المستشفيات في العاصمة عدن.. الوجع خير من العلاج!

المستشفيات في العاصمة عدن.. الوجع خير من العلاج!

المستشفيات في العاصمة عدن.. الوجع خير من العلاج!
2019-07-25 15:45:46
صوت المقاومة/خاص
تقرير: إبراهيم البشيري
في عدن العاصمة عليك أن تكتب وصيتك الأخيرة قبل أن تتوجه إلى أي مستشفى للعلاج حتى وإن كان مرضك نزلة برد! الأمر ليس مزاحا ففي الآونة الأخيرة سُجلت عشرات الحالات من روّاد المستشفيات في عدن في سجلات الوفاة رغم دخولهم إلى المستشفيات يمشون على الأقدام.
في عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة قتل الكثير بأخطاء الممرضين وباستهتار الأطباء وبجشع الإدارات، فكم من مرضى دخلوا مستشفيات عدن وخرجوا محمولين على النعوش!
فيما الكثير من جرحى المقاومة الجنوبية دخلوا المستشفيات في عدن وهم مبتسمون وخرجوا منها مكفنين! 
ملائكة الموت!
لم تحمل أي مهنة أو عمل تعبيرًا للإنسانية النبيلة وسماتها القويمة مثل ما حملها الأطباء الملقبون بـ"ملائكة الرحمة"، حيث ومهنة التمريض ليست دراسة أو علوم تقدم في الكليات أو المعاهد، بقدر ما تعني الأخلاق واللين في التعامل والتخاطب مع المرضى والسعي نحو تخفيف آلامهم والأخذ بأيديهم للشفاء ومقاومة المرض، لكن الواقع في عدن عكس ذلك فقد تحول الأطباء إلى ملائكة الموت عن طريق التقليل من مسؤوليتهم الملقاة على عاتقهم واستخفافهم بأرواح الناس وعمى بصيرتهم في التشخيص. وفي ذلك يقول أحمد الرقب إن زوجة شقيقه فارقت الحياة بعد أن تم إسعافها إلى المستشفى، حيث تم إجراء فحوصات ذات تكاليف كبيرة وباهظة وبالأخير يكون سبب الوفاة وباء لم يستطع الأطباء معرفته! غير أن التخمين بين حمى الضنك والملاريا والسحايا هو ما يتردد على ألسنة الأطباء، وأن الوباء قد فتك بحياة أكثر من خمسة عشر حالة دون معرفته أو أسبابه وطريقة علاجه.
ويزيد "الرقب" مختصرا حال المستشفيات الحكومية المأساوي بغياب الأطباء في أيام العيد متسائلا: هل الناس لا تمرض خلال هذه الفترة؟! وطالب الأطباء أن يمارسوا مهنتهم بأمانة وأن يكونوا ذات رسالة سامية خالدة.
رضا الكازمي.. شهيدة استهتار الأطباء
الطفلة الجميلة رضا الكازمي ودعت الحياة بصمت بعد أن دخلت المستشفى الجمهوري على قدميها وكانت تأكل بشكل طبيعي وتتكلم كعادتها، وفي هذا يروي والدها ياسر ناصر الكازمي ولسانه مثقل بالحسرة والألم بمجرد سماع نبرات صوته قائلاً: "في يوم الاثنين الموافق 24/6/2019 أخذت بنتي رضا إلى مستشفى الجمهورية وهي تمشي على قدميها وكانت تعاني من ألم خفيف في جنبها وأخبرني الدكتور من إجراء جهاز للتأكد من وجود أصبع زائدة، وبعد عمل الجهاز قال الدكتور أن ابنتي تعاني من التهاب بداية أصبع زائدة وتم تحويلي إلى دكتور جراحة وهو بلال منصور سرحان وعرضنا عليه حالة ابنتي وشرحت له بأنها تعاني من تحسس شديد وأن أكثر العلاجات تتحسس منها". 
ويواصل "الكازمي" بأن الدكتور طلب منه فحوصات وأخذ علاجات من خارج المستشفى، وبعد شراء العلاجات أعطيتها زوجتي لتسلمها إلى الدكتور؛ وذهبت لمتابعة نتائج الفحوصات والمسافة لا تتعدى عشر دقائق بين المستشفى والمختبر الخارجي، وبعد عودتي من المختبر وجدت أن الغرفة التي تقعد بها ابنتي مزدحمة ورأيت ابنتي تصرخ وتتعصب حتى طرشت (تقيأت)، حيث قام الممرض بحقن إبرة من الإبر التي سجلها الدكتور بلال دون أن يعمل تست (تجربة) حتى انتهى الأمر بوفاة فلذة كبدي رضا". 
ويزيد: "بعد وفاة ابنتي جاء مدير المستشفى طارق مزيدة وقائد الأمن في المستشفى ووعدوني بإجراء تحقيق وطلبت منهم إن كان الطبيب له ضلع في موت ابنتي فإنه سيموت في ذنبه وإذا لم يكن فالله معه". 
ويضيف الكازمي بأن الدكتور أثناء التحقيق حاول أن يبرر جريمته مشدداً على أن ابنتي كانت في شدة المرض وأنها لا تقدر على المشي كما اتضح بأن الممرض مجرد متعلم ومتعاقد وليس موظفاً رسمياً.
