جرحى الجبهات.. أبطال يموتون أمام الجوزات المغلقة أبوابها!

جرحى الجبهات.. أبطال يموتون أمام الجوزات المغلقة أبوابها!

جرحى الجبهات.. أبطال يموتون أمام الجوزات المغلقة أبوابها!
2019-10-13 12:21:39
صوت المقاومة/خاص-عدن
تقرير - إبراهيم البشيري
بعد أن انتهك الحوثي سيادة الحكومة الشرعية في صنعاء، واغتصب شرعيتهم، وأخرج أعضاء الحكومة أذلاء صاغرين بعباءات النساء، هربوا إلى عدن وجلبوا معهم ويلات الحرب وأدخلوا البلاد في نفق مظلم، وتركوا اليمن عامة والجنوب خاصة تحت أفواه مدافع الحوثي، ونيران صواريخ إيران، ووفروا بيئة خصبة للإرهاب المتطرف، وولّوا الأدبار هاربين مع أسرهم جواً وبحراً وبراً، ليتوزعوا على دول الخليج ومصر وتركيا وكذا دول أوربا وأمريكا، تاركين الشعب نفسه يواجه التمدد الإيراني، وأصبح الجنوب بين خيارين لا ثالث لهما، وهو الأول: إما الركوع لمليشيا الحوثي والخضوع لمشروعهم، وتسليم عدن لقرود مران، والخيار الثاني: التمسك بالأرض والعرض والدين، وخوض معركة البقاء والوجود، وهو الخيار الذي اختاره الجنوبيون، ودفع فاتورته بقوافل من الشهداء وآلاف من الجرحى منذ اجتياح الجنوب في 2015.
وبتضحيات جسيمة قدمها العسكري والمدرس والطالب والفلاح والطبيب والمهندس وكل شرائح المجتمع في الجنوب، استعادت الحكومة جزءًا من كرامتهم المسلوبة وشرفهم المنهوب، وكان جزاء المقاومين حرمانهم من أبسط حقوقهم من الرواتب والمراتب، وتعذيبهم بحرب الخدمات ليجد الجرحى الذين دفعوا فاتورة الانتصار من دمائهم يصرخون على قارعة التجاهل والنسيان، يموتون بجراحهم المفتوحة خلف جدران الصمت.
حمادي وصالح يغادران الحياة
أمام أعين العالم مات "حمادي معتوق سعيد" و"صالح حسين بن حسين" وعرجت روحهما إلى السماء تشكو لرب العباد عن الجور الذي يعانيه ويقاسيه الجرحى، وكيف يتذوق الجرحى مرارة الجروح في مستشفيات عدن المتردية. 
غادرا - "حمادي وصالح" - الحياة بجروحهم النازفة وأجسادهم النحيلة الممزقة بالرصاص والشظايا، بعدما منعت الحكومة الشرعية إصدار جواز يمكنهما من السفر للخارج للعلاج، وحكمت عليهما بالموت البطيء وفاءً وعرفاناً لدفاعهم عن ذئاب الشرعية، التي طردت شر طردة من قبل الانقلابيين الحوثيين مطلع عام 2015م.
وباللهجة العدنية يقول "فكري محمد شرف": "بهب لك من فوق، المستشفيات حق نحنا يالله تعالج السعلة والحمى!".
واختصر "ماجد" حديثه: "الحروب أخلاق مهما كان الأمر، أما أن يموت الجرحى أمام أعيننا ولا نستطيع أن ننقذهم، فهذا يعني ماتت الإنسانية، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
وبمشاركة منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوقية ومختلف النقابات، نظم الجرحى وأهالي المرضى ذات الأمراض المستعصية وقفة احتجاجية تنديداً بتعسفات الحكومة. 
افتحوا لنا الجوازات
"ماجد عبدالله محمد" أربعيني العمر تواجد ضمن وقفة احتجاجية للجرحى في منطقة كريتر، مركز العاصمة عدن، حاملاً معه كتلة من الأوجاع والهموم التي كانت باديةً عليه بكل جلاء.
حضر "ماجد"، بصعوبة، الوقفة التي دعا لها جرحى حرب عام 2015م، لتنظيمها الأحد 29 سبتمبر للتنديد بالإهمال الذي يطالهم وعدم النظر بشكل جدي إلى معاناتهم الجسام.
اقتربنا من الجرحى نستمع لمطالبهم، التي تنادي بتوفير متطلبات علاجهم، وفتح مرتباتهم، وتسهيل إجراءات سفرهم، مستنكرين الحرب التي تمارس ضدهم من قبل الحكومة. 
"افتحوا لنا الجوازات.. خلونا نعالج أنفسنا" هكذا افتتح "ماجد" حديثه من على كرسي المعاقين، وبنبرة مملوءة بالاستياء يضيف قائلاً: "نحن الجرحى حرمنا من أبسط الحقوق، ونحن ننظم الوقفة الاحتجاجية اليوم لإنصافنا من الظلم، وتنفيذ مطالبنا الرامية لتوفير متطلبات العلاج وفتح الجوازات التي انقطاعها ضاعف معاناتنا وبدد أملنا بالسفر لتلقي العلاج بسبب تعنت الحكومة الفاسدة". 
ويكمل: "نحن الجرحى نعاني بشكل كبير من الحكومة التي طوال خمس سنوات تركتنا على هذا الحال، ولا نحصل سوى على وعود كاذبة، وأملنا كبير بعد الله بالرئيس هادي أن يلتفت لمعاناتنا بعين الاعتبار". أما عن الحكومة يقول" ماجد": (لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي).
