عندما يرحل رموز الأمة، تنفطر لرحيلهم القلوب، وتنكسر النفوس، لأنهم حماة الوطن وصانعو تاريخه، وعندما ترحل رموز الأمة تنتقص الأرض من أطرافها، وتنطفئ منارة كبرى كانت نبراسًا، شعلة ترسل إشعاعاتها لتضيء دروب الحرية والعزة والكرامة.
لا أرثي اليوم رجلًا عاديًا أو شخصًا عابرًا، بل أرثي رمزًا شامخًا كشموخ أمة الجنوب العربي، كي أقف بمشاعر أثقلها الحزن، وتشتعل فيها الحسرة.
لقد كان الشهيد أبو محمد أنموذجًا للإصرار والتحدي والمواجهة في كل الميادين وفي مختلف الأوقات، لقد كانت تجربة الشهيد العسكرية تجربة فريدة جسدت حياته في كل أشكال القوة والعزم والثبات والصمود في وجه المحن والصعاب والتحديات مهما كان شكلها وظروفها ومكانها، وشخصية فريدة ذات ملامح ومكونات متكاملة، توجت بكاريزما عسكرية ذات حضور لافت على كل المستويات.
أبو محمد الشهيد الخالد، فقد صال وجال حاملًا معه التاريخ الذي كتبه بدم الوريد، يحمل راية التحرير وفدائيًا لكل جنوبي. لن أبالغ إن قلت إنه من القلائل الذين تحدوا الظروف الصعبة وقدموا حياتهم قربانًا وفداءً للجنوب حبًا وكرامة، فبذل كل ما بوسعه من جهود وطاقات، تاركًا همه الشخصي إلى هم الجميع، وسعى بثبات نحو هدف الجنوب المنشود، مواجهًا بروحه أكبر خطر يهدد الجنوب وهو الإرهاب، فوقف شامخًا في مواجهة مفتوحة حتى هزم الإرهاب، وأصبح الرعب الذي يوقظهم من مضاجعهم.
إن رحيل الشهيد القائد عبداللطيف السيد قد ترك فراغًا كبيرًا في نفوسنا وفي قلوب كل من عرفه وأحبه، لن ننسى مساهماته العظيمة وتضحياته الجليلة في سبيل الجنوب الحبيب. إن إرثه سيظل حاضرًا في ذاكرتنا، وسيستمر في إلهام أجيال العقود القادمة لبناء مستقبل أفضل.
كم هي قاسية لحظات الوداع التي تسجل وتختزن في القلب والذاكرة، وكم نشعر بالحزن وفداحة الفجيعة ونختنق بالدموع، ونحن نودع قامة نضالية كبيرة بحجم شهيدنا القائد العميد عبداللطيف السيد، ولا يسعنا إلا أن نتضرع إلى المولى عز وجل بالدعاء أن يتغمد الشهيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته.
*رئيس عمليات اللواء الثاني دعم وإسناد – م/ أبين