كتب/ أ. فضل الجعدي
نادرون أولئك الذين يرحلون ويتركون بصماتهم في القلب والذاكرة ، انهم فرائديين بإحساسهم وانسانيتهم وشعورهم بالآخر والآمه واحزانه ، ملتصقين دوما بالوطن واوجاعه وقضايا الناس حتى وهم في أشد حالاتهم بؤسا ، ولقد كان الفقيد صالح الحميدي واحد من هؤلاء الندرة الذين يملئونك بالأمل والفرح ويوزعون محبتهم وابتساماتهم كالسماء التي توزع غيثها على الأرض الجدباء .
كان الفقيد من طلابي النجباء ، درسته في الصف السابع والثامن وكنت اتوسم به مستقبل زاهر كونه كان من الطلاب الذين يتركون في النفس اثرا وشعورا طيبا ، كان مؤدبا إلى درجة تفوق اقرانه ومجتهدا ومنظما بكراساته ولباسه النظيف ومشاركاته وحماسه ، ولم يكن بالطالب الذي ينسى ، فبعد تخرجه بسنوات وانخراطه في سلك العمل لم ينسى من علموه وكنا على تواصل دائم ، كان ذكيا وطموحا منذ صغره ، وكان يشكل حالة استثنائية بين زملائه من الحضور والتفوق والتميز الذي مكنه أن يصل إلى ما وصل إليه من النجاح في حياته العملية وصولا إلى تبؤه وكيلا لوزارة الإعلام.
لقد كان صالح الحميدي مناضلا ضد الظلم والاستبداد وسخر قلمه لانتصار المضطهدين والجياع والقضايا العادلة ، وكان من الصحفيين القلائل الذين لم يبيعوا أو يشتروا بالمواقف ، وظل حتى آخر رمق ثوريا باخلاقه وثوريا بمواقفه لم ينكسر في أصعب الظروف واقساها ، ولم يتمكن المرض النيل من احلامه الجميلة ومن روعة الإنسان الذي يسكن داخله ، واستمر بهيا كطلعة الفجر .
نعلم أن خسارتنا برحيل الفقيد كبيرة وموجعة لكنها الأقدار التي شاءت أن تخطفه منا وهو لا يزال في أوج عطائه ، ولعل الوفاء للراحل هو تصميمنا في المضي متوشحين بكل القيم والمبادئ التي عاش ومات من اجلها ، رحمة واسعة وخلود أبدي.