رجل دولة

رجل دولة

علي الهدياني
ذهبت الى مقر الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات في خور مكسر لإتمام معاملة لاحد المتقاعدين من اقربائي، ولا اخفيكم انني كنت متشائم من مدى نجاحي في انجاز المعاملة في هيئة تختص بشؤون المتقاعدين الذين كنت شاهدا على معاناتهم التي بلغت حد الوجع خصوصا بعد الحرب في ظل سيطرة المليشيات الحوثية على المقر الرئيسي للهيئة العامة للتأمينات والمعاشات بصنعاء.
بخطى متثاقلة وصلت الى مبنى الهيئة الكائن بالقرب من مكتب وزارة التربية والتعليم بخور مكسر لأجد واقع مغاير جدا للصورة البائسة التي كنت اتخيلها عن وضع هيئة المتقاعدين، وجدت مبنى حديث، منظم، مكاتب مفتوحة وموظفين متواجدين كلا في مكتبه والمكان مزدحم بالمراجعين، المكان يدب فيه الحياة ويكتظ بالمراجعين.
سألت عن المكتب الذي من المفترض ان أتوجه اليه لإنهاء معاملتي فأخذني أحد الحراسات الأمنية في الهيئة بكل لطف الى المختص الذي رحب بي وطلب مني ان أستريح حتى ينهي معاملتي التي بالفعل انجزها لي في غضون دقائق.
سررت بما شاهدته من عمل مؤسسي وانضباط وظيفي وحسن معاملة فقادني فضولي الصحفي للسؤال عن مدير الهيئة، فأخبرني ذلك الشاب المهذب الذي خلص معاملتي بأن الهيئة يرأسها الأستاذ علي ناصر الهدار, فسألته فيما اذا كان بإمكاني  مقابلته فرد علي " طبعا المدير مكتبه مفتوح للجميع واخذني الى الطابق الأخير حيث يوجد مكتبه.
استأذنت وعرفته على نفسي فرحب بي بكل ادب وذوق، ولم تمنعه كثرة المعاملات التي بين يديه من الجلوس معي برهة من الزمن حدثني فيها عن المعركة التي قادها بمعية مدراء فروع الهيئة بالمحافظات لنقل الهيئة من تحت سيطرة المليشيات بصنعاء الى عدن، وحجم المصاعب التي واجهها حتى نقل نظم المعلومات وقاعدة البينات الخاصة بالمتقاعدين ناهيك عن غياب الكادر والبنية التحتية التي يتطلبها العمل في هيئة تضم الاف المتقاعدين.
عرفت من حديثي مع رئيس الهيئة الأستاذ علي ناصر الهدار حجم الإنجاز الذي صنعه بكفاءته وشجاعته وحضوره القيادي في وضع صعب ومعقد، منتصرا لإلاف المتقاعدين الجنوبيين المهمشين والاف المسرحين قسرا من الذين طحنهم النظام السابق واحالهم الى المعاش التقاعدي بمرتبات ضئيلة جدا.
الأستاذ علي ناصر الهدار ومعه المخلصين من موظفي الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات هزموا الظروف القاسية وتغلبوا على العوائق الكبيرة بصبر وإخلاص ليتمكنوا من نقل مقر الهيئة الى عدن لتنتهي معها معاناة الالاف ممن تعودنا على رؤيتهم وهم يتكدسون امام بوابات مكاتب البريد البعض منهم قضى نحبه وهو ينتظر فتات راتبه التقاعدي.
تحية للأستاذ علي ناصر الهدار الذي اثبت انه رجل دولة يعمل بإخلاص وضمير حي لأجل المواطن بعيدا عن أي اعتبارات أخرى، وما كتبته عن ذلك الرجل الذي جمعتني به الصدفة هو رأيي الشخصي كمواطن اتجاه مسؤول يدير مؤسسة وجدت فيها يوما نوعا من الاحترام والتقدير وحسن المعاملة وهو ما نفتقده نحن معشر المواطنين البسطاء في كثير من مؤسسات الدولة التي تحولت وللأسف الى اقطاعيات لا مكان فيها للمواطن الغلبان.