تقرير: نوال باقطيان
عاود مرض حمى الضنك أو الحمى النزفية عند اشتداد المرض، مداهمة منازل سكان مدينة عدن ليحصد هذه المرة العديد من الأرواح، فما أسباب انتشار مرض حمى الضنك؟ وما أسباب معاودة حمى الضنك بقوة؟ ولماذا ظلت السلطات المحلية صامتة إزاء انتشار وباء حمى الضنك؟ وإذا تحركت فلا يكون تحركها إلا بعد أن تحصد العديد من الأرواح!..
أم ناصر امرأة خمسينية اصيبت بحمى الضنك مما أدى بعد اشتداد المرض إلى تمديدها في مستشفى النقيب، تروي لنا أم ناصر حكايتها مع المرض قائلة: (منذ أسابيع شعرت بتعب وإرهاق وأصبت بحمى فكنت أقول حمى (جازعة) لكن بعد اشتداد الحمى تم إسعافي إلى مستشفى النقيب وهناك أجريت لي بعض الفحوصات ومن تلك الفحوصات اكتشفت أن عدد الصفائح عندي منخفضة جدا فقرر الطبيب المناوب إحالتي إلى طبيب باطني والذي قرر هو التالي تمديدي بالمستشفى حتى تستقر حالتي).
تضيف أم ناصر: (المياه عادة ما تنقطع في المنزل فألجأ إلى تخزين المياه بأوعية مفتوحة لكنني أستخدمها).
تضيف أم ناصر لتكمل قصتها: (مكثت في مستشفى الوالي أسبوعين انخفضت فيها عدد الصفائح وظهرت عليّ أعراض أخرى طفح جلدي ضيق تنفس احتباس السوائل.. طلب الدكتور سرعة نقل الصفائح وتبرع لي ابني بدمه وتم نقل الصفائح لديّ؛ الآن بعد أن شفيت بت أخاف على أولادي).
*إصابة بالملاريا*
تروي لي أم هديل - مرافقة لابنتها في مستشفى الصداقة – قائلة: (ابنتي تبلغ من العمر ٧ أعوام أصيبت قبل أربعة أيام بحمى أجريت لها فحصا مخبريا ثلاث مرات متتالية لتأتي النتيجة السلبية لأكتشف في المرة الثالثة بإصابتها بحمى الضنك، في أول مرة كانت عدد صفائحها ٣٩ ثم ارتفعت إلى ٦٤ ثم ارتفعت إلى ٨٤ صفيحة، كتب لها الطبيب حقن للملاريا حقنة بالصباح وحقنة بالمساء بالإضافة إلى مغذي باليوم).
سألتها: هل تخزنين المياه بأواني وأوعية مكشوفة؟
أجابت قائلة: (لا أعلم إن كانت لدي أواني مكشوفة لكنني أصبت بالملاريا وعندما تعافيت بأسبوع أصيبت ابنتي بالملاريا أيضا لكن استمر المرض، بعدها اكتشفنا أن عدد الصفائح منخفضة).
*مياه المجاري سبب رئيسي*
أحمد طفل يبلغ من العمر ١١ عاما يسكن في كريتر ويرقد في مستشفى الصداقة تروي لنا والدته قصة مرضه قائلة: (أصيب ابني بحمى وتكسير بالمفاصل وعندما أجريت له فحوصات اكتشفنا أنه مريض بحمى الضنك نقلناه إلى مستشفى الصداقة وكما ترين تم تركيب له مغذي لتعويض السوائل). سألتها: هل تخزنين المياه بأواني مكشوفة؟ أجابت قائلة: (المنزل لدي نظيف لكن بجانب منزلي (جلي) تطفح فيه مياه المجاري والبلدية كما تعلمين لا تحرك ساكنا).
*أسباب المرض*
حمى الضنك أو حمى تكسير العظام وهو مرض مداري منقول بالبعوضة يحدث بسبب فيروس الضنك تشمل الأعراض الحمى وآلام العضلات والمفاصل وطفح جلدي متميز شبيه بطفح الحصبة؛ يتطور المرض في نسبة قليلة من الحالات إلى حمى الضنك النزفية المهدد للحياة؛ مما ينتج عنه نزيف وقلة الصفائح وفقدان بلازما الدم مما يؤدي إلى انخفاض في ضغط الدم.
أماكن تواجد البعوض الناقل للمرض: أوعية حفظ الماء المكشوفة- أوعية ومواقع تجمع المياه الغير ضرورية مثل مياه المكيفات - تجمع الماء بالحفر والأرض اصص النباتات والزهور إطارات السيارات التالفة..
