجم تضحياته، ترك شلال خلفه ارثاً نضالياً كبيراً سيخلد مدى الأزمان وسيدرس كتاريخاً ثورياً لمختلف الأجيال الجنوبية الصاعدة والمتعاقبة كي تقتبس من ومضاته اعظم معاني الفداء واروع ملاحم التضحية.
الفقيد المناضل الكبير شلال الحواشب عرفته ميادين النضال وساحات الحراك الجنوبي المنادي بإستعادة الدولة وحق تقرير المصير مشاركاً فاعلاً ومؤثراً وصانعاً لكل التحولات المفصلية التي اظهرت القضية الجنوبية بمصاف القضايا العالمية الأولى، ومن هذه الساحات انصهر هذا المناضل ليعرفه الجميع بقوميته ووطنيته وبمواقفه الرجولية والثورية.
صارع الفقيد شلال الحواشب كل ظروف الحياة الصعبة والقاسية وقاوم كل تقلباتها القاهرة بإرادة فولاذية لكي يعيش حراً عزيزاً مكرماً، وظل طوال ايام حياته يحلم بغداً مشرق يعيش فيه هو وامثاله بحضن دافئ لوطن يحتويه ويحمي حقوقه ويصون ويحفظ ممتلكات ابنائه جميعاً بسواسية، وبعد تحرير الجنوب من مليشيا الحوثي ومجاميع الفلول اليمنية عام 2015م لم ينصف هذا المناضل وظل مهمشاً ومنسياً ومقصياً ومهملاً، ولأقى من رفقاء دربه النضالي الكثير الجحود والنكران بعد ان افنى شبابه وعمره وسخره في خدمة هذا الوطن الغالي حتى لقي الله شهيداً غريقاً وهو عاشقاًً للحرية والكرامة الجنوبية حد الثمالة.
الفقيد شلال هو يتيم الأب وترك على ظهر هذه الدنيا امرأة عجوز طاعنة في السن هي أمه، هذه المرأة الطاعنة تقعد على فراش المرض في منزل متواضع لا يصلح لإيواء الإغنام بمنطقة بشرية منذ عدة سنوات وهي مصابة بجلطة دموية ولا تقوى على السير والحركة، لذا اتوجه بنداء مناشدة انساني الى كل محبي الخير وكذلك للأخوة قيادة المجلس الإنتقالي الجنوبي وفي مقدمتهم صاحب القلب الرحيم الوالد الرئيس عيدروس الزبيدي رئيس المجلس النظر الى اوضاع هذه المرأة العجوز التي انجبت مناضلاً وطنياً صال وجال من اجل الجنوب في كل الساحات، نقول للجميع ان لم تنظروا الى تاريخ ونضالات شلال الحواشب وتثمنوا تضحياته وهو حياً على الأقل تكفلوا بإعالة وعلاج والدته التي ما تزال تعاني مرض الجلطة العضال.
انظروا يا هؤلاء بعين الرحمة والشفقة والإنسانية الى ماقدمه هذا المناضل طوال حياته الزاخرة عطاءاً وتضحية من أجل الجنوب، انظروا الى من كان يخرج الى الساحات متحدياً فوهات بنادق وهدير مجنزرات ومدرعات وأطقم جيش نظام علي عبد الله صالح اليمني المحتل بصدر عاري لا يهاب الموت في سبيل الجنوب.
ذلك هو الفقيد البطل المناضل شلال الحواشب الذي كان يتصدى لبطش وجبروت الأمن المركزي وغوغائية الحرس الجمهوري ويجتاز ويخترق كل الحواجر التي تنصب لتطويق ومنع ابناء الجنوب من الحضور والمشاركة في الفعاليات الجماهيرية والسلمية التي اقيمت حينها في عدن ولحج وابين وردفان والضالع ومختلف مناطق الجنوب بكل شجاعة وعنفوان وصلابة وقوة وعزيمة لا تقهر او تلين.
لك الله ايها المناضل البطل، لك الله يا فقيد الحركة النضالية والثورية الجنوبية التحررية، لك الله يا فقيد الحراك الجنوبي وفقيد القضية الجنوبية، وبهذه المصيبة الكبيرة نعزي انفسنا ونعزي كافة أحرار وشرفاء الجنوب بفقدان هذا المناضل الوطني الثائر الجسور الذي كرس حياته لخدمة القضية الجنوبية وللإنتصار لحق الإستقلال الوطني واستعادة دولة الجنوب، لك الله يا من أثرى محافل الثورة وكل ساحات وميادين النضال الجنوبي بمختلف صور البطولة والفداء والتضحية، حسبنا الله في هذا المصاب.
إنا لله وإنا اليه راجعون.