على رصيف الأمل والبشرى، ينتظر الآلاف من أبناء الشعب الجنوبي في الداخل والخارج سماع نبأ جديد من جبهة الضالع، يتكرر صداه كل يوم بكسر زحف لمليشيات الحوثي الغازية، وانتصار جنوبي خالص مهره وثمنه الدماء الزكية العاطرة التي روت من غزارتها ثرى هذا الوطن الحبيب في جبهات الضالع، ولا زالت مستمرة تسقي شجرة التحرير كل يوم ولن تكف عن فعل بطولي كهذا حد الارتواء.
في جبهات محافظة الضالع الباسلة، التي تدور في رحاها وتخومها الجغرافية الحدودية الشمالية والغربية للمدينة، المعارك الأكثر نارا والأشد ضراوة بين مليشيات الحوثي وأبطال القوات الجنوبية المشتركة بمختلف تشكيلاتهم ومسمياتهم القتالية والعسكرية.
معارك مستمرة
في بداية استطلاعنا الميداني لصحيفة "صوت المقاومة الجنوبية " كان لقاؤنا الأول مع القيادي البارز في اللواء الرابع مقاومة بالضالع الشاب "أصيل حزام المرهبي" الذي استهل حديثه للصحيفة قائلا: "نحن هنا في جبهة محافظة الضالع الباسلة منذ ما يقارب السبعة أشهر ونحن نخوض معارك نارية نتصدى فيها لمحاولات مليشيات الحوثي المتكررة تارة، ونهاجم مواقعهم التي يتحصنون بها تارة أخرى.
ويواصل القائد "أصيل حزام" حديثه بالتأكيد أن القوات الجنوبية المشتركة استطاعت أن تفتك بعناصر الغزاة في مختلف الجبهات القتالية بالضالع، حيث قال: "بفضل الله تعالى استطاع رجالنا البواسل من قطع أنفاس عناصر الحوثي وهزيمتهم في كل الجبهات بمحافظة الضالع".
ويختتم القيادي "أصيل حزام" حديثه للصحيفة بالقول: "المعارك هنا في جبهة الضالع تحديدا في مريس وقعطبة وباب غلق وشخب والريبي وباجة والمشاريح وتورصة بالأزارق لا تزال مستمرة وتتجدد فيها المواجهات كل يوم وقواتنا في تقدم مستمر والنصر سيكون حليفنا بإذن الله".
ضالع الصمود
ضمن اللقاءات التي أجريناها مع أبطال القوات الجنوبية في جبهة محافظة الضالع كان لقاؤنا العابر مع القيادي في اللواء الثاني مقاومة بالضالع "ملهم قاسم محسن" الذي بدوره تحدث لـ"صوت المقاومة الجنوبية" بعبارات الفخر والعزة التي عُرف بها المقاتل الجنوبي قائلا: "من جبهة الشرف ومن كل مواقع البطولة في الضالع الأبية الصامدة بوجه عدوان وطغيان مليشيات الحوثي الغازية التي عاودت محاولة غزوها مجددا للضالع كي تنتقم منها، نبشر الشعب الجنوبي بأننا هنا دروعا بشرية لحماية البوابة الشمالية للجنوب".
ويضيف القائد "ملهم قاسم " في حديثه معنا: "الضالع عصية على جحافل الغزو الحوثي مهما كانت قوتهم ومهما حشدوا من عناصر واتخذوا من وسائل إلا أنهم لن يستطيعوا تحقيق أي هدف، فنحن هنا لهم بالمرصاد".
ويختتم القائد "ملهم قاسم" حديثه حيث قال: "لا تزال الضالع هي الرقم الذي يصعب تجاوزه بالنسبة لجحافل البغي من مليشيات الحوثي ومن وقف إلى جانبها من أجل هدفها المزعوم باجتياح الضالع، ضالع الصمود والانتصار والتحدي سوف تبقى هي ضالع الصمود والانتصار والتحدي".
جنوب واحد
من ضمن اللقاءات التي أجريناها مع أبطال القوات الجنوبية المرابطين في متارس القتال النارية بجبهات محافظة الضالع كان لقاؤنا مع أحد المقاتلين هناك ويدعى "عبدالله أحمد قايد البدشي" من كتائب الشهيد القايد "شلال الشوبجي" الذي تحدث لصحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" قائلا: "جبهة الضالع جسدت ذروة التلاحم الوطني الجنوبي الواحد، إذ يشارك جميع أبناء المحافظات الجنوبية في المعارك هنا بجبهة الضالع".
ويضيف البطل عبدالله البدشي في حديثه قائلا: "الجنوب اليوم جنوب واحد بعد العناء والمسافات الطويلة التي قطعها شعبنا الجنوبي الباسل في مختلف المراحل والدروب الثورية".
انتهاكات بالجملة
لقاء آخر جمعنا مع أحد أبطال القوات الجنوبية هناك في جبهة الضالع، كان هذه المرة مع المتحدث الرسمي باسم جبهة الضالع النقيب "ماجد صالح الشعيبي" الذي استهل حديثه متحدثا عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية بحق المدنيين في محافظة الضالع قائلا: "لقد قامت مليشيات الحوثي الانقلابية بارتكاب الآلاف من الجرائم والانتهاكات التي طالت المدنيين والأعيان المدنية والثقافية منذ آخر تصعيداتها في جبهات الضالع".
وكشف المتحدث الرسمي لجبهة الضالع أرقاما مخيفة لانتهاكات مليشيا الحوثي بحق المدنيين في الضالع قائلا: "ارتكبت مليشيات الحوثي ما يفوق عشرة آلاف انتهاك بحق المدنيين في الضالع تنوعت ما بين القتل والتهجير القسري والاختطاف وقصف المدن وتدمير المدارس ونسف الجسور والطرقات".
