نبذه عن حياه الشهيد
سعيد محمد أحمد تاجرة القميشي، من مواليد مدينة هدأ م/شبوة، عاش وترعرع في منطقه هدأ جول بالغار، متزوج وله عشرة أبناء، أربعة بنين و6 بنات، ولد الشهيد سعيد تاجرة في جول بالغار سنة 1980م، تعلم الابتدائية في مدرسة الزعيم جمال عبدالناصر بهدأ. واصل الدراسة إلى الصف السادس ومن ثم تزوج وعاش حراً أبياً.
كان الشهيد يتميز بالأخلاق العالية والسلوك الحسن، وكان من أحسن الشباب أدباً وشجاعةً، وكان الشهيد سعيد أحد مناضلي الحراك الجنوبي، فمنذ انطلاق الحراك وهو مشارك فيه، ومن ثم انتقل إلى عدن وعاش فيها مدة، أثناء العمل هناك، وكان مشاركا في كل المسيرات بالعاصمة عدن، ومن ثم تفجرت أول شرارة لثورة الجنوب العربي.
التحق البطل سعيد بالحراك الجنوبي وكان من أنشط الشباب، لم يتخلف عن اجتماع ولا مسيرة ولا مليونية إلا وتجده أولهم وفي مقدمة الصفوف، شارك في كل المسيرات والمليونيات في ثورة الجنوب العربي، وآخرها قبل حرب 2015م اعتصم في ساحة العروض أكثر من شهرين، كان الشهيد سعيد يتنقل من ساحات السلم إلى ساحات القتال، كان يحلم أن يرى الجنوب محرراً ويتمنى الشهادة دائماً ويحدثنا عن الشهادة.
لن تستطيع صفحات التاريخ أن تنصف العظماء مهما حاول كاتبوها ذلك؛ لأن الكتابة أمرها سهل مقارنة بالتضحية التي قدمها الأبطال، ومن خلال مجريات الأحداث تبين لنا بسالة وأصالة معدن العظماء الأصيل سعيد تاجرة القميشي، هذا الشهيد البطل لم يتجاوز الأربعين ربيعاً، ولكنه دوّن تاريخه وسجل اسمه بأحرف من نور، شارك في كل المليونيات والمسيرات التي نظمها الحراك الجنوبي.
وعندما اندلعت الحرب في عام2015م ضد مليشيات الحوثي الغزو الثاني للجنوب كان في الصفوف الأمامية في كل الجبهات أصيب في جبهة مفرق الصعيد الضلعة في رأسه وفي كتفه، وتعافى ورجع يقاتل في مقدمة الصفوف بعد مشاركته بإسقاط اللواء الثاني مشاة جبلي بعزان، وكان أحد المقاتلين وحصل على كاتوشا غنيمة، ولكن لم يبعها بل أهداها إلى المقاومة الجنوبية في جبهة قرن السوداء، وكان يقصف بها مليشيات الحوثي واستمر على عهده حتى انتهاء الحرب.
وبعدها شارك في تأمين عتق بعد خروج مليشيات الحوثي منها، ومرت الأيام والأشهر والسنين ولا يزال على مبدئه، ثم عاد إلى بيته وظل مناضلًا ومشاركًا في كل المسيرات والمليونيات التي خرجت تأييدًا للمجلس الانتقالي الجنوبي، وآخر مليونية شارك فيها بالمكلا دعما وشكرا للإمارات.
ثم عاد إلى المقاومة الجنوبية أثناء الغزو الثالث للجنوب من قبل مليشيات الإصلاح، وشارك فيها ووصل إلى مشارف عتق، ولم يستسلم لهم بعد سيطرتهم على شبوة، رتب صفوف الشباب بقرن السوداء وظل مشاركا وصامدا وجاءت دعوة لمسيرة سلمية في عزان للمطالبة بعوده النخبة الشبوانية، وترك السلاح ليتظاهر سلميا وكأنه على موعد مع اليوم المحتوم الذي اختاره الله للشهادة، كل الجماهير منذهلون من بطولة هذا الشاب واستبساله، فقد وقف موقف الأبطال الميامين هو ومجموعة من الأبطال في يوم الخميس الـ3 من أكتوبر بعزان ليواجه جيش الاحتلال، ممثلا بمليشيات الإصلاح التي تريد أن تنتزع منه العلم، ورفض ذلك وركلهم برجه ونزل ليواجههم حتى تأتي رصاصة الغدر من المحتل وتخترق جسد البطل، هكذا صعدت روحه الطاهرة إلى السماء، ودمه الزكي أروى تراب الجنوب، لم يسقط العلم إلا بعد سقوطه شهيدا على أرض الجنوب لتطلع روحه الطاهرة إلى بارئها.
