قالت مصادر سياسية إن ميليشيات حزب الإصلاح الإرهابي لازالت تتمرد على اتفاق الرياض - الذي وُقِّع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية - بإثارة الفوضى في المحافظات المحررة.
وحوَّلت المليشيات الإخوانية هجومها على اتفاق الرياض، إلى تمرٍد على أرض الواقع، ليبرهن حزب الإصلاح الإرهابي على خبث نواياه في هذا الصدد.
يوم الأربعاء الماضي هو الموعد الذي حدّدته بنود اتفاق الرياض، أن تعود القوات التي تحرّكت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه العاصمة عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي إلى مواقعها السابقة، وتجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن بإشراف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. لكن معسكر عكد بمحافظة أبين فضح التمرد الإخواني، بعدما اندلعت اشتباكات بين عناصر مليشيا الإخوان، تابعين للمدعو لؤي الزامكي، بسبب خلافات على نهب الأسلحة. حيث اندلعت اشتباكات بين أفراد مليشيا الإخوان، تابعة للمدعو لؤي الزامكي قائد اللواء الثالث ألوية رئاسية داخل معسكر عكد في محافظة أبين، حيث قالت مصادر مطلعة إنَّ جنودًا من "لواء الزامكي" دخلوا في اشتباكات مسلحة بين بعضهم البعض في المعسكر بسبب خلافات على نهب الأسلحة.
وأضافت المصادر أنَّ مسلحين تابعين للزامكي قاموا بنهب أسلحة وفرّوا على متن أطقم عسكرية باتجاه بعض قرى مديريات لودر ومودية والوضيع، لافتةً إلى أنَّ الأسلحة المسروقة كانت عبارةً عن صناديق رصاص وأسلحة متوسطة ومنصات كاتيوشا.
الاشتباكات الإخوانية على نهب الأسلحة يمثل تمردًا على اتفاق الرياض، وهو أمرٌ غير مستغرب على الإطلاق، فمنذ أن دعت المملكة العربية السعودية إلى محادثات في مدينة جدة واستجابة المجلس الانتقالي الجنوبي لها وحتى بعد انطلاقها والتوصُّل إلى توقيع الاتفاق فقد عمل "الإصلاح" طوال هذه المرحلة وما بعدها على تفخيخ مسار الاتفاق.
تزامن التصعيد الإخواني مع اليوم المحدّد لعودة المسلحين وتسليم أسلحتهم بإشراف التحالف يكشف مخطط المليشيات الإخوانية الرامية إلى تصعيد الأوضاع بغية إفشال مسار اتفاق الرياض؛ وذلك خوفًا من حزب الإصلاح على نفوذه سياسيًّا وعسكريًّا في المرحلة المقبلة.
تصعيد "الإصلاح" يمثّل تمردًا لم يكن مستبعدًا على الإطلاق، وهو ينضم إلى عديد المحاولات الإخوانية التي سعت إلى إفشال الاتفاق حتى منذ بدء المحادثات في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
وتُشير هذه الحالة إلى أنّه من الضروري الانتباه جيدًا - في المرحلة الراهنة والفترة القليلة المقبلة - حول تصعيد إخواني أكثر ضراوة ضد الجنوب، ما يعني ضرورة التأهُّب أكثر من قبل القيادة الجنوبية سواء سياسيًّا أو عسكريًّا لمواجهة إرهاب إخواني أكثر حدة.
ويثق الشعب الجنوبي في قيادته السياسية ممثلة بالمجلس الانتقالي وقواته المسلحة في مواجهة التحديات الراهنة عبر حنكة سياسية كاملة، وقوة باسلة قادرة على ردع الأعداء مهما تعدّدت الجبهات.
وبرهنت المليشيات الإخوانية - التابعة لحكومة الشرعية، ويقودها الإرهابي علي محسن الأحمر - على تمرُّدها على اتفاق الرياض، في محاولة من قِبل حزب الإصلاح، ذراع جماعة الإخوان الإرهابية، لإفشال هذا المسار.
