
كتب/ أبو ليث الحميدي
لسنا دعاة صدام، ولا طلاب فوضى، بل أصحاب قضية دفعت ثمنها دماء الرجال قبل هدير الطائرات، وتثبّتت على الأرض بتضحيات جسيمة لا بالشعارات ولا بالغارات. إن القوات المسلحة الجنوبية، ومعها دول التحالف العربي، خاضت معارك وجودية ليست من أجل شعارات أو بيانات، بل من أجل حماية الأرض والمجتمع والمصالح المشتركة، واستعادة الدولة بكامل سيادتها، وضمان أن يبقى الجنوب واحة استقرار وأمان في مواجهة الانقلاب الحوثي والمشاريع الإرهابية والإخوانية التي تهدف إلى زرع الفوضى وتمزيق النسيج المجتمعي. وما تحقق على الأرض لم يكن مشروعاً عابراً، بل سلسلة من الانتصارات الميدانية التي كسرت شوكة التنظيمات الإرهابية ودافعت عن ممرات الملاحة الدولية وخطوط الطاقة البحرية، وقطعت الإمدادات عن الحوثي وجماعات الإرهاب، لتؤكد أن الجنوب هو القوة الأكثر انضباطاً وفاعلية على الأرض، وأن أي حسابات خاطئة تجاهه قد تحمل عواقب لا يريدها أحد.
ندعو المملكة العربية السعودية الشقيقة إلى التحكيم للعقل والمنطق، والارتقاء إلى مستوى الأخلاق السياسية التي طالما ميزت مواقفها، وعدم الانزلاق وراء قرارات متسرعة أو رسائل قصف غير محسوبة، إذ إن الاعتداء على المواقع التابعة للنخبة الحضرمية اليوم، والتي كانت جزءاً من منظومة التحالف، تصرف لا نقبله بتاتاً، لأنه يرسخ سوء الفهم ويضر بالشراكة التي تحققت بتضحيات أبناء الجنوب على الأرض. فالتهديد بالقوة ليس طريقاً لإدارة الخلافات، والقصف لا يصنع ولاءً، ولا يبني استقراراً، والقوة الجوية قد تحسم مواقع لكنها لا تُقهر شعباً ولا تُلغى تضحيات رجالٍ وقفوا في وجه الحوثي والإرهاب والإخوانية المتطرفة، وضبطوا خطوط الإمداد، وقطعوا شبكات التموين التي تغذي المليشيات الأرهابية والحوثية والأخوانية، وضمنوا استقرار البحر وتأمين الممرات البحرية الحيوية في خليج عدن وباب المندب والساحل الجنوبي والغربي، كل ذلك ليحمي الجنوب والإقليم والمصالح الاستراتيجية للمملكة نفسها.
نحن ماضون مع التحالف العربي في مساندة القوات الشمالية لتحرير صنعاء من المليشيات الحوثية، لأن هذه المعركة ليست مجرد صراع داخلي، بل صراع إقليمي يهم الأمن اليمني والخليجي والعالمي على حد سواء، والجنوب ليس خصماً للشمال، بل شريكاً استراتيجياً يحمي مصالح الجميع، ويقف حائط صد أمام مشاريع الانقلاب والتمدد الإيراني والإرهاب، ومع ذلك فإننا نؤكد بوضوح أن الشراكة التي قامت بالدم لا يمكن أن تُدار بمنطق التهديد أو القصف، وأن من وقف معنا في الخنادق لا يجوز أن يُخضع لسياسات خاطئة من السماء، وأن من قاتل لحماية الحدود والملاحة وقطع خطوط التموين، لا يمكن اختزاله في خلاف سياسي لحظي أو سوء تقدير يعرض التحالف لمخاطر جديدة.
إن الجنوب يطالب المملكة أن تعي جيداً أن الوفاء يقابله وفاء، وأن الاعتداء على الأرض الجنوبية، أو محاولة تمزيق نسيجها المجتمعي، أو فرض وصاية تعيد الجنوب إلى “باب صنعاء” أمر لن يحدث مهما بلغت الضغوط، لأن تراب الجنوب أغلى من كل الحسابات، ودماء الشهداء ليست ورقة تُطوى ببيان، وعهد الرجال للرجال لا يُقهر بالقصف، ولا يُلغى بالتهديد. فالجنوب الذي اختار طريقه، ووقف خلف قيادته بقيادة الرئيس القائد/عيدروس ين قاسم الزُبيدي والقوات المسلحة الجنوبية، لن يقبل أن تُهدر تضحياته، ولن يسمح بإعادة إنتاج الفوضى أو التبعية، وهو ملتزم بالتحالف العربي، ماضٍ في حماية الممرات البحرية، وقطع الإمدادات عن الجماعات الإرهابية والحوثية، وتأمين الأمن الإقليمي، ورفد القوات الشمالية بكل ما يلزم لإتمام تحرير صنعاء.
فليعلموا أن الكرامة لا تُقصف، وأن الأوطان لا تُساوَم، وأن من قاتل معنا في الخنادق لا يجوز أن نختلف معه في السماء، وأن من حفظ الحدود وحمى الملاحة، ويقطع خطوط التموين، هو نفس الجندي الذي لا يتخلى عن واجبه الوطني، والذي يستحق الاحترام والحماية لا القصف والتهديد. رحم الله شهداء الجنوب، وثبّت الأوفياء على الوفاء، فالعالم يحترم من يدافع عن أرضه، ولا يثق بمن يغدر بحلفائه، والجنوب، بقواه وشعبه وقيادته، سيبقى دائماً صخرةً صلبةً في مواجهة أي مشروع تهديد، وحارساً لمصالح المملكة والإقليم معاً.