بعد أن تدخلت تركيا عسكريا في العديد من الدول العربية، من ليبيا الى سوريا الى الصومال الى العراق الى وضع اليد على جزيرة سواكن السودانية بحجة اعادة تأهيلها ها هي الأذرع الإعلامية لحكومة اردوغان تهيء الاذهان لقبول تدخل تركي في اليمن. اذ نقلت وكالة انباء الأناضول، الذراع الاعلامية لحزب العدالة والتنمية تفاصيل ندوة حضرها دبلوماسيون اتراك وناشطون يمنيون أجمعوا فيها على حاجة اليمن الى تدخل تركي مباشر، أسوة بما يحدث في كل من ليبيا والصومال مما تسميه تعاونا بين تركيا وحكومتي البلدين العربيين. جاء ذلك في ندوة عقدها مركز "البحر الأسود للدراسات الاستراتيجية"، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بعنوان "حرب اليمن والمجتمع الدولي"، شارك فيها كل من رئيس الجمعية التركية- اليمنية، محمد حميقاني، وفاضل جورمان، وهو سفير تركيا في أوسلو، وكان سفيرا بصنعاء عام 2011، فيما أدار الندوة البروفسور زكريا قورشون. وقال جورمان في مداخلته: "هناك جهود دولية لإيجاد حل في اليمن، رغم تراجع الاهتمام به، لكن السعودية لها مصالح استراتيجية في اليمن، وإيران لها مكاسب لن تتخلى عنها، وهذا يعقد الحل والحركة، والمهم هي الدول الكبرى، الولات المتحدة وإنجلترا وفرنسا، ربما تتقدم خطوة في مجلس الأمن لتنفيذ المقررات الأممية". وفي ضوء هذه المقدمة التركية الواضحة يصبح البديل هو التدخل التركي. ويتابع تقرير الوكالة، انه "في الصومال وليبيا، دعت أطراف معنية تركيا (إلى تقديم المساعدة)، لكن في اليمن حاليا لا يوجد طرف له قراره، والحكومة الشرعية تحت تأثير ضغط، وهي خارج اليمن، والدور التركي راسخ في وجدان الشعب اليمني وإن لم يكن ظاهرا". وتمكنت أنقرة من تغيير المشهدين الصومالي والليبي بشكل كبير. واستطرد جورمان: الخطوات التركية في ليبيا دفعتني للتساؤل: هل يمكن لتركيا أن تتقدم بخطوات في اليمن، خاصة أن العلاقات في السابق كانت جيدة". وذَكَّرَ بالدور التركي في سوريا عبر تنفيذ "3 عمليات عسكرية انعكست ميدانيا، وكذلك السياسات (التركية) في العراق وليبيا، والتي حولت التوازنات فيهما". هذا الاعتراف الواضح والصريح بالدور التركي يستخدمه الاعلام التركي لجعل التدخل في اليمن مسوغا وذا ارضية واقعية. وهنا يضيف التقرير: "تركيا بجانب الشرعية، وفي اليمن أيضا كانت بجانب الشرعية، وآمل أن تكون هناك خطوات تركية فعالة في اليمن تؤثر إيجابا لصالح الشعب اليمني، الذي مر بمراحل مؤلمة". وأضاف أن "السلطات تأخذ المساعدات المقدمة لليميين من أجل صرفها على السلاح، ولهذا انسحبت المنظمات الإغاثية من العمل باليمن، فبات الوضع الإنساني سيئا جدا، ونصف المستشفيات تعمل فقط، وكوادرها تعمل بنسبة 30 بالمئة". ويدعي تقرير الوكالة ان اليمنيون وجدوا في تركيا الداعم الحقيقي في ليبيا، التي يمثلها رئيس حكومة (فائز السراج)، على عكس اليمن التي لا يوجد لها ممثلون كدولة، لكن الشعب يرى في تركيا الصديق الحقيقي، كما حصل في الصومال التي تتطور يوميا، وليبيا كذلك". والحاصل انها سلسلة مقدمات تحاول وسائل الاعلام التركية تخدير الرأي العام للتمهيد للاطماع الاستعمارية التركية للتمدد في بلد آخر هو اليمن. وعلى الرغم من أنّ التدخل التركي في اليمن استياء واسعاً لدى اليمنيين الذين يحذرون من مغبة هذا التدخل، ويعربون عن خشيتهم من التسلل التركي في بلادهم عبر حزب الإصلاح الذي يقدم الولاء لأنقرة انطلاقاً مما وصفوه بالعمالة، والتبعية لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي، إلّا أنّ محور أنقرة – الدوحة يواصل التدخل في اليمن ويعمل على استهداف وضرب التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي، وإنشاء تكتل جديد يلبي طموحات تركيا وقطر في المنطقة. وتعمل تركيا على الدخول إلى الساحة اليمنية في إطار التحالف غير المعلن بين إيران وقطر وتيار نافذ داخل سلطنة عمان، مستغلة نفوذها المتزايد في فرع التنظيم الدولي للإخوان في اليمن الذي يمثله حزب الإصلاح المسيطر على مفاصل الحكومة الشرعية في اليمن. وبحسب محللين فإنّ استخدام ورقة الإخوان المسلمين لا تمنح أنقرة سوى تدخل محدود في الملف اليمني، بالنظر إلى أنّ الجماعة المشاركة في تشكيل سلطة الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي تواجه صعوبات في التحرك على الأرض اليمنية، نظرا لمحدودية التأييد الشعبي لها هناك، وأيضا لوجود أطراف قوية نجحت في سدّ المنافذ أمامها على رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي المستعد لاستخدام السلاح لمنع سقوط مناطق بجنوب اليمن تحت سيطرة قوات حزب الإصلاح الإخواني. ويعتبر حزب الإصلاح الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي في اليمن، أداة تركية قطرية لضرب التحالف العربي، ويعمل المحور التركي القطري عبر عدد من القيادات الإخوانية المقيمة في إسطنبول، وبالموازاة مع استخدام أنقرة أدواتها الاستخباراتية للتسلّل إلى اليمن بأقنعة مختلفة، وبخاصة تحت ستار هيئة الإغاثة الإنسانية التركية. وتسعى تركيا انطلاقاً من قاعدة أنها الراعي الأول لمظاهر التغول الإخواني والقطري والوصية عليه، وهو ما يجعل من المعسكرات الممولة قطريا في اليمن التي يؤسسها الإخوان كما هو الحال مع معسكرات تعز التي يقودها الإخواني حمود المخلافي، امتدادا لتأثير تركيا المتنامي في اليمن من خلال أدواتها الإخوانية وعملائها المحليين الذين يسعون للسيطرة على السواحل اليمنية وباب المندب. وتوسع تركيا حضورها على الساحة اليمنية في الآونة الأخيرة، بعد التقارب بينها وبين إيران، وعبر التحالف غير المعلن بينها وبين إيران وقطر وتيار نافذ داخل سلطنة عمان، مستغلة نفوذها المتزايد في فرع التنظيم الدولي للإخوان في اليمن الذي يمثله حزب الإصلاح المسيطر على مفاصل الحكومة الشرعية في اليمن. وهناك تأكيدات على وجود اتفاق غير معلن بين الحوثيين والإخوان في تعز برعاية تركية قطرية ودعم من تيار داخل سلطنة عمان، وهو ما يفسر عدم مهاجمة الحوثيين للمحافظة التي تعد وفقا لخبراء عسكريين هدفا سهلا للحوثيين مقارنة بالجوف ومأرب. وباتت تعز نواة مشروع التنسيق التركي القطري الإخواني - الحوثي، حيث سيتم تحويلها إلى منصة لحشد القوات باتجاه عدن لمقاتلة المجلس الانتقالي ومن ثم باتجاه الساحل الغربي لاستهداف الساحل الغربي، قبل أن تتحول إلى قاعدة سياسية وشعبية وعسكرية لمناهضة التحالف العربي بقيادة السعودية. المعركة التي يخوضها الإخوان وتيار قطر وتركيا باتجاه عدن المحررة، إهدارا للوقت وتبديدا للجهود، وإرباكا للتحالف، في الوقت الذي يسيطر فيه الحوثيون على الجوف ونهم ويهددون مأرب ويعدون العدة لشن حرب جديدة في البيضاء. تواصل تركيا العبث في اليمن، وذلك في محاولتها لإنقاذ جماعة الإخوان المسلمين هناك، وتأمين نفوذ أو موطئ قدم لها، على الضفة الشرقية للبحر الأحمر وباب المندب، وأسهم التيار الموالي لها في تشتيت قائمة الأولويات لدى الحكومة الشرعية، وتسبب في تأجيج الخلافات الداخلية في معسكر المناوئين للانقلاب الحوثي. وتحولت تركيا إلى وجهة مفضلة للقنوات الإعلامية المموّلة من قطر لإرباك المشهد اليمني واستهداف دول التحالف العربي، حيث تبث العديد من القنوات الاخوانية الممولة من الدوحة من مدينة إسطنبول مثل، بلقيس ويمن شباب والمهرية. وتزايد النشاط التركي في اليمن من خلال تدفق عملاء الاستخبارات التركية، عبر منافذ محافظة المهرة (أقصى شرق اليمن) تحت غطاء هيئة الإغاثة الإنسانية إلى بعض المحافظات اليمنية المحررة، وتأجيج الخطاب السياسي والإعلامي المعادي للتحالف العربي بقيادة السعودية، من خلال قنوات إعلامية تبث من مدينة إسطنبول التركية التي تحولت إلى وجهة مفضلة لدى الكثير من القيادات السياسية والإعلامية اليمنية المنتمية لحزب الإصلاح، وذلك بحسب تقارير إعلامية. وتعود مؤشرات التدخل التركي في اليمن لصالح جماعة الإخوان لفترة مبكرة، حيث اتهم سياسيون يمنيون أنقرة بتهريب كميات كبيرة من السلاح ومسدسات كاتمة للصوت في العام 2011 يعتقد أنها استخدمت على نطاق واسع في اغتيال شخصيات سياسية وأمنية. ووفرت أنقرة ملاذا آمنا للكثير من رموز التشدد في إخوان اليمن والمطلوبين أمنيا على خلفية قضايا سياسية، مثل منفذي تفجير مسجد دار الرئاسة الذي استهدف الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأركان حكمه في العام 2011، إضافة إلى استقبال شخصيات مدرجة على قوائم الإرهاب الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية، وبعض القيادات اليمنية المثيرة للجدل على خلفية علاقتها بجبهة النصرة والجماعات المسلحة في سوريا. وجدير بالذكر أنّ تركيا أرسلت العشرات من ضباط الاستخبارات تحت لافتة "هيئة الإغاثة الإنسانية" التركية ووصل بعضهم إلى مأرب وشبوة عن طريق منفذ شحن الحدودي في محافظة المهرة بعد أن حصلوا على تسهيلات من وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري ومحافظ المهرة السابق راجح باكريت.