ناقشت رابطة الاقتصاديين التي تأسست في 14 ابريل 2021م حلقة نقاش حول أزمة الطاقة الكهربائية وتداعياتها الاقتصادية، وكانت هذه الحلقة هي الثالثة بعد نشر ملخص بنتائج نقاشات الحلقة الأولى تدهور سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، و الحلقة الثانية صعوبة الاستيراد وارتفاع أسعار السلع الأساسية في ظروف الحرب.
ولقد جاء موضوع حلقة النقاش نابعاً من معاناة كافة شرائح المجتمع من أزمة الطاقة الكهربائية لذا نظمت حلقة النقاش مع ذوي الاختصاص في مجال الطاقة الكهربائية ترأسهم م. سالم باحكيم مستشار هندسة القوى كهربائية، و م.صالح بالعلاء مختص بشؤون هندسة الطاقة، والمخترع م. عمر بادخن صاحب مشروع تحويل النفايات إلى طاقة وبقيت الأعضاء من النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ورجال الأعمال الذين انضموا للرابطة لمناقشة المشكلات والخروج بنتائج ترفع للجهات المختصة وتعرض للرأي العام.
ولقد أطلع على التقرير بعد نشره خبراء من الصندوق الكويتي للتنمية في مجال الطاقة، فقد اشاد عضو الرابطة و مستشار لدى الصندوق أ/ خالد شيخ بما خلص اليه التقرير، وتم عرضه على الخبيرين في مجال الطاقة أ/ محمد فرحان و أ/ سمير قطب المتخصصان بمشاريع الكهرباء التي يمولها الصندوق ولقد تم الإشادة بما تضمنته نتائج حلقة النقاش والاطلاع على النتائج، بما يدل على حرص الصناديق والمنظمات الدولية المتخصصة بمناقشة مواضيع التنمية المتصلة بقطاع الكهرباء وتمويل تلك المشاريع لإدراكهم بأهمية هذا القطاع كأحد مقومات الحياة.
لذا خصصت رابطة الاقتصاديين حلقة النقاش الثالثة حول أزمة الطاقة الكهربائية وتداعياتها الاقتصادية، و نوقش فيها المحاور الآتية : المحور الأول ملامح أزمة الطاقة وتداعياتها الاقتصادية، والمحور الثاني رؤية مستقبلية بالحلول والمقترحات لحل مشكلة الكهرباء في البلاد، بينما المحور الثالث جاء بعنوان البدائل الممكنة للطاقة الكهربائية المتجددة والنظيفة ودور القطاع الخاص والدولة والمنظمات الدولية في حل أزمة الكهرباء في اليمن.
وسوف يتم التركيز في هذا المقال على ملامح أزمة الطاقة وتداعياتها الاقتصادية، إذ تم مناقشة أسباب الأزمة إلى أسباب عامة وفنية وإدارية وتخطيطية، ومن ثم قياس تداعياتها على القطاعات الاقتصادية وتأثر معيشة المواطنين بذلك.
ففي الأسباب العامة لأزمة الطاقة الكهربائية في اليمن تعود أسبابها إلى غياب الاستقرار السياسي والحروب والاضطرابات وغياب تام للحكم الرشيد وغياب استراتيجية واضحة وشاملة طويلة الأمد في مجال الطاقة أدت إلى تفاقم الأزمة دون وجود أفق واضح للخروج منها.
كمان أن الديون المتراكمة واعتماد محطات الكهرباء على الديزل كوقود وتهالك شبكات النقل وتعرضها للتخريب أثناء الحرب قد ضاعفت من أزمة خدمة توصيل الكهرباء للمواطنين، مع سوء إدارة ملف الطاقة الكهربائية وإدخاله في المماحكات السياسية والحزبية.
كما أثرت أزمة الكهرباء بشكل كبير على مختلف القطاعات الاقتصادية ففي القطاعات الإنتاجية تسببت في ارتفاع نسبة تكاليف الانتاج والنفقات التشغيلية، و تسريح جزء من العمالة لتخفيض النفقات التشغيلية وغيرها. كما أثر انقطاع التيار الكهربائي لتعطل العمل لأجزاء كبيره من المرافق العامة والخاصة مما أخر المعاملات وإنتاجية العامل.
وأما في قطاع الزراعية إذ تشكل العمالة في الزراعة نحو 80% من الاقتصاد اليمني، فكان أكثر القطاعات تضرراً وارتباطاً بمعيشة المواطنين فارتفاع سعر الوقود أو انعدامه أدى إلى زيادة تكاليف الري وأسعار المياه، مما أجبر الكثير من المزارعين التخلي عن مزارعهم وفقد الناس مصدر رزقهم مع عرض المنتجات الزراعية بسعر أعلى للمواطنين.
أما تأثير أزمة الطاقة على خدمات السكان إذ تأثرت بشدة مرافق البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات وآبار المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي والأنظمة المصرفية التي تقدم خدمات للسكان وشبكات الهاتف، وهي قطاعات تعتمد على الكهرباء، والتأثير على مستويات الدراسية لطلاب المدارس والجامعات من خلال انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة خاصة في فصل الصيف وغيرها.
ولقد ظهر تأثير الأزمة واضحاً على التنمية الاقتصادية التي تعتمد الأنشطة الاقتصادية على الطاقة كأحد مرتكزات عملية الإنتاج القائمة عليها عصب الحياة والمحرك لعملية التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي في البلد. فنقص الوقود وارتفاع الأسعار تسببا في انخفاض توليد الكهرباء باستخدام الوقود بنسبة 77% بين عامي 2014 و 2015 وما بعدها، مما يلاحظ انخفاض انبعاثات الأضواء الليلية من اليمن بمقدار الثلثين، مما يدل على انخفاض النشاط الاقتصادي في أغلب المدن وتراجع النمو الاقتصادي، و تزايد حدة البطالة والفقر وزيادة عدد السكان المعتمدين على المساعدات الغذائية بسبب تراجع النمو الاقتصادي.
ولقد حرصت هيئة الاشراف لرابطة الاقتصاديين برفع ملخص بنتائج حلقات النقاش إلى الجهات المختصة، ونشره على مختلف وسائل الاعلام حرصاً منها على الأمانة الاكاديمية والعلمية والمهنية لمؤسسيها من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة عدن، وجامعة حضرموت وجميع أعضاء الرابطة دون تقصير منهم في خدمة الوطن والمجتمع.