اسمحوا لي احكي لكم ماذا تطلب الأمر لألتقط هذه الصورة.
في الثامن من فبراير 2019 بدأت رحلتنا إلى مرتفعات حجهر ذات 1505 متر ارتفاعاً, والتي تقع في منتصف جزيرة سقطرى اليمنية. عم "جميل" واخيه الإصغر "محمد" كانا مرشدي الطريق إلى الذي استغرق 7 ساعات ونصف من المشي بين مناظر لم ارى مثلها من قبل, ففي لحظة يبدو لي بأنني كنت اسير بين أرض قاحلة ولحظة أخرى يتغير الأمر تماماً حيث تتحول تلك الأرض إلى جبال شاهقة تتلون باللون الأخضر التي تسكنها الأبقار ورعاتها من أهل الجزيرة. كشخص عاش كل حياته في المدينة كان الامر الذي يؤرقني هو كيفية الحصول على ماء للشرب, فتفأجات بإجابة العم جميل بأن الماء متوفر في كافة مسارات المرتفعات, لأن العيون التي تحمل الكثير من الماء العذب المتدفق من عدة مصادر تتوفر بشكل ملحوظ لأي شخص يريد الطلوع إلى قمة الجبل, فكل ما عليك فعله هو تعبئة قارورة الماء بماء العين وتشرب.
كلما اقتربنا من الواجهة المحددة كلما اصبح الطقس معتدلاً, وكان ذلك من العوامل المساعدة لتخفيف الجهد ولكن ذلك لم يكن كافياً حيث كان لدينا الكثير من الأمتعة المتنوعة ما بين المسلتزمات الشخصية والطعام وأدوات التخييم, ولا ننسى أدوات التصوير مما صعّب علينا مسارنا إلى القمة.
بعد مرور ساعة ونصف من المشي وجدنا رجلاً في رفقته جمل, نادينا عليه لكي نطلب منه حمل الحقائب على ظهر الجمل والحمد لله وافق على أن يأخذ الأمتعة إلى مفرق يقسم الطريق بين واجهتنا والمكان الذي سيذهب إليه مالك الجمل وهي منطقة في جنوب الجزيرة تمسى "نوجد" فما كان لدينا خيار أخر الإ أن نوافق وبعدها نكمل طريقنا وحقائبنا على ظهورنا. وصلنا إلى مكان يكثر فيه الضباب بشدة مما قد يتسبب في ضياع الطريق ولحسن الحظ كان معنا العم جميل فهو يعرف المسار تماماً. ومن بين الضباب يظهر بيت احد القاطنين في الجبل الذي لا تتعدى مساحته الأربعة امتار, طلب مننا "ابو زهير" صاحب الجمل بأن نتوقف هنا قليلاً ودعانا إلى شرب حليب البقر الساخن الذي ساعدنا كثيراً في تحمل البرودة وتكملة الطريق.
وصلنا إلى المفرق المتفق عليه, أنزلنا الحقائب من ظهر الجمل وودعنا ابو زهير بمصافحة حارة وجمله الذي ساعدنا كثيراً في تسهيل المهمة, ومرة إخرى واصلنا الطريق إلى أن ابتعدنا عن ابو زهير وكذلك الضباب حيث بدأت المساحات تظهر لأول مرة من على سطح الجبل, في كل جهة تجد الأبقار والطائر "سوعيدو" الذي يعيش -فقط- على هذه الجزيرة والأكثر إذهالاً لنا هي المناظر التي تمتد على مدى البصر ومن كل الجهات إلى حيث وصولنا الى موقع التخييم. بعد سبع ساعات وثلاثين دقيقة بدأنا في نصب الخيم وإعداد الطعام ولكن كل ما كان يدور في ذهني هو أخذ أدوات التصوير والبدء مباشرة في التقاط الصور لكل ما هو حولي وهذا بالضبط ما عملته حتى اليوم الثاني في قمة الجبل.
لا أعلم متى ستسنح لي الفرصة لأعود مرة أخرى إلى هذا المكان ولكنها كانت تجربة لم اعشها من قبل في حياتي ولا اخطط بأن تكون هي الاخيرة.
…
لنشر الأماكن الجميلة في اليمن، شارك الصورة.