في مناطق شمال الضالع ثمة جيلٌ أدمن رائحة البارود من فوهة البندقية وخراطيش الرصاص، جيلٌ حرٌ شامخٌ لا يوجد في قاموسه غير الكرامة والحرية، هناك في مريس وباب غلق وحمر قعطبة وشخب والفاخر والمشاريح وأكمة الدوكي وباجة والزبيريات حيث تدور معارك تصطدم فيها الرصاصات ويزف فيها قطعان الغزاة إلى محارق الموت في الشعاب والهضاب والتباب وعلى جنبات الأودية بالعشرات لا يغني عنهم من أمر الله شيء إلا من سلّم نفسه أسيرًا في يد الأبطال.
هنا غرب محافظة الضالع نجد المقاتلين صامدين أبداً لا يتراجعون أو ينظرون إلى الخلف، أكاديمية نضالية زعزعت أوكار المجوس وحطمت آمالهم بالعودة أو حتى بالتفكير في الهجوم على أسوار ضالع الصمود.
ضمن تغطيتها الصحفية المتواصلة لجبهات القتال شمال الضالع تواجدت صحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" كعادتها في الخطوط الأمامية لجبهة بتار والمشاريح غربي محافظة الضالع، اطلعت الصحيفة على سير المعارك الدامية والشرسة التي تشنها القوات الجنوبية على فلول قطعان الغزاة الحوثيين.
ما أن تخفت أصوات الرصاص والمدافع في هذا الموقع أو ذاك حتى نسمع التكبيرات تعلو "الله اكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين" إنها الأسود الضارية نجحت في الانقضاض على فرائسها مسجلة انتصارًا جديدًا يضاف إلى انتصارات الأبطال في سجل العظماء، وهكذا تعيش الضالع، لا مكان فيها إلا لأخبار الانتصارات المسنودة بإرادة الله وصمود وشجاعة شبابها من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
في موقع الحِرّة وثوخب والقشعة والمشواس وفي المشاريح وحبيل يحيى وصبيرة وشمال الجب وباب غلق وشمال مريس تشتعل المواجهات بين الحين والآخر من على مسافة (صفر). ففي يوم الاثنين الماضي دارت معارك طاحنة استمرت لساعات، وخلفت جماعة الحوثي عشرات القتلى والجرحى، وبعد الهزيمة التي تلقتها قوى الشر والظلام نشب خلاف حاد بينهم وقد سُمع إطلاق نار من أسلحة خفيفة بين مجاميعها المسلحة في صبيرة وشمال الجب وحبيل يحيى، حيث سقط فيها عدد من القتلى والجرحى من الزنابيل، وذلك إثر خلافات حادة نشبت بين الحوثيين المنتمين إلى محافظة صعدة، ومتحوثين من مناطق جنوبي محافظة إب، نتيجة تحميل كلٍ منهما سبب مقتل وجرح أعداد كبيرة من زملائهم في مواجهات الأخيرة مع القوات الجنوبية.
وبحسب مصادر خاصة بغرفة العمليات المشتركة أكدت لنا أن الخلافات نشبت إثر مشادات كلامية حدثت بين أحد المشرفين المنتمين إلى محافظة صعدة، وعناصر متحوثة تعود إلى بيت النهام بمنطقة العود مشاركة في صفوف المليشيات.
وأوضحت المصادر أن المشرف الصعدي كان قد أعطى أوامره للمتحوثين من بيت النهام بالهجوم باتجاه مركز شرطة الفاخر الذي تسيطر عليه القوات الجنوبية والمقاومة، وهو الأمر الذي رفضته تلك العناصر المتحوثة واشترطت مشاركة المشرف وجماعته، فكان ردة فعل المشرف الصعدي مباشرة اتهام هؤلاء المتحوثين بالعملاء لما وصفه "العدوان" وبأنهم سبب الخسائر التي تعرضوا لها، والتهكم عليهم بألفاظ نابية وبذيئة، وتطورت المشادات بين الطرفين إلى استخدام السلاح، ليسقط ما يقارب أربعة قتلى من المتحوثين مقابل قتيلين من جماعة المشرف الحوثي، وذلك في منطقة النُبيجات غربي مدينة الفاخر، وهذا يدل على مدى الضربة الموفقة والموجعة التي نفذتها قواتنا البطلة.