محاولات "الإصلاح" - ذلك الحزب الإخواني المخترِق لحكومة الشرعية - لإفشال اتفاق الرياض ترجع إلى مخاوف هذا الفصيل الإرهابي على نفوذه السياسي والعسكري، لا سيّما أنّ الاتفاق يقضي بتشكيل حكومة جديدة بالإضافة إلى إشراف التحالف على الوحدات العسكرية التي يمكن القول إنّ "الإصلاح" حوّلها إلى معسكرات إرهابية تضم الكثير من العناصر المتطرفة.
التشويه الإخواني لاتفاق الرياض، الذي اعتمد في مرحلة سابقة على مليشيا "الإصلاح" الإلكترونية عبر هجمات إعلامية منظمة، والعمل في مرحلة أخرى على التصعيد الأمني في مناطق جنوبية مختلفة، فقد وصل الأمر إلى تمرد الإخوان بشكل مباشر على بنود الاتفاق بالنظر لما جرى في محافظة أبين يوم الأربعاء الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ هذا "الإجرام" الإخواني يحمل الكثير من المخاطر على أصعدة مختلفة، فتهريب الأسلحة إلى بيئة ريفية أمرٌ ينذر بتردي الأوضاع الأمنية في المحافظة، لا سيّما في ظل العلاقات التي تجمع حزب الإصلاح الإخواني بالتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة، حيث افتضحت العلاقات التي تجمع هذين الفصيلين الإرهابيين.
وكان السادس من أغسطس 2012، تاريخًا شاهدًا على نشأة الألوية الرئاسية، ذلك السلاح الذي استخدمته المليشيات الإخوانية لإعادة تنظيم القاعدة إلى الجنوب، ضمن مخطط شيطاني تكشفت خيوطه وملامحه، عبر تحالف مع تنظيمات إرهابية.
تضم الألوية التي يقودها "ناصر" نجل الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي، فصائل إرهابية موالية لتنظيم القاعدة بشكل مباشر، بالإضافة إلى عناصر شمالية تابعة لحزب الإصلاح، تستهدف الجنوب وذر رماد الإرهاب في أراضيه.
تحركات "الألوية الرئاسية" يُنسِّقها ويديرها الإرهابي علي محسن الأحمر الذي يكرّس وقته وجهده من أجل إثارة القلاقل والفوضى بالجنوب.
الألوية الرئاسية منذ تشكيلها، برزت أطماعها ومحاولاتها في الاستئثار بالسلطة، وتجلّى ذلك في ممارسات حزب "الإصلاح" الذي يُسيطر على قطاعات كبيرة داخل هذه الألوية، كما أنّ هذه الألوية كثيرًا ما شكّلت عبئًا على التحالف العربي الذي اضطر للتدخل في أكثر من مناسبة، من أجل نزع فتيل أزمة تسبّبت فيها هذه الفصائل.
كما دخلت المحاولات الإخوانية لإفشال اتفاق الرياض، مرحلة بالغة الخطورة، بعدما استعان حزب الإصلاح بتنظيمات إرهابية وعلى رأسها القاعدة بغية تفجير الأوضاع في الجنوب.
قوات الحزام الأمني بمحافظة أبين تمكنت فجر الثلاثاء الماضي، من إحباط هجوم إرهابي شنه مسلحون يتبعون تنظيم القاعدة الإرهابي على منزل قائد القطاع الشرقي لمديرية مودية وليد مغليب.
مصادر مطلعة قالت إنَّ قوات الحزام الأمني بمديرية مودية، اشتبكت مع عناصر "القاعدة"، حيث تمكنت من إفشال الهجوم وسط سقوط قتلى وجرحى من عناصر التنظيم الإرهابي.
وأشارت المصادر إلى تعرُّض طقم عسكري تابع لقوات الحزام الأمني بمودية إلى الاستهداف بعبوة ناسفة بمنطقة "القوز" وهو في اتجاهه لتعزيز القطاع الشرقي عقب الهجوم الإرهابي الغادر، فيما قامت قوات الحزام بمطاردة العناصر الإرهابية ولاحقتهم خارج منطقة القوز.
يُشير هذا التصعيد الخطير، إلى محاولات حثيثة من تنظيمات إرهابية ترتبط بحزب الإصلاح الإخواني في محاولة لتفخيخ الأوضاع على الأرض بغية إفشال اتفاق الرياض، في محاولة إخوانية مستميتة تهدف في المقام الأول إلى إنقاذ المستقبل السياسي لحزب الإصلاح.
