يقودنا الحديث عن الذكرى الـ9 لتحرير محافظة الضالع من مليشيات الحوثي وقوات عفاش في الـ ٢٥ من مايو ٢٠١٥ م الى الحديث الاشمل، وهو عن المقاومة الجنوبية التي كانت الضالع مركزها القيادي بقيادة مؤسسها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي .
إذ كانت المقاومة الجنوبية، انطلاقاً، من اطوارها الاولى وحتى تأسيسها بشكلها المنظم، على يد الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، تمثل حدثا ثوريا فارقا و إبداعيا هائلا في نقل الثورة الجنوبية من قوة النضال السلمي، الى قوة الكفاح المسلح، هذا التحول مر في أطوار وتعقيدات ونقلات، وفيه غنى تاريخي وكثافة في الوقائع والبطولات والملاحم والتضحيات والاسماء الرائعة، غير قابلة للنسيان والتقادم، مثلها كمثل إنجازاتها والامجاد التي صنعتها، وفي طليعة هذه الاسماء اللامعة في الذاكرة، هم الشهداء والجرحى الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية في سبيل وطنهم الجنوب وشعبه.
تتجلى قوة المقاومة الجنوبية المسلحة في تاريخها وفعلها، من إرهاصات وحركات مسلحة سبقت تأسيسها وكانت لبناتها الاولى أو بالأحرى بعدها التاريخي وتراكمها البنائي، بدئا بحركة “حتم” – حركة تقرير المصير للجنوب العربي – وكل هذه الارهاصات والبدايات قادها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي وتابع اعمال وجهود النهوض بها، الى ان صارت تنظيما عسكريا منظما وحديديا، وخاض بها، معركتنا الوطنية الجنوبية والقومية العربية ضد المليشيات الحوثية ومشروعها الايراني.
كما تتجلى روح المقاومة الجنوبية منذ البداية في التسمية وفي سمعة ورمزية قيادتها المعتبرة في الجنوب، والاسم “المقاومة الجنوبية” لا ينفصل عن من يملك إرادة التسمية في ظرف ليس كظرفنا اليوم، بل ذاك الذي كانت تسفك فيه دماء شعبنا في ميادين النضال السلمي بوحشية قوات الاحتلال، فاسم الحدث أو الثورة أو التنظيم هو إرادة القوة التي تستحوذ عليه وتستملكه لتحقيق الهدف الاسمى، وبمعنى أوضح فأن نسمي معناه أننا نعد ونبني نرتب ونقيم ونستعد للتضحية وندرك أن هذا المسمى كمسمى المقاومة الجنوبية تحمل في معناها “القضية والهوية والانتماء والقسم والهدف وخيار ووسيلة التحقيق مهما كلف الثمن”.
يفتح هذا التحليل التفصيلي عن دلالات مسمى المقاومة الجنوبية، نافذة لنرى عظمة النضج السياسي الذي اتصفت به قيادتنا العليا منذ بدايات النضال والكفاح التحرري الجنوبي المسلح والسلمي، كما يتيح لنا التعرف على ما يمكن وصفها باستراتيجية التسمية التي تختزل في جوهرها إرادة الشعب وعوامل وعناصر انتصاره.
وبالعودة الى معركة تحرير محافظة الضالع في الـ ٢٥ من مايو ٢٠١٥ م اي قبل تسع سنوات من اليوم، نجد مثالا آخر لاستراتيجية التسمية ويحمل في دلالته الهدف، والتنفيذ الاجرائي العملي لتحقيق الهدف ذاته، إذ وجه الرئيس القائد عيدروس الزبيدي وفي ساعة الصفر، أي الساعة الواحدة فجر ال ٢٥ من مايو ٢٠١٥م بدء الهجوم الكاسح على معسكرات ومواقع وثكنات وخطوط مليشيات وقوات الاحتلال الحوثية العفاشية واعطى ابطال المقاومة الجنوبية مسمى كلمة السر “عدن حضرموت” وكانت هذه الكلمة لغة أول وأعظم نصر تحقق للجنوب وللأمة العربية في صراعها مع الاطماع والاجندات الايرانية الفارسية.
المسمى لكلمة السر هذه “عدن حضرموت” حددت مجددا حدود معركتنا المصيرية والوجودية التحررية وببعدها الوطني والقومي، وأكدت المؤكد بأن مسرح العملية القتالية للمقاومة الجنوبية يشمل المسرح الوطني الجنوبي في مهمة التحرير وتثبيت الامن والاستقرار وتطبيع الاوضاع إيذانا ببناء دولة الجنوب الفيدرالية كاملة السيادة على حدودها المتعارف عليها قبل 1990م.
وخلاصة القول فإن التسميات والاوصاف في لغة البندقية التحررية كبندقية المقاومة الجنوبية، تترجمها الافعال على الارض، فهذه العاصمة عدن وتلك هي حضرموت، جناحين يحلق بهما الجنوب الى النصر والخلاص الاخير، الى دولته المستقلة الفيدرالية، وتلكم هي الضالع، كانت وستظل الجديرة في جعل المستحيل امرا واقعا، لتبقى صاحبة الاسبقية في كل نصر.