*لابد من توعية*
يقول الدكتور زكريا أحمد شمسان \ تخصص أطفال وباطني في مستشفى الصداقة: (عندما نتحدث عن أسباب انتشار وباء حمى الضنك لابد لنا من إجراء دراسات لكننا نستطيع التحدث عن أسباب المرض وأسباب انتشار البعوض ونقل المرض من شخص إلى شخص آخر هذا يؤدي إلى انتشار المرض ومع بداية الصيف يلجأ المواطن إلى تخزين المياه بطريقة غير صحية إلى جانب استخدام المكيفات والاحتفاظ بماء المكيفات بأواني وعبوات مفتوحة تمكث أكثر من ثلاثة أيام فيؤدي إلى تكاثر البعوض؛ لذا عندما نريد القضاء على المرض لابد من التوعية بتخزين الماء بشكل صحي ولابد من ردم حفر الماء فلابد من تعاون المواطنين باتباع الأساليب الصحية لحفظ الماء). وجهت له سؤالي: كم حالات يتم استقبالها يوميا؟ أجاب قائلا: (الآن نستقبل في المستشفى ٥ حالات في اليوم الواحد الحالات التي تأتي إلى المستشفى من متوسطة إلى خطرة).
*غياب الرسالة الصحية*
يقول الدكتور مجدي الداعري طبيب عام في مستشفى الصداقة: (الناقل الرئيسي لحمى الضنك البعوض والذي يتكاثر بسبب طفح مياه المجاري أي البيئة الغير نظيفة وقد يختلف البعوض حمى الضنك عن بعوض الملاريا لكن بغض النظر توجد مياه نظيفة راكدة وغير نظيفة راكدة).
يضيف الدكتور مجدي شارحا: (جميع المنازل لا توجد لديها الأساليب الصحية لتخزين المياه بسبب غياب الرسالة الصحية والتوعية والثقافة الصحية).
أسأله: كم عدد حالات حمى الضنك تستقبلون في اليوم؟ يجيب قائلا: (في هذه الأيام نستقبل العديد من الحالات من ٥ إلى ٦ حالات باليوم الواحد تبدأ الحالات من أعراض خفيفة ممكن يتم علاجها بالمنزل إلى أعراض شديدة تسمى الحمى النزفية وهذه الحالات يتم تمديدها بالمستشفى لكن للأسف لا يوجد قسم خاص بمرض حمى الضنك لكن هناك قسم العزل والأطفال ويتم تمديد الأمراض المعدية مثل حمى الضنك والملاريا وتصل معدل الحالات الشديدة التي يتم تمديدها من ٣ إلى ٤ حالة تعاني من هبوط حاد في الصفائح وقد يعاني المريض جراءه من نزيف).
*السلوك السيء*
بعد عودتي من مستشفى الصداقة توجهت إلى مكتب الصحة في مديرية المنصورة والتقيت بالدكتورة نهوان المقطري مديرة قسم التثقيف والإعلام الصحي؛ حيث وقفت في حديثها عن أسباب عودة تفشي حمى الضنك قائلة: (السلوك السيء لتخزين المياه لبعض الناس لأن بعوضة حمى الضنك تعيش في المياه الراكدة النظيفة والمواطنون عندما تخزن تخزنها بطريقة سيئة بحيث يجعلون الماء مكشوفا في منازلهم وهذا السلوك نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.. فبعوضة الضنك تعيش في الماء النظيف الراكد والمكشوف في المنزل سواء خزان الماء مكشوف أو ماء مكيف راكد لأكثر من ثلاثة أيام أو في المطبخ أو الحمام أو الأوعية المستخدمة لسقاية الحيوانات والطيور المكشوفة.. فبعوضة الضنك تضع بيضها في الماء النظيف المكشوف سبعين بيضة لتتحول إلى يرقة ثم بعوضة فلابد من تغطية الأواني بإحكام واتباع سبل الوقاية).
ثم تضيف الدكتورة نهوان شارحة: (وبسبب انقطاعات الماء المتكررة يضطر المواطنون إلى تخزين المياه ولكن بطريقة غير صحية لذا من أسباب عودة المرض هو عدم التزام المواطنين بالسلوك الصحيح لتخزين المياه).
