موجة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في مدينة عدن يعتبر من أكبر المعضلات وأشد معاناة تطال المواطن في ظل توالي الخيبات والوعود الحكومية المتكررة بإيجاد الحلول الجذرية لاستمرار التيار الكهربائي؛ وذلك بتوسيع القوة التشغيلية وبناء محطات أخرى توفر طاقة كهربائية تستوعب حاجة مدينة عدن في ظل النمو السكاني المتسارع للمدينة.
"صوت المقاومة الجنوبية" رصدت آراء شريحة من المواطنين بالعاصمة عدن حول معاناتهم مع الكهرباء في سياق الاستطلاع التالي:استطلاع/ نوال باقطيان
احتشدت الذاكرة بأحداث الصيف السيئة، وها هو المواطن يعاني من غياب الخدمات الثلاثي (التيار الكهربائي والمياه وطفح مياه المجاري) لتعاود تلك الصورة التي حفرتها الحكومة اليمنية طوال توليها لسدة الحكم لتمهر سنوات حكمها المندثرة بالفشل الذريع بمعضلة غياب التيار الكهربائي حتى باتت هذه المعضلة حديث الناس اليومي.
ويقول عادل، مواطن أرهقته سنوات العيش في ظل هذه الحكومات: "لم يعد حديثنا إلا عن الكهرباء متى طفت ومتى ستأتي".
يشاطره الرأي محمود عبده، أحد الموظفين، وأكد بالقول: "سنوات عمري الأخيرة أنفقتها بالسؤال متى انقطع التيار الكهربائي ومتى سيعاود المجيء مرة أخرى ليضيع عمري انتظارًا لجحيم وكابوس الكهرباء!".
وقت راحة
قمر سالم، طبيبة تعمل بأحد المستشفيات الخاصة، بادرتنا بقولها: "بعد إنهاء عملي في المستشفى أتوجه إلى منزلي للحصول على قسط من الراحة ثم أعود المستشفى مرة أخرى إلا أنني أُفاجأ فور وصولي للمنزل بانقطاع التيار الكهربائي منذ دقائق؛ لتذهب حلمي بساعة غفوة أدراج الرياح".
وأضافت: "المواطن هرم من كثر المعاناة وأصبح اليوم يزور المستشفيات لينعم باستمرار التيار الكهربائي، ففي المستشفى - التي أعمل بها - مولد كهربائي كبير يقوم بتشغيل المكيفات الهوائية وجميع أجهزة الإنعاش".
وروت لنا قمر سالم قصة عن معاناة الكهرباء وقالت: "صادفني في يوم من أيام الصيف الحار أحد المرضى الذي أسعف إلى المستشفى فكان يعاني من ارتفاع درجة الحرارة ولا تستدعي حالته الترقيد في المستشفى ووصفت بعض الأدوية وطلبت منه البقاء بالمنزل للراحة، إلا أنه طلب مني ترقيده بالمستشفى لينعم بنوم هانئ على جو المستشفى البارد كون الكهرباء في المشفى مستمرة بفضل المولدات الخاصة".
عطل في كيبل
ويشكو مواطنون في مناطق متفرقة من المنصورة والممدارة من انقطاع الكهرباء، ليعزو بذلك هذا الانقطاع إلى عطل في كيبل يخص المنطقة، وأفاد فيصل الصنعاني، أحد المواطنين في مديرية المنصورة بأن "انقطاع التيار الكهربائي باتت معضلة يعاني منها المواطن المغلوب على أمره، وانقطع التيار الكهربائي منذ نصف شهر واستمر هذا الانقطاع يومين متتالين وعندما سألت أحدهم عن سبب الانقطاع قيل لي بسبب عطل في كيبل ولم أرَ أيًا من عمال الكهرباء أتى لإصلاح هذا العطل".
بدورها أم زينب تشكو جحيم الكهرباء وقالت: "حسبي الله ونعم الوكيل! أتعبتنا انقطاعات الكهرباء وعانينا منها، تستمر في غالب الأحيان لأيام، والسبب كما قيل عطل في الكيبل، وأمي امرأة مسنة وتعاني من الضغط ومنذ حلول الصيف وهي لا تفارق سقف المنزل للترويح عن نفسها".
أبو وليد، أحد سكان المنصورة، يقول: "نعاني من انقطاع التيار الكهربائي كل يوم ليلا ونهارا، قبل نصف شهر انقطع التيار الكهربائي وقيل لنا السبب عطل في كيبل ولم نجد أحدا من عمال الكهرباء يقوم بإصلاح الكيبل".
ابتزاز من نوع آخر
أعلنت مؤسسة الكهرباء للمواطنين بحملةٍ لقطع التيار الكهربائي عن المنازل الغير الملتزمة بدفع فواتير التيار الكهربائي وذلك بفحص الفواتير وزيارة المنازل، ألا أن غالبية المواطنين فوجئوا بقطع التيار الكهربائي عن المنازل الملتزمة بتسديد فواتير التيار الكهربائي!