كنا دائماً معه في معركة عزان إلى عكد إلى الضلعة إلى مفرق صعيد إلى عتق... أيام الحرب كان يتمنى الشهادة وتحرير الجنوب، وكان يحدثنا عن الشهادة وعن القتال وهكذا تحققت له الشهادة ونالها.
هنيئاً لك.. استشهد البطل سعيد في الـ 3 من أكتوبر في مسيرة عزان المطالبة بعوده النخبة الشبوانية غدرا بيد مليشيات الإخوان، وكان مواجها وجهاً لوجه ليس لديه إلا علم الجنوب وصوته الحر والمحتل بكافة الأسلحة الثقيلة والخفيفة بالجيوش المدربة، واجههم وهو رافع علم الجنوب، واستشهد لأجل أن يبقى علمنا شامخا شموخ الجبال، هكذا عاش الشهيد وينال الشهادة.
استشهد في صباح يوم الخميس الـ 3 من أكتوبر على مدخل عزان بعد أن أذاق العدو العلقم في المعارك الأولى، شيعه الآلاف من أبناء الجنوب في شبوة بموكب جنائزي مهيب، انطلق آلاف المشيعين من مسقط رأسه جول بالغار وهم رافعين أعلام الجنوب وصور الشهيد ومرددين شعارات جنوبية غاضبة ومؤكدين مواصلة النضال والمقاومة والسير على درب الشهيد، تم تشييعه حملا على الأكتاف مرورا بوادي هدأ إلى الشارع العام بسوق هدأ ووصولا إلى الحرجة، حيث دفن في مقبرة الحرجة.
ماذا قالوا عن الشهيد الفارس سعيد القميشي؟
لم يكن الشهيد سعيد القميشي مجرد بطل ترجل ورحل، بل فارسًا عملاقًا بكته العيون وحزنته القلوب في كل ربوع الجنوب من أقصاه إلى أقصاه.
ولعظمة الموقف الذي سقط فيه سعيد شهيدًا شامخًا شموخ جبال الكور، فقد كتب عن قصته البطولية الكثير من الصحفيين والنشطاء جميعهم وصفوه بالفارس الذي لن يتكرر.
كاتب سياسي كتب عن البطل الشهيد سعيد بن تاجرة قائلا: "لا يدري لماذا يسكنه روح الشهيد سعيد أكثر من روح أي شهيد آخر حتى يخيل إلي إنه توأم روحي، أعتقد أنه بسبب سلميته التي كان يعبر عنها، من خلال حمله لراية الجنوب دون أن تكون لديه أي أداة من أدوات العنف ولو حتى هراوة من خشب".
الكاتب سالم صالح بن هارون كتب عن مغول العصر، قتلة الشهيد القميشي، الذين اغتالوه بدم بارد لا لشيء سوى إنه يحمل علم الجنوب.
الكاتب بن هارون قال: "لقد أمرهم أسيادهم بقتل كل من يحمل تلك الراية، التي تخيفهم أكثر من أي شيء آخر؛ لأنها تعني نهاية أمجادهم وترفهم وفسادهم وإرهابهم وتسلطهم على رقاب المساكين والمستضعفين والمهمشين في الأرض، فأطلقوا النار عليك وأردوك شهيدا، ظنا منهم أنك لن تحمل الراية أبدا مرة أخرى، غير مدركين أنهم بإطلاقهم النار عليك قد حرروا روحك من جسدك لتسكن كل جنوبي يتوق إلى استعادة دولته، دولة النظام والقانون والعدل والحرية والمساواة والأمن والسلام والاستقرار والرفاهية والرخاء، لتحمل أيها الشهيد تلك الراية مرات ومرات من خلالهم".