تتجه الأنظار إلى السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هيلي، التي تتجه للتنحي عن منصبها مع نهاية العام، في ما إذا كانت ستمنح المبعوث الأممي السابق لليمن إلى اليمن جمال الدين بنعمر الحصانة الدبلوماسية باعتباره أحد أعضاء البعثة المغربية للأمم المتحدة أم لا.
ويواجه بنعمر دعاوى قضائية في الولايات المتحدة بعدما تم الكشف في وسائل إعلام عدة عن دوره المحوري في عملية القرصنة الإلكترونية التي قامت بها الحكومة القطرية، وطالت شخصيات أميركية كبيرة من بينها إليوت برويدي، رجل الأعمال الجمهوري وصديق الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتتهم أوساط إعلامية بنعمر بمحاولة إساءة استخدام الحصانة الدبلوماسية للتهرّب من المساءلة القضائية أمام إحدى المحكمتين الفيدراليتين في نيويورك وكاليفورنيا، اللتين رفع أمامهما برويدي دعوتين قضائيتين لمحاسبة بنعمر.
وكان بنعمر يعمل “عميلا مسجلا” لصالح دولة قطر مع شخصيات أخرى مرتبطة بجماعات ضغط يهودية في واشنطن. وكانت محاولات قطر تهدف إلى إنفاق الملايين من الدولارات للتأثير على 250 شخصية مستهدفة تمثل الحلقة المؤثرة القريبة من ترامب.
وتعززت الجهود القطرية بعدما فرضت السعودية والإمارات ومصر والبحرين مقاطعة دبلوماسية واقتصادية على قطر في يونيو 2017. ومنذ ذلك الحين كثفت قطر من جهودها لكسب تأييد أميركي على حساب دول المقاطعة، من خلال مضاعفة الإنفاق على حملات الدعاية والعلاقات العامة، وتأسيس جماعات ضغط موالية لها في واشنطن.
وتقول تقارير إن الحكومة القطرية قامت باختراق رسائل البريد الإلكتروني لمجموعة متنوعة من الأفراد، بدءا من برويدي، ومسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي.آي.إيه”، وعضو في الحزب الديمقراطي، ومجموعة من ناشطي حقوق الإنسان السوريين، وصولا إلى لاعبي كرة قدم مصريين.
ويُنظر إلى برويدي على أنه عقبة أمام طموحات قطر في الولايات المتحدة. فبعد أن تم اختراق رسائل بريده الإلكتروني وتسريبها إلى وسائل إعلام أميركية من قبل عملاء يعملون لحساب قطر، رد برويدي ورفع دعوى قضائية ضد قطر والعاملين معها.
ووفقا للدعوى المرفوعة من برويدي، فقد هدفت الاختراقات، التي بدأت في ديسمبر وامتدت لأسابيع، إلى معاقبته لمحاولة إحباط الجهود التي تبذلها قطر، والتي تكلف الملايين من الدولارات، لتحسين صورتها في الولايات المتحدة وبين القيادات اليهودية الأميركية.
وقالت الدعوة إن قطر ومحامي من واشنطن قاما بتمرير تسريبات غير منسقة إلى صحيفة “نيويورك تايمز” و“وول ستريت جورنال” و“بلومبرغ” وغيرها من وسائل الإعلام. وكان من بين أحد القراصنة المتهمين جمال بنعمر، المغربي الجنسية، الذي تم توظيفه بعد تقاعده من دوره كمبعوث أممي لحل الأزمة اليمنية من قبل الحكومة القطرية.
وبعد رفع برويدي دعاوى قضائي ضده، سعى بنعمر إلى مخالفة الإجراءات القانونية من خلال مطالبته بالحصول على الحصانة الدبلوماسية، عبر الطلب من الرباط إدراجه ضمن أفراد بعثتها في الأمم المتحدة.
وتعاون بنعمر المشبوه مع قطر هو امتداد لدوره المثير للجدل في الأزمة اليمنية، إذا لطالما اشتكت الحكومة اليمنية من سلوكه المريب، واتهمته بالانحياز للحوثيين، قبل أن يترك منصبه في أبريل 2015. وذكرت تقارير في يوليو أن البيت الأبيض يدرس بعناية المزاعم عن تورط قطر في دعم الحوثيين في اليمن، على الرغم من أن الدوحة كانت جزءا من التحالف العربي قبل أن تجبر على مغادرته بعد المقاطعة.
وتداولت مؤسسات أميركية حينها معلومات حول تورط بنعمر في العمل لحساب قطر حين كان يشغل منصب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن. وينظر إلى هيلي باعتبارها الحاجز الأخير الذي سيكون على بنعمر تخطيه إذا ما كان يريد الحصول على الحصانة الدبلوماسية التي ستحميه من المثول أمام القضاء الأميركي.
وباعتبارها سفيرة الأمم المتحدة، فهي ترأس بعثة الولايات المتحدة في الهيئة الدولية، وهو ما يمنحها نفوذا يجعلها تدلي بالرأي النهائي حول ما إذا كان بنعمر سيحصل على حصانة دبلوماسية. وتمثل قضية برويدي تحديا يواجه إدارة ترامب وقدرتها على حماية المواطنين الأميركيين من مثل هذه الاختراقات من قبل قوى أجنبية. وتقول المزاعم في القضية إن قطر استهدفت اختراق البريد الإلكتروني لما يزيد عن ألف شخصية أميركية.
وينظر إلى قطر في واشنطن باعتبارها أحد حلفاء إيران، منذ تعزيز الدوحة علاقاتها مع طهران بعد بدء المقاطعة الخليجية. كما تزداد القناعة كل يوم بأن قطر هي الملاذ الآمن للجماعات الإرهابية وحركة حماس.
فلماذا تحاول قطر إذن التأثير على الجالية اليهودية، واقتحام رجال الأعمال الجمهوريين المقربين من الرئيس الأميركي، ثم المطالبة بالحصانة الدبلوماسية لعملائهم؟ ووفقا لادعاءات الوكالة الإخبارية “فارا” وإعلان المحكمة، الذي تم نشره مؤخرا في قضية برويدي ضد عميل آخر عمل لحساب قطر في الولايات المتحدة ويدعى جوي اللحام، فإن هدف قطر كان قانون “منع دعم الإرهاب الدولي الفلسطيني”. وفي حال تمرير التشريع، كان سيُطلب من الحكومة الأميركية تصنيف قطر كدولة راعية للإرهاب، بسبب استضافتها لقادة من حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية.
وبعد الاختراق وزيارات المسؤولين الأميركيين الموالين لإسرائيل إلى قطر، بدأ القطريون في الاستفادة من تحقيقات الكونغرس. حيث سعوا لنشر أخبار بداية حول علاقة تربط بين قطر وقادة جماعات الضغط اليهودية في واشنطن، مما جعل أي ارتباط بالإرهاب صعبا، وبالتالي انتهى الحافز للتشريع ضد مثل هذه الارتباطات.