الاقتصاد معركة الجنوب الفاصلة

الاقتصاد معركة الجنوب الفاصلة

الاقتصاد معركة الجنوب الفاصلة
2025-08-20 19:18:38
صوت المقاومة الجنوبية/خاص

 

بقلم: عبدالكريم أحمد سعيد

يمر الجنوب اليوم بمرحلة دقيقة تتشابك فيها التحديات الأمنية والسياسية مع أزمات اقتصادية وخدمية متراكمة في بيئة إقليمية ودولية ضاغطة، وهو ما يجعل إدارة الملفات أكثر تعقيداً ويضع القيادة السياسية أمام مسؤولية صياغة رؤية استراتيجية بعيدة المدى. وفي صلب هذه الرؤية تبرز المسألة الاقتصادية كعامل حاسم، ليس فقط لارتباطها المباشر بحياة الناس اليومية، بل لأنها تمثل ركناً جوهرياً من أركان السيادة وأساساً لا غنى عنه في مسار تقرير المصير.

لقد أصبح واضحاً أن أي مشروع وطني جنوبي لن يترسخ من دون سيطرة كاملة على الموارد وتوظيفها لخدمة المواطن. ومن هنا، يتعامل المجلس الانتقالي الجنوبي مع المعركة الاقتصادية باعتبارها امتداداً لمعركة التحرر السياسي، وليست مجرد إدارة تقنية. لذلك جاءت جهوده لتعزيز الرقابة المالية، وتوجيه الإيرادات نحو القطاعات الحيوية، والحد من الفساد، بما يعكس إدراكاً أن تحسين الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والصحة والتعليم وتوفير حياة معيشية كريمة للشعب هو الشرط الأول لتعزيز الثقة بين المجتمع ومؤسساته، وأداة لترسيخ الاستقرار والتلاحم الوطني وصولاً إلى الهدف المنشود المتمثل في استعادة الدولة الجنوبية بنظام فدرالي حديث، كما جاء في الميثاق الوطني الجنوبي.

وفي هذا الإطار، يشكل الدور القيادي للرئيس عيدروس قاسم الزبيدي محوراً رئيسياً في صياغة مقاربة متوازنة تراعي الأبعاد الأمنية والاقتصادية والخدمية معاً، لتؤكد أن حماية الجنوب لا تتحقق بالقدرات العسكرية وحدها، بل تبدأ من تمكين المواطن وتعزيز المؤسسات القادرة على الصمود أمام الضغوطات الداخلية والخارجية. وهنا يكتسب برنامج النزول الميداني لفرق الرقابة الرئاسية والتوجيه السياسي دلالة خاصة، إذ يترجم الرؤية الاستراتيجية إلى ممارسات عملية تعزز التنسيق بين هيئات المجلس والسلطات المحلية، وتضع احتياجات المواطنين في قلب القرار.

إن الاستراتيجية الجنوبية تسعى في جوهرها إلى تحقيق معادلة متوازنة بين الأمن والتنمية والاقتصاد، مع إدراك أن النجاح يتطلب إصلاحات هيكلية وتكاتفاً داخلياً ومرونة في التفاعل مع البيئة الإقليمية والدولية. لكن الثابت أن أي مشروع مستقبلي للجنوب لن يكتمل من دون سيادة حقيقية على موارده، فهي المعركة الفاصلة التي تحدد قدرة الجنوب على بناء دولته، وترسيخ استقراره، وضمان حقوق أجياله القادمة.