مع نهاية العام الميلادي لسنة 2023، يطوي مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، صفحة مطولة، حفلت خلال السنة الماضية بنجاحات وإنجازات ورهانات، تم حصد ثمارها ووثقت إنجازاتها بلغة الأرقام، وقد كتبت بسطور من نور جزء مشرقاً من المسيرة الإنسانية الوضاءة لهذا المشروع الإنساني في اليمن.
وبذلك يضيف مسام إلى سجلات إنجازاته في اليمن على صعيد مكافحة الألغام صفحة جديدة من العطاء الإنساني التى طويت بالأمس، ليفتح مع طيها صفحة متجددة أخرى على أهبة الاستعداد ليكتب فيها مسام رهانات جديدة سيعمل على مدار 2024، على جعلها سنة انجازات على صعيد مكافحة الألغام وإفشال مخططات زارعيها لمصادرة الحياة في اليمن، من خلال إنجازات نوعية توثقها أرقام النزع والإتلاف المرتقبة على يد فرقه المتمرسة في مكافحة الألغام.
وقد ترك مشروع مسام في ذاكرة نهاية عام 2023 بصمة إنجازاته المتواصلة، التي تحدث عنها الأستاذ مدير عام المشروع أسامة القصيبي، بقوله “إن الإنجاز والعطاء المتواصل نهج مسام الذي لا يحيد عنه، بلوغ اليمن بر الآمان من الألغام هدف نقترب منه يوما بعد آخر وسيقتطف كافة المواطنين اليمنيين ثماره حتماً، وقد ختم هذا المشروع سنة 2023 برقم 3015، وهو رقم عكس إجمالي ما تم نزعه في شهر ديسمبر الماضي، من ألغام وقذائف غير منفجرة وعبوات ناسفة.”
وبين القصيبي أن مسام تمكن المشروع خلال ديسمبر 2023 من نزع 2525 ذخيرة غير منفجرة، و444 لغماً مضاداً للدبابات، وقام المشروع بإتلاف 289 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، في إطار سعيه الدؤوب لحفظ أرواح الأبرياء من العلب المنفجرة المموهة، بينما بلغ إجمالي المساحة التي طهرها خلال نفس الشهر 822.725 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية.”
وسلط القصيبي الضوء على حصيلة إنجازات مسام قائلاً: “إن إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق عمل مشروع «مسام» نهاية يونيو 2018 وحتى اليوم، قد بلغ 426.809 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، زرعتها ميليشيا الحوثي بعشوائية في مختلف المحافظات اليمنية، وقد وصلت إجمالي المساحة المطهرة 52.866.744 متراً مربعاً، منذ انطلاق المشروع وحتى اليوم.”
*نهاية سنة مبشرة*
وقد شهد شهر ديسمبر 2023 جملة من الأحداث النوعية التي عاشها مشروع مسام وزف من خلالها بشائر سنة جديدة حافلة بالإنجازات والعزم على النجاح والتألق على صعيد رهانه الإنساني في اليمن “يمن بلا ألغام”. وفي هذا السياق، تلقى مسام باقة من رسائل الإكبار والتقدير بمناسبة اختتام أعمال القمة الخليجية التي استضافتها العاصمة القطرية خلال ديسمبر الماضي، حيث رد القصيبي في تصريح صحفي على هذه الرسائل المثمنة لجهود مسام في اليمن بقوله: “إن ما تضمنه البيان الختامي الصادر عن القمة من إشادة بأعمال مشروع «مسام» في الأراضي اليمنية يأتي في إطار اهتمام قادة دول مجلس التعاون بالشعب اليمني، وحرصهم على كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية.. ويعتبر ما تضمنه البيان خير دافع للمشروع ولكافة العاملين فيه نحو مواصلة رسالة مسام الإنسانية المتمثلة في تخليص الشعب اليمني من خطر الألغام التي زرعتها الميليشيات في تجاوز صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني.” وخلال ديسمبر أيضا، أحيت محافظة مأرب احتفالية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وقد تم خلال هذه الاحتفالية تكريم مشروع مسام تقديراً وامتناناً لجهوده المستمرة في حماية حقوق الإنسان والحفاظ على الحياة والعطاء الإنساني غير المسبوق في سبيل تطهير الأراضي اليمنية وتحريرها من خطر الألغام التي تهدد حياة السكان وتعوق العمل الإنساني. كما شهد نفس الشهر مشاركة مشروع مسام بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، في المعرض