أم عارف، من مديرية المنصورة العاصمة عدن، تتحدث لـ"صوت المقاومة الجنوبية" عن واقعة فحص عمال الكهرباء لعداد منزلها قائلة: "في إحدى الأيام جاء أحد العمال إلى منزلنا وكان يقل سيارة الكهرباء، وفتح صندوق العداد وقام بفحص العداد ومن ثم غادر دون إيضاح السبب من الفحص، على الرغم تسديدي لفواتير الكهرباء وقد تكررت الواقعة مرتين وكان ذلك قبل شهور منذ رفضت مؤسسة الكهرباء تقسيطي لتسديد الفواتير تحت مبرر تسديد نصف المبلغ على أقل تقدير".
كما تروي عبير، اسم مستعار، حادثة شجارها مع عمال الكهرباء، وذلك بعد قطع التيار الكهربائي عن منزلها قائلة: "نحن عائلة نسكن في مديرية المنصورة، ولأن عائلتي مستأجرة أحد المنازل، كنا نقوم بتسديد فواتير الكهرباء أولا بأول، لكننا فوجئنا عند قيام عمال الكهرباء بفصل التيار عن المنازل الملتزمة بالتسديد، حيث تجاوزوا جميع المنازل وقاموا بفصل التيار الكهربائي على منزلنا مع أننا ملتزمون بالسداد".
وأضافت: "في المرة الأخيرة استيقظنا على فاجعة عدم وجود فيوز عداد كهرباء المنزل، الأمر الذي جعل الوالد يشك بعمال الكهرباء، فذهب إليهم لاسترجاع الفيوز؛ لكنهم لم يعيدوه إلا عندما دفع والدي مبلغا من المال مقابل استعادة الفيوز!".
وتابعت: "وفي آخر مرة كان العمال سيفصلون التيار الكهربائي، خرجتُ لهم وتشاجرت معهم ومنذ ذلك الحين لم يأتوا لنا".
المروحة الراقصة
انقطاعات التيار الكهربائي في أرجاء مدينة عدن باتت مألوفة مقارنة بمنطقة البساتين التي تعاني من ضعف التيار الكهربائي بشكل عام، وعلى هذا الواقع تحدثت إلينا مريم، إحدى الساكنات هناك، وقالت: "نعاني منذ شهر شعبان من ضعف كبير بالكهرباء في ظل موجة الحر الشديدة في عدن ولا نستطيع تشغيل المكيفات لتعيننا على الحر حتى المروحة تظل تتحرك ببطء كالمرأة الراقصة! واشتكينا مرارا وتكرارا لكننا لم نجد آذانا صاغية".
صيف بارد
وفي سياق معاناة سكان عدن مع الكهرباء منذ 5 سنوات كان رئيس الحكومة الأسبق أحمد عبيد بن دغر قد وعد سكان عدن منذ عامين بصيف بارد، ولفظ الصيف أنفاسه الحارة مرارا وتكرارا وذابت وتلاشت كل حبال الوعود الكاذبة ليتبين بذلك زيف اهتمام الحكومة بمعاناة المواطن وتوفير البنية التحتية وأبسط مقومات الحياة من الخدمات. وفي 20 يوليو من عام 2018م وقّع محافظ عدن بحضور هادي مذكرة تفاهم لإنشاء محطه كهرباء عدن الجديدة بقدرة 264 ميجا قابلة للتوسعة بين شركة بترومسيلة أنظمه الطاقة والغاز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بشركة جنرال إلكتريك الأمريكية، كما وصلت مؤخرا الشهر المنصرم 24 / 6/ 2019م أي بعد عام من توقيع المذكرة إلى ميناء عدن توربينات محطة كهرباء عدن الجديدة بقدرة 264 ميجا وات المرحلة الأولى وذلك بتفريغها بميناء عدن والآتية من نفس الشركات التي وقعت مذكرة تفاهم معها منذ أكثر من عام.
نشأة كهرباء عدن
عرفت بلادنا الكهرباء في عدن لأول مره في عام 1926م وذلك عندما أنشأت السلطات البريطانية أول محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية في منطقة حجيف وذلك لتلبية حاجة الجنود الإنجليز.
ثم مع بداية الثلاثينات تم بناء محطة أخرى تعمل بوقود بالديزل بطاقة 2م وأنشأت شركة الزيت البريطانية مصفاة عدن (Bp) في نوفمبر في عام 1952م رافقها بناء محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية وذلك لتزويد الأحياء السكنية في عدن. أنشئ في عام 1953م بناء محطة بخارية في منطقة حجيف بطاقة 26م، وفي عام 1960م تم بناء محطة توليد الطاقة الكهربائية في منطقة التواهي تعمل بوقود الديزل بقوة 6م وأعقبها في عام 1961م بناء محطة أخرى في منطقة خورمكسر تعمل بوقود الديزل بطاقة 5. 4 م، وفي عام 1966م تم بناء محطة غازية في منطقة البريقة.
في عام 1975م تم بناء محطة خورمكسر لتوليد الطاقة الكهربائية بقوة 25م، وفي عام 1982م تم بناء محطة المنصورة لتوليد الكهرباء بقدرة 64م، ومنذ عام 1990م وحتى الآن لم تُبنَ أي محطة سوى بعض أعمال الصيانة والترميم وتغيير لقطع الغيار لهذه المحطات إلى جانب تحسين القوى التشغيلية.