وفي ختام حديثها توجه رسالة لمنظمات المجتمع المدني والجهات المختصة قائلة ( لابد من تكاتف الأيدي لنشر وديمومة الرسالة التوعوية للوقاية من حمى الضنك من قبل المدرسين والفئات المثقفة وخطباء المساجد وجميع من يريد مجتمعه أن يكون خالي من الامراض والسلوكيات الغير صحيحة)
*حالات مشتبهة*
بعد الوقوف على أسباب المرض كان لابد لي من طرح جميع تساؤلاتي لجهة مسئولة تقف على عاتقها مسئولية التوعية والرش وسبل الوقاية الأخرى فالتقيت بالدكتور عبد الرب أحمد بن داؤود المفلحي مدير مكتب الصحة والسكان في مديرية المنصورة الذي أجاب على جميع تساؤلاتي بصدر رحب قائلا:
(بالنسبة لحمى الضنك هو فيروس ينقله البعوض ويعيش في المياه الراكدة في الشهر الأخير من مارس ازدادت حالات المشتبهة فيها وليس وباء كما يصوره بعض الإخوة في المقالات ووسائل التواصل الاجتماعي فالوباء عبارة عن مرض ينتشر في منطقة بشكل عام لكن هذه حالات خاصة تصاب بحمى ويشتبه فيها بحمى الضنك بعد فحوصات عديدة تأتي النتيجة بإيجابية أو سلبية وفي شهر مارس توفى ثلاثة أشخاص في حاشد عملوا عليها ضجة إعلامية كبيرة ؛ على المقالات المنقولة على أنه حمى الضنك بعدها قمت بتكوين فريق في المديرية من التحري والتقصي الوبائي ومندوبة من منظمة الصحة العالمية وتم النزول في يوم السبت الماضي قبل أربعة أيام إلى حاشد ووجدنا أن حالة واحدة فقط التي توفت بحمى الضنك في مستشفى الوالي وحالتين ليس لها علاقة بحمى الضنك إطلاقا فقط تهويل إعلامي وتقريبا يهدف إلى عدم الاستقرار لا أعلم ما الهدف منه".
سألته: إذن ما السبب في عودة حمى الضنك وبقوة بعد عدة مواسم مضت؟
يجيب الدكتور عبد الرب: (لابد من تواجد مساهمة مجتمعية يجب أن توجد ثقافة صحية لدى المجتمع النفايات لابد أن ترمى في مكانها الصحيح ولابد من تجفيف مياه الصرف الصحي فالبعوض بنهاية المطاف تعيش بالمياه النظيفة الراكدة كمياه المكيفات والخزانات يجب إحكامها لأنها مصدر لتواجد البعوض فيها".
أسأله: تعد مديرية من أكثر المديريات انتشارا للمرض مال الاجراءات التي اتخذتموها في سبيل الحد من تفشي المرض؟
"من تاريخ ١٠ مارس إلى الآن المجلس المحلي يقوم بالرش الضبابي للأحياء السكنية"
أسأله مستنكرة: أنا ساكنة في المنصورة ولم أرى أي رش يحدث للأحياء؟ يجيب: "تم الرش في الأحياء الأكثر عرضة للإصابة مثل بير فضل وكابوتا والمناطق التي هي عرضة لتكاثر المرض يوجد فريق صحي متكامل أجرينا قبل ثلاثة أيام مسح لمديرية المنصورة بشكل عام".
أسأله: هل لديك إحصائيات بأعداد المصابين بحمى الضنك؟
يجيب: "فقط مسح للمناطق المتواجد فيها المرض منذ اليوم نزل فريق الرش الضبابي منذ الخامسة فجرا إلى كابوتا وبير فضل والأحياء السكنية وسوف يستمر لمدة أسبوع كامل".
أسأله: البعض يقول أنكم بقيتم صامتين حتى أثارت قضية المتوفين زوبعة إعلامية لذلك قمتم بهذه الحملات.. فما ردك؟
يجيب: "بالنسبة للمرض يحتاج إلى توعية صحية ثقافية وإلى إعلام صحي ولابد من المواطن أن يشترك معنا بعملية الوقاية كما ذكرت لك الأواني المكشوفة لابد من إحكام غلقها فهي مصدر للإصابة".
*رد على الحالات المشتبهة*
يقول الدكتور مجدي الداعري طبيب في مستشفى الصداقة في معرض حديثه عن الحالات المشتبهة: (أغلب الحالات التي وصلت هنا جميعها تعاني من أعراض حمى الضنك ولا توجد سبيلا للاشتباه والبعض ينزف بسبب النقص الحاد بالصفائح ولقد ماتت هذه الحالات وجميعها أعراض حمى الضنك وعدد الأشخاص الذين توفوا من حالتين الى ثلاث حالات ).
*حل المشكلة من جذورها*
يقول الدكتور مجدي الداعري: (لا يمكن القضاء على المرض الا بالقضاء على المسببات كالحد من انتشار القمامة وشفط مياه المجاري وذلك لضمان عدم عودة المرض مجددا فحالات الملاريا يتم تمديدها لمعالجة الملاريا فتخرج حاملة مرض حمى الضنك وذلك لأن البيئة غير صحية).