في الوقت نفسه، أكّد مصدر بقوات الحزام الأمني في مديرية مودية برفع الجاهزية القتالية إلى الدرجة القصوى لجميع السرايا والنقاط وجميع الوحدات القتالية للحزام الأمني.
المصدر قال إنَّ قيادة القطاع استدعت كافة القوات إلى جميع مواقعها بعد الهجوم الغادر الذي تعرضت له نقطة القوز شرق مودية لهجوم من عناصر تنظيم القاعدة وبتواطؤ وتعاون من قوات الإصلاح وورود معلومات عن تحركات قادمة بهدف إسقاط الحزام الأمني والسيطرة على المدينة.
وأضاف المصدر أنّ القيادة في الحزام أكّدت على الضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه بإقلاق السكينة العامة للمدينة وتحذر أنّها لن تتهاون مع كل من يتعاون مع هذه العناصر الخارجة عن النظام والقانون.
وتنظيم القاعدة في اليمن هو الأقوى والأكثر تنظيمًا من فروع التنظيم في الدول الأخرى، وذلك بسبب الرعاية التامة التي يُوفِّرها له حزب الإصلاح الإخواني، حسبما يقول نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك.
وغرَّد بن بريك عبر حسابه على "تويتر" قائلًا: "تنظيم القاعدة في اليمن هو أقوى وأكثر تنظيمًا من غيره من فروع التنظيم، بل إنه بات مركز ثقل التنظيم، ووُفِّرت له الرعاية التامة من حزب الإصلاح الإخونجي شريك الحكم، حتى بلغ الأمر أن تسمى تشكيلات التنظيم في اليمن بالجيش الوطني، ولرعاية قطر لم يتحرك صوب الحوثيين".
العلاقات بين المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية وتنظيم القاعدة كثيرًا ما فُضِح أمرها، ويقود هذه العلاقات الإرهابي علي محسن الأحمر الذي يُنظر إليه بأنّه مُحرّك أساسي لمجريات الأمور في معسكر "الشرعية"، وهو أشد قادة هذا الفصيل إرهابًا وتطرفًا، ويتولى التنسيق في علاقات الإخوان والقاعدة.
أتاح الأحمر أرضًا خصبةً للمجموعات والفصائل المتطرفة التي تحولت فيما بعد إلى ما يُعرف بتنظيم القاعدة، حيث قويت علاقة محسن الأحمر بتنظيم القاعدة في عام 2017.
وهناك رسائل بين الأحمر وقاسم الريمي في عام 2017، طلب فيها الأحمر تكثيف وجود تنظيم القاعدة، في مقابل تقديم الدعم المالي اللازم للتنظيم، وأكد الأحمر لزعيم القاعدة أنه يخطط للاعتماد على مسلحي القاعدة؛ لعقيدتهم القتالية، متعهدًا بالدعم المالي المطلوب.
وفي يناير 2018، كشف الباحث الأمريكي بيتر ساليسبري في دراسة نشرها معهد الخليج للدراسات ومقره واشنطن، أنّ محسن صالح الأحمر يعتبر لاعبًا مؤثرًا في شبكة من الجماعات القبلية والإرهابية التي مركز ثقلها هو حزب الإصلاح، كما أنه متهم بالمساعدة في رعاية المجموعات المسلحة التي أصبحت في نهاية المطاف "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية".
وتقول الدراسة: "الأحمر تمكَّن من تقديم نفسه على أنَّه آخر أمل لتحقيق النصر العسكري ضد الحوثيين، وكخط دفاع أخير عن اليمن، وفي حال تمكنه من تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، فقد يكون قادرًا على الانطلاق مرتكزا على منصبه الحالي ليهندس لنفسه عودة غير متوقعة إلى السلطة".
كما أنّ المليشيات الإرهابية التابعة لمحسن الأحمر، متورطةٌ بوضوح تام في استهداف قوات التحالف العربي والمدنيين في الجنوب، وقد برهن الهجوم الإرهابي الذي استهدف قوات الحزام الأمني في محافظة أبين في أغسطس الماضي، على علاقة علي محسن الأحمر بتنظيم القاعدة في اليمن.