
على غرار الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في وادي حضرموت والمهرة، يدخل الجنوب اليوم عهدًا جديدًا تتشكل ملامحه بوضوح بعد استكمال تحرير كامل ترابه. فبعد أن خاض أبناء الجنوب معركة التحرير الكبرى في العام 2015 واستعادوا معظم مناطقهم من الغزو الحوثي، بقي وادي حضرموت والمهرة تحت سيطرة قوات المنطقة العسكرية الأولى، آخر امتداد لنظام الاحتلال اليمني الذي اجتاح الجنوب في حرب 1994.
وخلال الأعوام الماضية، عمل المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُّبيدي على إعادة بناء القوات الجنوبية وتأهيلها وتوحيدها ضمن مشروع استكمال التحرير وترسيخ السيادة. ومع انطلاق عملية “المستقبل الواعد” التي نفّذها الجيش الجنوبي مؤخراً بترتيب منظّم وتخطيط طويل، اكتملت خارطة التحرير لتصبح الجغرافيا الجنوبية كلها تحت سيطرة أبناء الجنوب لأول مرة منذ ثلاثة عقود.
"الرئيس القائد الزُبيدي… قيادة صلبة في أدق المنعطفات"
برز الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُّبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، بوصفه حجر الزاوية في التحولات الراهنة. فقد صاغ خلال سنوات طويلة رؤية واضحة لمسار استعادة القرار الجنوبي وترسيخ قواعد السيادة، متجاوزًا الضغوط والمؤامرات التي استهدفت المشروع الجنوبي، وبقي ثابتًا في مقدمة الصفوف وفاءً لتضحيات الشهداء والجرحى والمعتقلين.
“المستقبل الواعد”… عملية أنهت آخر جيوب النفوذ القديم"
عملية “المستقبل الواعد” لم تكن مجرد تحرك عسكري، بل كانت نتاج سنوات من الإعداد والتجهيز المدروس. فقد شكّلت العملية نقطة الفصل التي أنهت وجود المنطقة العسكرية الأولى من وادي وصحراء حضرموت والمهرة، وأسست لمرحلة جديدة تقوم على الأمن والاستقرار وإدارة الأرض بمؤسسات جنوبية خالصة.
هذا التقدم الميداني جاء وسط اصطفاف شعبي واسع، حيث عبّر المواطنون في حضرموت والمهرة عن دعمهم المباشر للقوات الجنوبية، وشاركوا في التمهيد والاستقبال والتثبيت الأمني، ما أعطى العملية طابعًا وطنيًا شاملًا.
"اجتماع الرئيس الزُبيدي في عدن… تثبيت الانتصار والتأسيس للمرحلة القادمة"
وفي السياق ذاته، ترأس الرئيس الزُبيدي اجتماعًا مهمًا للقيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة عدن، بحضور نائبه القائد عبدالرحمن المحرمي “أبو زرعة”، ناقش فيه مستجدات المرحلة .
وأكد الاجتماع أهمية الحفاظ على المكتسبات، ومواصلة تطبيع الأوضاع في حضرموت والمهرة بعد استكمال تأمينهما، مشيدًا بالدور pivotal لأبناء الوادي والصحراء والمهرة الذين ساهموا في تحقيق هذا التحول. كما دعا الرئيس القائد الزُبيدي جماهير الجنوب في الداخل والخارج إلى مزيد من التلاحم والاصطفاف خلف القوات المسلحة الجنوبية، وفي مقدمتها قوات النخبة الحضرمية، مؤكدًا خصوصية المرحلة التي تستدعي تكامل الجهود السياسية والاقتصادية والعسكرية لإطلاق مسار بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية الحديثة.
"الشارع الجنوبي… صوت الجماهير يواكب خطوات التحرير"
تزامن استكمال تحرير الوادي والصحراء مع حراك شعبي واسع، حيث أصدرت الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي في العاصمة عدن بيانًا جماهيريًا دعت فيه المواطنين إلى اعتصام مفتوح في ساحة العروض بخور مكسر بالعاصمة عدن، وفي سيئون، وكذلك في المهرة، تأكيدًا على حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم وإعلان دولتهم المستقلة.
وفي وادي حضرموت، أعلن رئيس انتقالي وادي وصحراء حضرموت محمد عبدالملك عبر قناة عدن المستقلة تهنئته للقوات الجنوبية بانتصارها، مؤكداً بدء إقامة مخيمات اعتصام مفتوحة في مناطق الوادي للمطالبة بإعلان استقلال الجنوب وتمكين الشعب من إدارة ثرواته وأرضه.
"تأييد واسع من مختلف الجهات"
أظهر هذا الحراك الشعبي دعماً موسعاً من مختلف الجهات، حيث شمل التأييد اتحادات نقابية، سلطات تنفيذية محلية، لجان شعبية وإدارية، بالإضافة إلى قيادات أمنية وعسكرية. وقد أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب بيانًا داعمًا للاعتصام الجماهيري في عدن وسيئون والمهرة، مؤكدًا أن الاعتصام وسيلة مشروعة لمطالب الشعب في تقرير مصيره وإعلان دولته المستقلة، داعياً الجميع إلى المشاركة لتوحيد الصوت الجنوبي وتأكيد الإرادة الجماعية لاستعادة الحقوق وبناء مستقبل الجنوب.
"نحو دولة جنوبية… ملامح تتضح بثبات"
جملة التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة، إلى جانب الزخم الشعبي في عدن وسيئون والمهرة، تعكس أن الجنوب أمام لحظة تاريخية غير مسبوقة تتكامل فيها الإنجازات العسكرية مع التماسك الشعبي والرؤية السياسية التي يقودها المجلس الانتقالي.
ومع انتهاء آخر فصول الاحتلال المفروض منذ 1994، يصبح الجنوب اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى استعادة دولته، مستندًا إلى رصيد نضالي طويل، وقوة عسكرية منظمة، ووعي شعبي يدرك أن الحلم الذي كان بعيدًا بالأمس أصبح اليوم واقعًا يتشكل على الأرض.