الغزاة يلفظون أنفاسهم الأخيرة
معاقل الغزاة تتساقط تباعًا في جبهة الفاخر وفي باب غلق وحبيل يحيى والجب وصبيرة، وهو ما أكده قائد اللواء السادس صاعقة العميد عبيد لعرم الذي التقينا به في جبهة بتار، حيث أكد ان مليشيات الحوثي في أضعف حالاتها، وأن تعزيزاتها إلى شمال الضالع مجرد تغطية لعورتها المكشوفة، مؤكدا أن القوات الجنوبية لديها المقدرة على التقدم والتوغل في إب في غضون ساعات متى ما صدرت التوجيهات من القيادة العليا.
الحوثيون يستخدمون شباب العود كـ(حطب معركة)
على خُطى قريبة من متارس وثكنات المليشيات الحوثية تقدمت صحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" إلى المواقع الأمامية والتقينا بأبطال كتائب القائد الشهيد شلال الشوبجي المرابطين في الخطوط الأمامية، حيث تحدث إلينا أحد المقاتلين ويدعى حيدرة علي محمد، وقال: "الضالع عصية على كل غازٍ ومحتل، فالدماء التي نُزفت لن تذهب هدراً أبداً، كما نؤكد للشعب بإننا صامدون هنا صمود الجبال، والنصر سيكون بالقريب العاجل بإذن الله، فمليشيا العار تتقهقر وتتراجع وتتلقى الردع من قواتنا الأبطال، وقد أصبحنا قريبين من إنهائهم ودفنهم في مزبلة التاريخ".
وأضاف قائلا: "مليشيا الحوثي تستخدم أبناء العود كـ حطب معركة يضرمون بهم النار ليحرقوا أنفسهم بأنفسهم ثم يتحولون إلى رماد تذروهم رياح قواتنا، فالجثث المرمية في الشعاب والوديان هي الدليل الأكبر على رخص الشماليين واسترخاص قيادتهم بقتلاهم الذين يستخدمونهم كأكباش فداء يزجون بهم بالمئات إلى محارق الموت ومن ثم يهرب القادة منهم ويتركون جثث زنابيلهم طعاماً للكلاب والضباع، وهذه هي رسالة واضحة يجب أن تصل لكل المغرر بهم من أبناء محافظة إب الشمالية بأن الحوثي لا يبحث عن الخير لهم فهم يدفعون بـأبنائهم إلى الجحيم".
مناطق العود تحت رحمة الغزاة
في العود أكدت مصادر موثوقة لصحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" بأن مليشيات الحوثي تقوم بحملات اختطاف واسعة بحق المدنيين العزل من سكان مناطق جبال العود شملت حتى المعلمين في المدارس الذين بدأت المليشيات بإقامة دورات طائفية لهم، حيث أكد لنا أحد سكان منطقة بيت الشوكي أن المدعو ”أبو حطبة“ وهو مشرف أمني جديد، أقدم هذا المشرف على إلزام مدراء المدارس بإرسال المعلمين لأخذ دورات تقيمها جماعته، ومن يتهاون أو يرفض فيتم القبض عليه وزجه في السجن بعد إغلاق المدرسة.
مصادر أخرى أفادت لـ "صوت المقاومة الجنوبية“ أن هذه الدورات تأتي ضمن الدورات التثقيفية والتأهيلية، وتريد من خلالها جماعة الحوثي إدخال أفكارها عبر هؤلاء المعلمين المستهدفين لتدريسها ضمن الحصص المدرسية لطلاب المدارس الأساسية والثانوية في المنطقة، كما تقوم المليشيات باتخاذ قرارات بحق تجار العود وتهددهم بالتصفية إذ لم يقوموا بإغلاق المحلات والخروج منها وذلك في منطقة حبيل السماعي الواقعة في أطراف وادي صبيرة التي تدور أحداث المعركة فيها، حيث أكد المصدر - الذي فضّل عدم ذكر اسمه – بقوله: "جماعة الحوثي تقوم بتهديد التجار وتأخذ عليهم وعلى المواطنين ما يريدونه تحت وطأة السلاح، مؤكدا أن الحوثيين يعيشون في حالة من الرعب والخوف وذلك بعد تقدم القوات الجنوبية باتجاه صبيرة وحبيل يحيى جنوب الحشا".