الفوتوغرافي والتوثيقي المنظم بعنوان “الإنتهاكات الحوثية.. جرائم ضد الإنسانية وتدمير للوطن” الذي أُقيم في مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة قصد إيصال صوت الأبرياء والمتضررين من بطش الألغام للعالم. وقام مشروع مسام خلال شهر ديسمبر 2023 أيضاً بالشراكة مع مركز حماية لحقوق الإنسان في مدينة تعز بتقديم ندوة بعنوان “المرأة بين تحديات النزوح ومخاطر الألغام”، وذلك لتسليط الضوء على مخاطر الألغام وتحديات النزوح التي تتعرض لها المرأة في اليمن بسبب قيام ميليشيا الحوثي بزراعة الألغام والعبوات الناسفة في المناطق المدنية والزراعية مما أدى إلى إصابات ووفيات. وقد واصل مسام خلال هذا الشهر أيضاً عمله المستمر على تخليص المرافق الحيوية في اليمن من بطش الألغام، حيث تعرض مشروع كهرباء مديرية عسيلان جباح والذي يعد من المشاريع الحيوية التي تهدف إلى توفير الخدمة الكهربائية لأكثر من 20 ألف نسمة في 5 مناطق بمديرية عسيلان لتعثر كبير بسبب الألغام التي زرعت على خطوط نقل الكهرباء من قبل مليشيات الحوثي. ونتيجة لذلك، تم تعليق أعمال المشروع وتأخير توصيل الكهرباء إلى المناطق المتضررة. وقد باشرت فرق مسام في تأمين أجزاء كبيرة من خطوط الكهرباء حتى تم استئناف العمل في مشروع الكهرباء وهو الأمر الذي سيمكن مناطق مديريات عسيلان، من الحصول على الخدمة الكهربائية الضرورية، وسيوفر الكثير من الراحة والتحسين في حياة السكان المحليين. كما واصل مسام في شهر ديسمبر 2023 العمل على رفع خبرات طواقمه وفرقه من خلال مشاركتهم في برنامج تدريبي شمل جميع الفرق الهندسية لمشروع مسام، سواء في قطاع مأرب أو عدن، وهو برنامج روتيني يتكرر مرتين أو ثلاث على الأقل في العام لكل فريق، ليضمن هذا المشروع الصقل المستمر لمهارات فرقه والأخذ المتواصل بالمستجدات و التحديات الميدانية وأسباب السلامة المطلوبة لإنجاز مهمته الإنسانية في اليمن على أكمل وجه. *عطاء إنساني يعانق آفاقاً واعدة* وفي عام 2023، واصل مسام حصد ثمار نجاحاته بلغة الأرقام في قلب تضاريس محافظة شبوة، وتحديداً في مديرية عسيلان، حيث تمكن الفريق التاسع وبعد جهود مستمرة لعدة أسابيع، من تأمين الحقل الأول في منطقة قرون الثعالب، حيث تم إزالة وتدمير أكثر من 150 لغماً مضاداً للأفراد، بالإضافة إلى الألغام المضادة للمركبات والعبوات الناسفة. ويدرك مشروع مسام جيداً أن رهاناته المستقبلية وأجندته الاستشرافية وخارطة طريقه المرتقبة، يجب تأخد بعين الاعتبار عدم توقف الميليشيات الحوثية ليوم واحد عن زراعة الألغام رغم فترات الهدنة التي تعلن بين الحين والآخر، ورغم الجهود التي تبذل لإحياء العملية السياسية في اليمن، فالتحديات كبيرة والرهانات حيوية و المهمة المنطوطة به في غاية الإنسانية. وهو معطى محوري يجعل من أجندة مسام المستقبلية متسلحة دائماً بالحزم والعزم على النجاح والإصرار على قهر التحديات وتحقيق النجاحات، وهو ما عبر عنه أسامة القصيبي بقوله: “مسام حريص على تطوير فرقه من خلال التدريب المستمر لكافة أعضائه، بالإضافة إلى تقديم دورات تخصصية لفرق التفجير لتكون دائما متألقة ومعطاءة ومتفانية.. ونحن عازمون على أداء رسالتنا لتطهير كافة الأراضي اليمنية المحررة من الألغام والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة التي زرعتها الميلشيا الحوثية، ومسام لم ولن يتوان عن خدمة المجتمع اليمني من خلال نزع وإتلاف الألغام ورعايته للعديد من البرامج والفعاليات المحلية والدولية والحملات التوعوية في سبيل خلق ثقافة وقائية من هذا الخطر الداهم وحشد صفوف المنظمات العالمية الإنسانية ودعوتها إلى المضي قدماً على درب مسام في مكافحة الألغام في اليمن، لكي يصل صوت الأبرياء لكل أصقاع الأرض ويبلغ اليمن مرحلة الأمان في وقت قياسي وبأقل خسائر بشرية ولكي يستعيد اليمن نشاطه التنموي واستدامته على كل الصعد.