عندما يتعلق الأمر بالجنوب علينا أن نتذكر المجلس السياسي الإنتقالي الجنوبي، وعلينا أن نعرف ونفند أسباب قوته أيضًا، فمسمى ووصف «المجلس الإنتقالي» ليس إنشائيًا على الإطلاق، بل خلاصة لمجهود سياسي وطني بأقوى تشكيلة عسكرية جنوبية على الأقل خلال هذين العقدين. ولأنّ المجلس يُّعد إلى اللحظة كأبرز كيان جنوبي على الساحتين المحلية والدولية كونه لقيَّ إجماعًا عالي المستوى أصبح بموجبهِ أمرًا واقعًا اليوم، لايمكن تجاهله كما لا يمكن القفز عليه، وهنا يجدر التنويه بأنّ المجلس وليس توقعًا، بات قدرًا إقليميًا ودوليًا أكثر من كونهِ حاجةً محلية في هذه المرحلة من الحرب.
وفي هذا السياق تحديدًا، يأتي تعليق أمين عام المجلس السياسي الإنتقالي الجنوبي الأستاذ «أحمد حامد لملس»، على حادثة العند المؤلمة التي استهدفت يوم أمس الأول نخبةً من قيادات الصف الأول الجنوبية في القوات المسلحة... إذ لفت وبشكلٍ صريح إلى أوجه الشبه بين الليلة والبارحة ومقدار الخسارة التي مُنيّت بها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عندما إستشهد خيرة قياداتها الوطنيّة في حقبة السبعينيات بـ«طائرة الموت» التي هدفت مليشيا الحوثي بالأمس إلى تكرارها من خلال إستهداف أكبر عدد من القيادات الجنوبية المتواجدة في منصة الحفل بقاعدة العند الجوية. ولم تكن تغريدة «لمـَلـس» مجرد تعليقًا على الأحداث بقدر ماكانت رسالةً مفادها: " طمأنة الجنوبي الذي يقف في الضفة الأخرى بمعزل عن إخوانه، تجسيدًا لمعنى ومضمون التصالح والتسامح، وإن لم يكن قد جاء في مناسبة أقلُّ ألمًا، إلّا أنّها حادثة وبقدر ماكنت مؤلمة فقد أكدت فعليًا على السجايا الوطنية النبيلة التي تحلت بها قيادة المجلس في مدها لجسور الإخاء تحت سقف الوطن الجنوبي الذي يتسع لكل ابناءه، وليس الوطن الذي لن يتسع إلّا لأحدنا". وبطبيعة الأمر فهذه هي الأدبيات والمنهجيات والأساسيات التي إعتاد المجلس دومًا على لفت الإنتباة إليها والتأكيد عليها، ولكن لا حياة لمن تنادي!. أمّا السؤال الذي ينبغي الوقوف عليه الآن، هو: كيف بالإمكان من طمأنة ”جنوبيّو الشرعية“ إلى لغة تعاونٍ بينهم وبين المشروع الجنوبي الذين هم بأمس الحاجة لهكذا نوع من التعاون و العلاقة القائمة على المصلحة الوطنية المشتركة، للإقتناع به كمشروع جنوبي يهم الكل، على الأقل كي لايكتفون بإستخدام خيارهم الوحيد الذي يمارسونه على الدوام في إستعداء كل ماهو توّجه جنوبي طالما هو صادر عن المجلس، بغض النظر عمّا إذا كان ذلك في مصلحة الجنوب بشكل خاص أو اليمن بشكلٍ عام. وهنا ينبغي التأكيد على أن الأنظار الإقليمية والعالمية تتجِّه فعليًا إلى تحركات المجلس الإنتقالي على الأرض، كونها قراءة ضرورية بالنسبة لهم فيما يّخص هذه الرقعة الجغرافية من اليمن والجنوب بالتحديد. ذلك أن الأحداث المتسارعة قد تسير بالمسار السياسي نحو تسوية عاجلة في أيّة لحظة.. وبالتالي فأنّ «جنوبيّو الشرعيّة» هم من بحاجة الإنفتاح الصادق على هذا الإستحقاق الوطني طالما ويجمعنا السقف الذي تقف تحت مظلتهِ الأهداف المشتركة لكليهما علنًا وضمنًا، وذلك من خلال التجاوب الإيجابي مع مبادرة جسور الثقة.