حاولت مليشيات الإخوان الإرهابية المهيمنة على حكومة الشرعية إيهام الرأي العام المحلي والعالمي بأنها ماضية في طريق تنفيذ ما أسمته بـ"المرحلة الثانية" من اتفاق الرياض، غير أن جميع تصريحاتها العلنية لم تطبق على الأرض، بل أن تلك التصريحات تحمل خبايا نواياها السيئة تجاه الاتفاق بعد أن خلت من أي إشارة عن انسحاب مليشياتها من شبوة وأبين، وركزت بالأساس على محاولة إعادة العناصر الإرهابية إلى العاصمة عدن من جديد.
تحاول الشرعية أن توظف الاتفاق لصالحها، في أعقاب الهزائم العسكرية العديدة التي تلقتها مليشياتها الإرهابية التابعة لها في العاصمة عدن خلال شهر أغسطس الماضي، لكنها ترفض تقديم أي تنازلات من أجل توجيه الجهود العسكرية نحو إنهاء الانقلاب الحوثي، وبالتالي فإنها تسعى بالأساس لترسيخ وجودها في الجنوب وعدم إعادة بوصلة قواتها التابعة لها لمواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية.
تسويف الشرعية ظهر من خلال جملة من الوقائع والبراهين التي جرت في اليومين الماضيين، بعد أن عطلت، عملية تبادل الأسرى والمعتقلين بين الأجهزة الأمنية في عدن ومليشيا الإخوان في شبوة برعاية التحالف العربي، بعد أن أخفت مليشيا الإخوان ورفضت تسليم عدد من معتقلي الجنوب بحجة وجودهم في مأرب.
هناك عدة أسباب تجعل الشرعية غير راغبة في تنفيذ بنود اتفاق الرياض، على رأسها أن هذا الاتفاق لن يكون في صالح محور الشر الذي تنتمي إليه في الوقت الحالي والذي يشمل (قطر وتركيا وإيران)، كما أنها تحاول أن تستمر في هيمنتها على الشرعية وترفض أن يكون الأمر بمشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي لإدراكها بأنها ستنكشف أمام الجميع.
بالإضافة إلى ذلك فإن الشرعية تنسق في تلك الأثناء مع أنقرة التي تسعى للدخول بثقلها في الأزمة اليمنية وتسعى الشرعية لتقديم قربان الثقة إلى أنقرة من خلال إفشال الاتفاق ولكنها في الوقت ذاته لا تسعى لخسارة الدعم الذي تتلقاه من التحالف العربي، وبالتالي فهي تسوق بأنها ماضية في تنفيذ بنود الاتفاق لكنها في الوقت ذاته تعرقله على الأرض لإرضاء الجانب التركي.
وتنتظر الشرعية لحين اتضاح رؤية العلاقات التركية الإيرانية المستقبلية في ظل حالة الارتباك التي تعانيها طهران في الوقت الحالي، ومدى استمرار سياسة إيران التوسعية بالخارج مع تزايد الضغوطات الدولية عليها، وهو ما سيكون له انعكاسات على حل الأزمة اليمنية، وبالتالي فإن الشرعية ستسير في الطريق الذي يضمن لها أكبر قدر من المكاسب من دون أن تكون مضطرة للمشاركة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في حكومة واحدة.
وكشف شهود عيان في محافظتي أبين وشبوة عن وجود تعزيزات جديدة تابعة لمليشيات الشرعية جاءت من مأرب في محاولة لتعقيد مهمة التحالف العربي بتنفيذ مرحلة جديدة من اتفاق الرياض، وهو ما يعني أنها تسير في الاتجاه المعاكس بدلاً من أن تسحب قواتها من هناك وفقاً لبنود الاتفاق، في وقت تحاول فيه أن تقنع التحالف العربي والمجتمع الدولي بأنها جادة في تطبيقه.
وأكد شهود عيان في تصريحات متفرقة إن السبت الماضي شهد وصول تعزيزات عسكرية إلى مدينة عتق وسط محافظة شبوة قادمة من مأرب وأن العديد من المواطنين استغربوا وصول تلك القوات، مع تصريحات الشرعية بأنها ماضية في تنفيذ بنود الاتفاق، وأن تلك التعزيزات تضمنت أطقم عسكرية ومدرعات تقدر بالعشرات.