وتابع الكازمي مجسدا فصولا من المآسي قائلاً: "للأسف الشديد إن في الدول الأجنبية تسحب شهادة الطبيب أثناء فشله أو في حال ارتكابه أي خطأ كما يعاقب عقابا شديدا، وفي بلادنا يتم ترقية الفاشلين ورفعهم إلى مراتب عالية!". 
واختتم الكازمي حديثة مناشدا المسؤولين في الوزارة بمعاقبة كل دكتور متخاذل وسحب الشهادات ونزع مهنته لأنه لا يستحقها لأن أولاد الناس ليست رخيصة. 
مسالخ المستشفيات الخاصة
في الوقت الذي يحاول المواطن أن يخفف من آلام مرضه بالهروب من إهمال وتردي الخدمات في القطاعات الصحية الحكومية يجد تكاليف الخدمات في المستشفيات الخاصة مرضا يخنق أنفاسه؛ حيث أن تكاليف العلاجات والفحوصات والترقيد باهظة إلى حد الاستغراب، وبين شدة المرض وارتفاع تكاليف الخدمات يقف المريض حبيسا بين جدران منزله. وقال الناشط آدم الجحافي: "بالنسبة لنا كمواطنين أصبحنا نعاني كثيرا من هوامير الفساد في مستشفيات عدن كونهم حولوا المستشفيات الخاصة إلى مصدر للاسترزاق والنصب والاحتيال فبمجرد دخولك المستشفى يجب عليك أن تفتح جيبك منذ بداية دخولك المستشفى بإجراءات مالية تؤرق كاهلنا، ما لم لن يلتفت إليك أحد وإلا ستجد جريمة القتل النفس؛ عبر إهمالهم وعدم وجود وازع ديني وإنساني يؤنبهم على فعلهم الشنيع تجاه المرضى الغير قادرين على دفع تكاليف العلاج".
ويضيف: "نضطر أحياناً إلى إخراج المريض من المشفى رغم سوء حالته الصحية التي تمنعه من الخروج منه بسبب غياب الوازع الإنساني من أطباء المستشفيات الذين حولوا مستشفياتهم إلى فنادق سياحية سعر الغرفة تصل إلى ٤٠ألف في اليوم الواحد فيما الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة في المريض تصل إلى حد كبير لا يسعنا أن نذكره، وتستطيع أن تقول فيهم أنهم ملائكة العذاب وليسوا ملائكة الرحمة فهم قد تجاوزا كل حدود المبادئ الأساسية التي أقسموا عليها".
وتابع: "أصبحت المستشفيات في هذه الأيام أشبه بالمسالخ! تأتي بمريض حالته الصحية ليست بالصعبة يعني تأتي للاطمئنان على حالة مريضك ماشي بأقدامه، وبمجرد دخوله إلى المسلخة سرعان ما تسمع صخيب ونحيب أهاليه لفقد روح مريضهم من قبل ملائكة العذاب! لتخرجه مكفنا محمولا على نعش الموتى، وهناك الكثير والكثير من هذه الجرائم التي أصبحت ليس لها أي تأثير عند الجهات المعنية والمتمثلة بوزارة الصحة كون أرواح البشر أصبح ليس لها أي قيمة ولن تهز أي شعرة من ضمائرهم الميتة".
سخط شعبي يتعاظم
 اختطف الموت الكثير من الرجال والنساء والأطفال غير رضا أمثال "باسل" نتيجة حمى الضنك والذي غادر هو هذه الحياة وصار في خبر كان دون أن يرف جفن مدير في الصحة أو يرتعش ضمير وزير الحكومة.
سوى أن هذه الوفيات مجرد أرقام عددية في أرشيف التحصيل، حتى بلغ السخط الشعبي ذروته ضد فساد وزارة الصحة وغياب الرقابة، وبدأ الأهالي بمطالبة وزارة الصحة والجهات الحكومية المختصة بمحاسبة كل من تورط في موت الناس بالمستشفيات الحكومة والخاصة.
وفي السياق ذاته نظم العشرات من الناشطين وأهالي عدن - الذي تضرروا من القطاعات الصحية - وقفات وحملات احتجاجية أمام فندق كورال بخور مكسر ضد وزارة الصحة وتردي القطاعات الصحية. وقد التقينا رئيس الحملة "رامي القيدعي" وقال: "إن هذه الحملة هي ضد تجاوزات وزارة الصحة وتعسفاتها بحق المواطنين وضد تجارة المستشفيات الخاصة ولا نريد الفوضى أو الخراب".
ويضيف: "إننا نطالب بفتح تحقيق وبالشكل الشفهي بكل الحالات المتوفية بسبب الإهمال الطبي ومحاسبة كل المتورطين وإيجاد سياسة علاجية للمرضى وتفعيل دور الرقابة من وزارة الصحة وإقالة الفاسدين المتهاونين بحياة المرضى". 
ويزيد بأن: وزير الصحة لم يكن له أي دور أو عمل في متابعة هذه القضايا وكذلك مدير الصحة بعدن وأن هذا التجاهل من الحكومة ولد انفجارا شعبيا، وكل يوم سيزيد التصعيد في هذا الانفجار إلى الوزارة.
وحذر القردعي: "في حال لم يتم النظر إلى مطالبنا بعين المسؤولية سوف تستمر الوقفات الاحتجاجية وإن النار تأتي من مستصغر الشرر".