الصيغة الخطابية الجاهزة في الجنوب العربي(خطاب: توقفت الحرب ولم تنتهِ المعركة)

الصيغة الخطابية الجاهزة في الجنوب العربي(خطاب: توقفت الحرب ولم تنتهِ المعركة)

الصيغة الخطابية الجاهزة في الجنوب العربي(خطاب: توقفت الحرب ولم تنتهِ المعركة)
2025-12-20 19:53:10
صوت المقاومة الجنوبية/خاص

كتب/د.صالح حسن الوجيه


الحقوق الوطنية لاتسقط بالتقادم ولن تمحهيا انتصارات الحروب، وبعد أن اطمأن نظام صنعاء أنه قد حسم المعركة في ٩٤م لصالح الشمال، ذلك ماتحقق لهم بالفعل إلا أنهم نسوا أن المعركة مازالت أبوابها مفتوحة وأن الحرب سجال يوم لك ويوم عليك، نسوا ومن معه من قوى متخادمة مع الإرهاب إن الله لاينصر الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة، في حين أن الحكم في صنعاء لم يصل إلى صورة شبه دولة وإنما هي سلطة قائمة على بنيات غير مؤسسة حتى تسير نحو بناء الدولة، ولن تصل إلى ذلك ما دامت القبيلة هي الحاكمة بعيدا عن أعراف القبيلة وإن ادعوها.
الدنيا سجال يوم لك ويوم عليك نعم كان الأمس بكل آلامه ومعاناته وقسوته لنا نحن الجنوبيين، واليوم تبدل الحال وصار اليوم لنا ولكم الأمس تعيشون قسوته وآلامه، ذلك بما صنعت أيديكم، 
إن المتابع لما يجري في الواقع من أحداث وخاصة في الجنوب العربي وما حققه الجيش في حضرموت والمهرة مسنودا بتأييد شعبي يدرك جيدا حقيقة الأطراف المتصارعة وموجهاته الثقافية والاجتماعية والسياسية والدينية، وما يحيط بها اقليميا ودوليا أنها تشكل خطابا لايتجزا قابلا للقراءة والتأويل والتفسير انطلاقا من السياق السابق قبل ٢٠١٥م  والحالي ٢٠٢٥م فهو خطاب مقامه ممتد لاتفصله انتصارات سلطات صنعاء بالأمس الدامي لقلوب الجنوبيين، ولاتحجبه التكتلات الإعلامية في فضائيه الحدث والعربية في محاولات بائسة ومكشوفة في تعصبها لطرف على حساب آخر، وهذ من حقها إن كانت متعصبة، ولكن شرف المهنة الإعلامية ونزاهتها هي الميزان الذي يجب أن نراعيه في توجيه الخطاب الذي يقوم أصلا على مراعاة أفق انتظار المتلقي ومراعاة مبادئ التأدب معه.
قنوات أخرى أصبحت كتلك وهي محليّة( قناة المهرية ويمن شباب) لكن هاتين القناتين شعبية ولم يعرها المتلقي اهتمامه في كل ماترسله، فالعتب موجه للقنوات التي كنا نعقد عليها الأمل في تناول الواقع بحيادية مع قبول التعصب المضمر بمهنية دون الفجور، وكما قلنا سابقا أن الأحداث الأخيرة في الجنوب العربي قد فجرت غشاء الستر التي كانت تحتجب خلفه تلك القنوات فهاهو اليوم ينكشف بالخطاب السمج الذي تقدمه مجازفة غايته التقليل من طرف هو (الجنوب العربي) والتحريش عليه لصالح طرف آخر غير موجود ولن يؤمل حضوره على المدى القريب، وهنا تكمن خطورة الخطاب الاعلامي حين يفقد مهنيته وبدلا من أن يكون خطابا انجازيا للخير بما يوافق السياق الحالي والسياق السابق نجده ينجز الخطيئة ويصنع الفرقة بوعي وغيروعي.
الواقع في الجنوب بعد أن خرجت حضرموت والمهرة  من تسلط الإرهاب ولم يعد الجنوب قادرا على احتمال العيش في حالة اللادولة وحالة الحرب واللا حرب، وبعد أن حسم الجيش الجنوبي الامر وقرر أن يكون شعب الجنوبي العربي قائما بذاته على أرضه، وأن هذا لايقبل المساومة مع تأكيد الرئيس الزُبيدي في كل خطاباته أنه سيدعم الشمال في حال قررت قياداته استعادة صنعاء وأنه لن يحيد عن توجه دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية، وهذا لايخالف توجهاته المعلنه والمصيرية باستعادة دولة الجنوب، نجد أمام ذلك خطابا اعلاميا لايقوم بالتوازي مع خطاب الواقع، وهنا تكمن الخطورة في مثل هذه الخطابات التي غايتها تلبية توجهات ومواقف ميقاتية يصعب التحكم بنتائجها مستقبلا.