اختار الجرحى طريق الاحتجاج للتعبير عن رفض معاناتهم تلك التي يقولون إنها تعدٍ سافر، يستهدف جرحى عدن ويحرمهم من أبسط حقوقهم المكفولة. 
الجريح أمين الصبيحي شاهد على إجرام حكومة الإرهاب 
الجريح البطل أمين الصبيحي مرت شهور على جراحه وهو ملازم فراش الموت فاقدا للوعي نتيجة الحالة المأساوية التي وصل إليها جراء الإهمال والمعاناة. أسرته طرقت كل الأبواب ولم تدع مسؤولا إلا وخاطبته للتدخل لتسفير ابنها الذي يموت كل يوم أمام ناظريها دون أن توقظ حالته الإنسانية المؤلمة ضمير الإنسانية في نفوس من يسمون أنفسهم قيادة. 
حكومة اللصوص هي السبب
وزاد تخلف الشرعية من معاناة الجرحى بعدما عمدت على إغلاق مقارها الحكومية الخدمية، كالجوازات، وعدم صرف مرتباتهم التي يقولون إنها الشيء الوحيد الذي يعيلون أسرهم من خلاله، بعدما جعلت منهم الجراح التي أصيبوا بها في الحرب طريحي المنازل أمثال الجريح "ماجد".
وبينما كان العقيد عادل علي سعيد، نائب المدير العام للجوازات، يمر من أمام الوقفة الاحتجاجية باتجاه مقر الهجرة والجوازات، اعترضناه لتوضيح موقف الموظفين، وفي ذلك يقول: "هذه المشكلة نعاني منها لأكثر من شهرين، وسبب توقف الشبكة الرئيسية تكمن في المركز الرئيسي في الرياض، وقد تم مخاطبتهم في هذا الجانب بكون لدينا جرحى وأمراض بالسرطان وكذا لدينا مغتربين وطلاب مبتعثين والمواطن العادي الذي يرغب بالسفر".
ويضيف: "كلما تواصلنا بالقيادة في الرياض يقولون لنا: سنفتح الشبكة ومالك دخل!". 
ولم يستطع الجرحى استخراج الجوازات للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، بعد أن أغلقت الحكومة مقر الهجرة والجوازات في وجوه المواطنين بعد مغادرتها عدن عقب الأحداث الأخيرة، في عملية انتقامية تجسد عقابا جماعيا ضد الجنوبيين. 
انتهاك حقوق الإنسان
ولم تتخلَّ الحكومة الشرعية عن الجرحى بإيقاف الجوازات ووقف المرتبات والتهميش الممنهج، بل وصل لحرمانهم من مستحقاتهم العلاجية التي يقولون إنها تصرف لجرحى مأرب ومحافظات شمالية بشكل روتيني، لكن في عدن فالمخصصات العلاجية للجرحى تذهب في خبر كان.
من جهته يقول الدكتور "عبدالعزيز علي هادي"، نائب دائرة حقوق الإنسان بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وكان متواجداً في الوقفة الاحتجاجية: "مهام أي حكومة في أي بلد هي حماية المواطنين وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية والعمل على تسفيرهم وعلاجهم، لكن وللأسف الشديد فحكومة الشرعية هي من تنتهك حقوق الإنسان بما حرمة المواثيق الدولية، وقانون حقوق الإنسان الدولي".
وأضاف: "إن حرمان المواطن من التنقل والسفر لتلاقي العلاج جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ من قبل الحكومة الشرعية ممثلة بوزير الداخلية أحمد الميسري".
مطالبات بتحييد الملف الخدمي
وفي الوقفة الاحتجاجية طالب الجرحى والمرضى من المواطنين بتحييد الملف الخدمي المدني، وعدم إدخاله في إطار الصراعات، بما فيها توقف إصدار الجوازات وعدم استغلال الجرحى للنكايات السياسية الموجودة، فالجرحى والمصابون بالأمراض الخطيرة كالسرطان، بحاجة ماسة إلى الجواز للسفر إلى الخارج.
"عمر علي بن علي"، مندوب الجرحى في دائرة الشهداء والجرحى بالمجلس الانتقالي، يقول: "بعد مباحثات جاء اعتماد من التحالف للجرحى بتلقي العلاج في جمهورية مصر، وذلك بإشراف نائب رئيس المجلس الانتقالي الشيخ هاني بن بريك". 
ويتابع بأن: "الاعتماد سارٍ؛ لكن لم يستطع الجرحى الحصول على الجوازات للسفر".
ويؤكد الناشط الميداني "عبدالرحمن محمد صالح حسين" بأن هناك 36 جريحا في عدن حالتهم خطرة وبات نقلهم ضرورة لا تحتمل التأخير، من غير الجرحى المتواجدين في أبين وشبوة والضالع سواء كانوا عسكريين أو مدنيين.
ويتساءل الكثير: ما الذنب الذي ارتكبته عدن حتى يتم إيقاف الجوازات عن أهلها؟! ولماذا لم نسمع عن إيقافها في مأرب؟ ولماذا هذه الوحشية التي تظهرها الشرعية؟!
مناشدات
وناشد جرحى الحرب والمواطنون المدنيون، دول التحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، والرئيس عبدربه منصور هادي، وكذلك المجلس الانتقالي الذي لا يُستثنى من تحمل المسؤولية، للتدخل العاجل والسريع واتخاذ قرارات صارمة دون نقاش لتخفيف معاناة الجرحى وإنقاذهم من الهلاك.