وأضافوا أن التعزيزات إلى عتق تضمنت 15 طقماً عسكرياً، بينهم ثلاثة أطقم عسكرية (شرطة عسكرية)، وأربعة أطقم جديدة، بجانب ثلاث مدرعات جديدة، وأن تلك التعزيزات شاهدها العديد من سكان المنطقة، عصر السبت الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك قوات أخرى تحركت من منطقة النقبة غربا حتى وصلت إلى منطقة مفرق العرم بشبوة، وأنها ما زالت تتمركز هناك إلى الآن، بجانب وصول (11طقم دوشكا، و2 أطقم درع الجزيرة، وطقم واحد (23 م /ط)، وطقم واحد 14.7، ومصفحة نوع كايمن)، إلى جانب تمركز ثلاثة أطقم دوشكا في منطقة "لهب الجمال".
وتوقع العديد من العسكريين أن تكون تلك الأطقم ضمن المعدات التي كان التحالف العربي يجهزها لانطلاق المعركة ضد المليشيات الحوثية في الشمال، في أعقاب تنفيذ بنود اتفاق الرياض الذي شمل على التحشيد العسكري للقوات العسكرية المنضوية تحت لواء الشرعية باتجاه الجبهات الشمالية التي تتواجد فيها المليشيات الحوثية الإرهابية.
وبحسب شهود عيان في محافظة شبوة فإن مليشيات الإخوان الإرهابية التابعة للشرعية عززت قواتها في عدد من المعسكرات التي تتواجد فيها منذ أن سيطرت على المحافظة قبل شهرين تقريباً، وأن الحديث عن انسحاب القوات من مناطق متفرقة في شبوة ليس له أساس من الصحة.
وبالانتقال إلى محافظة أبين، فإن الوضع لم يختلف كثيراً، إذ أنه في الوقت الذي أعلنت فيه الشرعية إقدامها على تنفيذ مرحلة جديدة من اتفاق الرياض كان المدعو أحمد الميسري يخرق الاتفاق بعد أن اتخذ في 7 يناير الماضي قرارات حملت تغييراً في الدوائر الأمنية بالمحافظة.
وقالت مصادر مطلعة في أبين أن الميسري أقال مدير أمن مديرية مودية، العقيد الخضر قنان، وقرر تعيين أحد التابعين لحراسته ويدعى ناظم فضل علي ومنحه رتبة مقدم، وهو ما يعني أنه يحاول أن يسيطر على مجمل الأوضاع في المحافظة بما يعرقل خطوات التحالف العربي الذي سيشرف على عملية الانسحاب.
وأشار شهود عيان في المحافظة أن بعض القوات العسكرية التابعة لمليشيات الشرعية في أبين تركت مواقعها باتجاه بعض مناطق أخرى في المحافظة، بما يوحي بأن هناك انسحاباً قد جرى ولكن بمتابعة تحركاتها فإنها انتقلت من معسكر قرن الكلاسي غرب مدينة شقرة إلى العرقوب شرق مدينة شقرة فقط، وأن ذلك حدث يوم السبت الماضي، غير أن العديد من المواقع التي تتمركز فيها مليشيات تابعة للشرعية مازالت كما هي من دون تغيير.
ويرى مراقبون أن تلك التحركات ما هي إلا محاولة للإيهام بأن هناك عمليات انسحاب، لكنها تعد خطوات تكتيكية هدفها الترويج السياسي بأنها ماضية في تنفيذ بنود اتفاق الرياض، وأن عودة تلك العناصر إلى أبين مرة أخرى تعد مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.
أصحاب محال الصرافة في أبين أيضاً كانوا شهود عيان على استمرار حشد المليشيات هناك، بعد أن تحدث أحدهم - رفض ذكر اسمه - عن تسلم مليشيات حزب الإصلاح في شقرة ملايين الريالات يوميا وأن الضغط يكون على المحال التي يكون أصحابها تابعين لمليشيات الإخوان ويحظون بثقة قيادات عسكرية تابعة للشرعية.