إن الخطاب الأعرج المتعثر الذي نسمعه من إعلام الداخل والخارج ضد طرف حاضر بقوة، والموالاة نكاية لصالح طرف غير حاضر بالفعل خطاب يقوم على السجال والحجاج بالمغالطة موجها بقصد تداولي تُسترجع فيه مرحلة عصيبة ومؤلمة عاشها الجنوب العربي إبان الاحتلال الشمالي في ٧/٧/ ٩٤م، واطمأن الحاكم فيهم لتوقف الحرب ولم يحسب أن المعركة لما تنتهي بعد، ومادام كذلك فقد انطلق المارد الجنوبي موجها وجهه نحو الحرية والاستقلال واستعادة الدولة، وهو يصنع بداية مرحلته  الأولى وبشق الأنفس وصولا  إلى مانحن عليه من انتصار وزخم ثوري واجماع شعبي وجيش واحد وهتافات واحدة ورئيس واحد وكيان سياسي واحد هو المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الزُبيدي الذي يكن - في السر والعلن- كل الحب والتقدير والاحترام لدول التحالف (السعودية والإمارات) على ما قدمتاه من دعم ومساندة لشعب الجنوب العربي وإخوتنا في الشمال في أثناء الحرب من ٢٠١٥م حتى اليوم،  والحفاظ على ماتحقق بتضحيات شهداء الجنوب العربي وشهداء التحالف وكذلك شهداء الشمال، ذلك كله جزء من البنية الخطابية التي تستدعي بالضرورة جهدا اعلاميا يحفظ ولايفرط،ينجز ولايهدم.
إن بناء الخطاب أيا كان نوعه سياسيا إعلاميا بآليات بناء مصدرها الخيال غير متصلة بالواقع فهو خطاب معطل، ولم يكتب له إنجاز فعلي مستمدام، كما أن الخطاب الموازي للواقع حتما سيُنجز بالفعل وهنا يتوجب على الحطاب الموافق للقضية الجنوبية أن يستقرئ الواقع بكل سياقاته الداخلية والخارجية فالمقدمات السليمة نتيجتها سليمه، ذلك ماشاهدناه منجزا في القول في عالم الواقع واسترجاع في عالم الخطاب، وعلى العكس من ذلك نشاهد أنه كلما اقترب الجنوب من شاطئ الحسم يرافقه خطاب يفتقر لكل مقاييس الخطاب سواء كان ذلك الخطاب مرسل من الخصم المباشر للجنوب أو مرسل من الخارج لمناصرة الخصوم عل حساب مهنية الخطاب الاعلامي، وهنا أدعو إلى الالتزام وكبح جماح العاطفة وفتح مجالا لإعمال العقل والمنطقْ، لأن المتلقي اليوم واعي ولايمكن أن تمرر عليه أهواء ومنافع القائم على ذلك الخطاب والمتحكم بتوجهاته، إن لواقع في الجنوب يشكل بذاته خطابا منجزا بالقول والفعل، فمن الساحات والهتافات والأمنيات انجز الجنوب الانتصارات بالدبابات، والجنوب بوصفه خطابا لايمكن للمتلقي أن يقرأه أو يفككه إلا إذا انطلق من آليات بنائه وهي: قضية عادلة وشعب مؤمن بها، يضحي من أجلها بالغالي والنفيس، وهناك محددات لايمكن تجاوزها: وهي أن الجنوب شعب حر لايقبل المساومة بقضيته، وحريته غالية لايقبل بغيرها، الجنوب دولة قامت وهي عضو في الأمم المتحدة والجامعة العربية والمنظمات الدولية والإقليمية، دخلت في الوحدة الفاشلة تسلط فيها الشمال على الجنوب بقوة الغدر والحرب، عدو تفوق في صناعة الإرهاب توجتها حرب ٩٤، ٢٠١٥، وسقوط سلطات صنعاء دون مقاومة والحرب من جديد على الجنوب، انتصرنا فيها بدعم التحالف العربي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية، وتضحيات قدمها شعب الجنوب وقيادته مؤمنيين بقضيتهم فدافعو عنها، حرروا أرضهم من الحوثة والإرهاب القاعدي، ويقابل هذا خطاب شمال فرت قياداته وتركوا شعبهم للحوثي، يترزقون في فنادق الشتات، يعملون على إعاقة إنجاز هدف عاصفة الحزم، ينشطون جنوبا لاطالة أمد الحرب، وهناك خطاب آخر هو التحالف العربي بكل توجهاته واستراتيجياته نجح جنوبا وأفشلوه شمالا، ومن أراد أن يقرأ خطاب الحرب وخطاب الساحات اليوم في الجنوب، لا تتحق له القراءة والتأويل بفصل أي من هذه الآليات الخطابية.
وبالمقابل برز خطاب عالمي رصين يتناول القضية الجنوبية والأحداث الأخيرة بوعي، يتابع الواقع وينطلق من محددات رئيسة للصراع بكل أنساقه، وهنا تكمن القيمة الخطابية الضائعة في خطاب إعلامي عربي ممثلا في قناتي الحدث والعربية وتشنجات خطاب قنوات تابعة للشمال إضافة إلى سجاليات خطاب التواصل المتعصب.
خطاب الحرب مستمر يوازيه في الجنوب خطاب البناء والتنكية، نعم وقفت الحرب ولم تنتهِ المعركة.
الإمضاء دولة الجنوب العربي.