عسكرياً قال المتحدث الرسمي باسم جبهة الضالع: "إن القوات الجنوبية ستعمل على توسيع رقعة التحرير في القريب العاجل لتشمل مناطق كثيرة أهمها ماوية في تعز والحشا وبلدتي العود والفاخر بقعطبة".
مصير مشترك
ومن ضمن اللقاءات التي أجرتها صحيفة "صوت المقاومة الجنوبية" من مواقع تمركز أبطال ومنتسبي القوات الجنوبية بجبهة محافظة الضالع الباسلة كان لقاؤنا مع الشاب "عبدالرحمن فضل العبيدي"، وهو أحد أبطال اللواء الرابع مقاومة، والذي أصيب بطلقة نارية قبل أشهر في موقع تبة السد بجبهة باب غلق، أحد أشرس الجبهات القتالية النارية، وكادت أن تودي بحياته، ولا تزال آثارها بادية على رقبته. استهل العبيدي للصحيفة حديثه في لقاء عابر قال فيه: "نحن أبطال القوات الجنوبية المشتركة في الخطوط النارية المتقدمة لجبهات الضالع، ونحن هنا نقاتل من أجل هدف واحد ومصير مشترك إلى جانب أشقائنا في التحالف العربي المتمثل بالقضاء على تمرد مليشيات الحوثي الموالية لإيران".
ويختتم الشاب الجريح "عبدالرحمن" حديثه بالقول: "القوات الجنوبية بمختلف تشكيلاتها ومسمياتها المرابطة هنا في جبهة الضالع وغير الضالع هي الشريك الحقيقي وكذلك الوحيد مع قوات التحالف العربي في تاريخ حربنا المستمرة والعمليات العسكرية المتواصلة التي تقوم بها قواتنا ضد فلول جماعة الحوثي".
رجال المواقف
آخر اللقاءات كان من جبهة حجر مع أحد القيادات التي لبت نداء الواجب الوطني للدفاع عن الضالع، القيادي في أمن العاصمة عدن النقيب "فواز الصافي" الذي تحدث إلينا قائلا: "نشكر في البداية قوات التحالف العربي ممثلة بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على دعمهم السخي والكبير الذين يقدمونه للضالع التي تخوض معارك ضارية منذ ثمانية أشهر مع مليشيات الحوثي الموالية لإيران".
ويضيف النقيب فواز الصافي ضمن حديثه معنا بالقول: "مواقف الأشقاء في التحالف العربي ستبقى راسخة ومخلدة في وجدان الجنوبيين".
بندقية محلية الصنع
من المشاهد التي لفتت انتباهنا في زيارتنا واستطلاعنا الميداني الذي أجريناه مع أبطال القوات الجنوبية في محافظة الضالع ما صنعه الشبل "هاني النقيس" البالغ من العمر 14 عاما والذي صنع بندقية من خشب وبعض القنابل اليدوية التي صنعها من زجاجات العطور، في مشهد فريد لم يحدث قط من قبل في هذه المدينة.
في منزله المتواضع بسناح الحدودية استقبلنا الشبل هاني النقيس برفقة والده الذي تحدث إلينا عن ما قام به هاني قائلا: "بعد أن استشهد عمه الشهيد صديق عبدالله ناصر النقيس في جبهة حجر قام ابني هاني بصنع بندقية من خشب، وأيضا من زجاجات العطور صنع بعض القنابل والمتفجرات، وعندما سألته: لماذا؟ أخبرني بأنه يريد الثأر لعمه الشهيد ومواجهة مليشيات الحوثي التي تحاول غزو بلادنا".
التقينا بالشبل "هاني النقيس" الذي بدوره تحدث إلينا قائلا: "قمت بصناعة هذه البندقية كي أثأر لعمي الشهيد صديق الذي قتله الحوثيون الذين أتوا من صعدة كي يقتلونا ويدمروا بلادنا، وسوف نقاتلهم جميعا بأي وسيلة".
مقبرة الغزاة
في الوقائع والأرقام والسجلات والأحداث تثبت دوما مدينة الضالع الباسلة بأنها مقبرة لكل الغزاة عبر التاريخ وأطواره المتقلبة ومراحله الدائرة التي توقفت عجلتها على ضفاف الضالع.
استبسلت في حرب الإنجليز وكانت سدا منيعا ضد جحافل غزو الجنوب في العام 1994 للميلاد، وأنهكت مليشيات الاحتلال وقواته منذ العام 1998 للميلاد، مرورا بانطلاقة الثورة السلمية الجنوبية بالعام 2007 للميلاد.
كما كانت الضالع أول مدينة تعلن عن مقاومتها المسلحة للاحتلال الشمالي الإخواني لأراضيها في أول بيان رسمي صدر عن مقاومتها الباسلة في العام 2012 للميلاد.
والضالع أيضا كتبت تاريخها كأول مدينة في شبه الجزيرة العربية تتحرر من المد الصفوي والإيراني المتمثل بالاجتياح المسلح لمليشيات الحوثي وذلك بعد أن رسمت أولى ملامح الانتصار الجنوبي أواخر أيار من العام 2015 للميلاد.
اليوم تواصل الضالع برهنة الواقع وإثبات معادلة كينونتها كمقبرة للغزاة بعد أن قطع أبطالها أنفاس الغزاة في قعطبة وحررت حدود ماوية في تعز القريبة من الأزارق واجتاح طوفان الضالع الثائر بتاريخ 8 اكتوبر 2019 للميلاد مناطق حجر ووصل إلى الفاخر.