بقلم / محمد علي رشيد النعماني
تقع مدينة شبوة المعروفة قديماً باسم شبوت في جنوب الجزيرة العربية وتحديداً في محافظة شبوة الجنوبية حيث كانت شبوة مستعمرةً بارزة وعاصمة لمملكة حضرموت التي امتدت عبر الألفية الثانية قبل الميلاد حتى القرن الخامس الميلادي ما جعلها مركزاً حضارياً وتاريخياً هاماً في تلك الحقبة من الزمن .
"الموقع الجغرافي والتضاريس"
تتمتع شبوة بموقع استراتيجي عند التقاء وادي عرما ووادي عطف على الحد الجنوبي الشرقي لرملة السبعتين ويمتد موقعها على مساحة تقارب 15 هكتاراً محاطاً بتلال من الحجر الصخري ومنحدرات من الحجر الجيري والحجر الرملي هذا الموقع الطبيعي المميز جعلها تتمتع بموارد طبيعية هامة مثل مناجم الملح مما عزز دورها الاقتصادي والتجاري ورغم افتقارها لموارد المياه الوفيرة مقارنة بالمواقع الأخرى في جنوب الجزيرة العربية فإن شبوة تميزت بكونها مركزاً للطرق التجارية التي تمر عبر المنطقة مما زاد من أهميتها الاقتصادية .
"الآلهة والنقوش الدينية"
كانت شبوة موطناً لعدد من الآلهة القديمة التي عبدتها القبائل الحضرمية مثل المقه، عتر، قبضم، عطر، يلم، سرقن، بالد، محيي، حميم، حسبولم، ظاهرن، حول، علم .
ومن المعروف أن هذه الآلهة تمثل مزيجاً من القوى الطبيعية والألوهية التي كانت تشكل جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية والدينية لسكان حضرموت كما احتوت المدينة على نقوش صخرية هامة تصور تلك الآلهة والأحداث الدينية .
"الهياكل العمرانية"
أظهرت الحفريات الأثرية في شبوة وجود مجموعة من الهياكل المعمارية الهامة التي تعكس دور المدينة كعاصمة حضرموت تشمل هذه الهياكل :
مساكن مركزية ومعزولة والتي كانت مأهولة بالسكان ونخبة المجتمع ومقلع ربما استخدم لاستخراج المواد الحجرية للبناء وهياكل هيدروليكية مثل القنوات والآبار إلى جانب سدود كبيرة كانت تساعد في تجميع المياه رغم قلة الموارد المائية.
ومباني سياسية لعبت دوراً في تنظيم شؤون المملكة وحصون وأسوار تعكس أهمية المدينة كعاصمة حضرموت وحاجتها للدفاع عن نفسها ضد الهجمات الخارجية ومعابد صغيرة وكبيرة حيث تتم أداء الطقوس الدينية للآلهة المذكورة ومقابر تشير إلى أهمية الطقوس الجنائزية والتقاليد المرتبطة بالدفن ونقوش صخرية تسرد أحداثاً دينية وسياسية وتظهر تفاني السكان في خدمة آلهتهم .
"الثقافة واللغة"
تحدث سكان شبوة اللغة الحضرمية القديمة وكانت لغتهم الرسمية مزيجاً من الحضرمية، الحميرية، والسبئية، مما يشير إلى التأثيرات الثقافية المتعددة التي كانت تربطهم بشعوب جنوب الجزيرة العربية والنقوش التي تم العثور عليها تعكس قوة حضارة حضرموت وتأثيرها على المنطقة خاصة في المجال الديني والسياسي .
"الأهمية التاريخية"
تمتد حضارة شبوة عبر القرن السادس عشر قبل الميلاد وحتى القرن الخامس الميلادي مما جعلها شاهدة على العديد من التحولات السياسية والاجتماعية في جنوب الجزيرة العربية. كان دورها كعاصمة حضرموت محورياً في تنسيق الأنشطة التجارية بفضل موقعها المركزي على طرق القوافل .
في النهاية تظل شبوة رمزاً للتاريخ القديم في حضرموت حيث تقدم لنا صورة عن حضارة ازدهرت في قلب الجزيرة العربية، وتميزت بعمارتها، ديانتها، ونقوشها الصخرية التي لا تزال تشهد على مجدها .