كتب/ احمد العبادي
تتهاوى أعمدة الوطن، واحداً تلو الاخر.. فما ان نصحى من فاجعة تأتي فاجعة اخرى تهز مضاجعنا وتدمي جراحنا.
هكذا هي الضالع منذ اندلاع شرارة الحرب الأولى في عام ٢٠١٥، تزف الشهيد تلو الشهيد، ولم تتوانى عن دفع ثمن فاتورة الاستقلال من خيرة دماء ابناءها الى اليوم ولا زالت تدفع الثمن.
.
الضالع دفعت ثمن فاتورة التحرير باهظ، ثمنه قوافل الشهداء وانهار الدماء ولن يستطيع تجاوز او نكران ذلك احد الا جاحد.
نعود الى سيرة بطل من ابطالها ورمز من رموزها الاشاوس الشهيد زياد الحريري "ابو طارق".
عاش الشهيد "زياد الحريري" حياة حافلة بالحب والعطاء والتضحية، رجلا مقدام ومقاتل لا يعرف الرجوع الى الخلف ابدا، ودّع الكثير من رفقاء دربة شهداء، والبعض الاخر جرحى فلم يمر يوم على حياة الشهيد في الجبهة الا وهو يزف شهيد او جريح من كتيبته، لكنه لم يتوانى عن مواصلة السير في درب رفقاءه الشهداء حتى أراد الله له الشهادة في مواقع الشرف والبطولة.
ظل الشهيد بعد انتهاء حرب ٢٠١٥، متنقلا بين الضالع وعدن، ولم يرتبط في السلك العسكري لأسباب خاصه، ظل يتابع مشروع اعادة ترميم نقيل حرير، ويتابع ايضًا مشاريع خيرية كثيره تخص الجبل، و عندما اندلعت شرارة الحرب الأخيرة كان من أوائل الملبين الى الجبهات، ظل مرابطا في الجبهة طوال شهر رمضان كاملا ومن قبله لشهر، ثم قضى اجازة العيد مع اهله وعاد مجددا الى الجبهة الى ان لقى ربه شهيد في صبيحة يوم الأربعاء ١٠ يوليو ٢٠١٩م.
تولى الشهيد مهمه قيادة الكتيبة الأولى في الحزام الامني في احلك الظروف والمواقف، وبتكليف من قبل قائد قوات الحزام الامني احمد قايد، بعد ان كان القائد زياد في المقاومة الجنوبية مع مجموعة من الشباب، يذودون ذود الابطال عن الحدود يقاتلون ليل ونهار وبجهود ذاتيه يتقدمون الصفوف ويقدمون الشهيد تلو الشهيد والجريح تلو الجريح، فأراده احمد قائد الى جانبه لما له من أهمية في هذه الحرب، وما يتمتع به القائد من صفات ميدانية رفيعة، واختاره قائد للكتيبة الأولى في الحزام الامني، وهكذا أخذ ترقيته ابا طارق من متارس القتال، واثبت جدارته في زمن الخيانات وقاتل في زمن البيعات وصمد مقاوم ميداني في زمن الصرفات والشطحات.
قاد الشهيد زياد الكتيبة في مرحلة حرب حدودية شرسة، معركة مستعره مصيرية إما نكون او لا نكون، معركة اثبتت صدق الابطال و خيانات الأنذال، صمد القائد زياد صمود الابطال مسطرًا اروع الملاحم البطولية منذ بداية معركة تطهير قعطبة، ثم تحول الى قرية العبارى ومن ثم شخب حتى لقي ربه شهيد مقبل غير مدبر في هجوم نفذته كتيبته على موقع باب غلق شمال قعطبة.
استشهد زياد بعد ان سطر حياة حافلة بالفداء والتضحية، وترك تاريخ للأجيال تتدارسة من بعده عنوانه الشرف والتضحية. رحل ولكنه حاضرا في وجدان كل شخص رافقه، واعماله الخيره باقية الى ان يبعث الله الارض ومن عليها.. في لحظة تشييع الشهيد حضر موكب جنازته أفواج من الناس وجمع غفير لدرجة لم يتوقعها احد رغم ان استشهاده كان مفاجئ ولحظة دفنه كانت سريعه جدا إلّا ان الناس أتت من كل حدب وصوب لما يتمتع به الشهيد من سمعه طيبة.
في عزاءه أتت جميع القيادات والأفراد من انتقالي ومقاومة جنوبية وحزام امن الضالع ولحج، واعضاء السلطة المحلية وقيادات عسكرية رفيعة. وانهالت التعازي من كل مكان.. اهتزت لموته الصحف والمواقع وتداولت خبره القنوات وكل وسائل التواصل الاجتماعي. استقبلت قريته التعزيات من كل أنحاء الجنوب دُفن وبقيت سيرته مخلده في اذهان الجميع.. فسلام عليك يا ابا طارق يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تُبعث حيّا.