قال الكاتب والمحلل السياسي الجنوبي هاني مسهور :أن الظهور المفاجئ لوزير الخارجية البريطاني جيريمي هينت في مدينة عدن حمل تأويلات متباينة، فبالعودة إلى خلفية ذلك الظهور الذي جاء في إطار جولة دبلوماسية بريطانية لدفع الأطراف اليمنية لتنفيذ اتفاق السويد بعد تعثره فاضطر الوزير البريطاني لزيارة عواصم عربية منها الرياض التي التقى فيها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، ليغادر من بعد ذلك اللقاء ليظهر في ميناء عدن في إشارة جاءت على عدة تفسيرات. مراقبون اعتبروا أن الوزير البريطاني أرسل رسالة للشرعية بضرورة تواجدها في العاصمة المحررة منذ 2015، بينما رأى آخرون أن بريطانيا ستعمل على استبدال ميناء الحديدة بميناء عدن، وذهب البعض إلى أن البريطانيين أرسلوا برسالة مضمونها أن الترتيبات السياسية القادمة في اليمن ستشكل فيها مدينة عدن حجر الزاوية.
وأكد في قولة: لم تنجح محاولات بريطانيا في تحريك اتفاق السويد نحو التنفيذ، لكن تحركت قوى أخرى في سياق مختلف. ففي الوقت الذي كان الوزير البريطاني يزور عدن كان مجلس العموم البريطاني يستضيف وفد المجلس الانتقالي الجنوبي ويعقد جلسة استماع مع رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، قد تكون تلك مجرد مصادفة بأن يمنح البريطانيون الوفد الجنوبي إذن الدخول إلى مجلس العموم، بعد أن تلقى الوزير جيرمي هينت رسائل سلبية من الأطراف اليمنية المتصارعة، لكن الذي لا يمكن أن يكون مصادفة هو إطلاق الأطراف الدولية لمضامين الترتيبات السياسية أو ما يسمى الإطار السياسي لحل الأزمة اليمنية وهي أجندة موضوعة منذ عام 2016 ولكنها ظلت في طي الكتمان انتظارا لحسم الحرب مع ميليشيات الحوثي وما يمكن أن تفضي إليه الحرب معهم.
وأختتم مقالتة " أن : الجنوب لا يحتمل تكرار الصراع السوري، ولا يحتمل الأجندات الدولية التي تفتقد للرؤية الاستراتيجية بعد ظهور قوى دولية تعاني داخليا من اضطرابات بنيوية كما هي بريطانيا والبريكست وفرنسا والسترات الصفراء والولايات المتحدة وصعود الشعبوية، تضاف إلى ذلك الطموحات الصينية والروسية المتصاعدة، جميعها تلك مؤشرات لا تحمل رؤية تجاه الجنوب وحتى اليمن، بمقدار ما تحمل إشارات صراع مفتوح على قطعة ثمينة ستدفع المتصارعين إلى مواجهات قاسية في ظل عدم قدرة الإقليم العربي على الدفع باتجاه تحييد الجنوب من صراع يمكن إخماده باتخاذ خطوات إجرائية تحفظ الأمن والاستقرار، تماما كما كانت الرؤية السعودية في أزمة 1994 فلقد كان الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز أكثر الحريصين على تحييد الجنوب عن صراعات مستدامة وكانت لخسارة الحرب آنذاك تبعات يحصدها الجميع الآن.
وأكد على ذلك بقولة أن" مسألة انفصال الجنوب عن الشمال لم تعد مسألة تحتمل التأخير وتأجيل مناقشة ترتيباتها ووضعها على الطاولة العربية التي عليها أن تتخذ خطوة متقدمة. فيكفي العرب ما خسروه في العراق وسوريا وليبيا ولبنان وفي شمال اليمن نتيجة التردد في حسم ملفات كانت بأيديهم وكان بالإمكان معالجتها دون أن تترك للتدخلات الدولية.