لم يكتف حزب الإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان في اليمن السيطرة على كافة الوزارات والأماكن القيادية بحكومة عبدربه منصور هادي فحسب، بل يحاول من وقت لآخر من إشعال معركة جديدة في الجنوب من أجل نهب ثرواته، وبذلك تتحقق المعادلة التي أُنشأ الحزب من أجلها «السياسة والمال»، وليس كما يدعي مريدوه بأنه حزب دعوي يصبو إلى إعلاء كلمة الله.
وبحكم الموقع الجغرافي لمحافظة مأرب التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الإخواني، وقربها من محافظة شبوة، يحاول الحزب من وقت لآخر السطو على المحافظة الجنوبية «شبوة»، مستخدما العديد من الأساليب الملتوية والتي كان آخرها إرسال قوات عسكرية تحت سيطرتها إلى المحافظة.
ورصدت قوات النخبة الشبوانية، المدعومة من التحالف العربي، تحركات مريبة من حزب الإصلاح في محافظة «مأرب» التي تسيطر عليها الجماعة الإرهابية باتجاه شبوة، لإثارة أزمات عسكرية في الجنوب، وأرسلت مليشيا الإصلاح مقاتلين من عناصرها إلى منطقة «ظليمين» بمحافظة شبوة في محاولة لإشعال الفوضى في المناطق المحررة، وتوجيه ضربات لقوات النخبة الشبوانية.
وأصدرت قوات النخبة الشبوانية حينها بيانًا أكد فيه رصدها تحرك مريب لميليشيا الإخوان من «مأرب» باتجاه منطقة «ظليمين» فى محافظة شبوة، مؤكده استعدادها لردع أى محاولة إخوانية، لإثارة الفوضي في المحافظة.
لماذا شبوة؟
الموقع الجغرافي لمحافظة شبوة، التي تقع جنوب اليمن، منحها أهمية محورية، عطفا على ذلك فهي من أول المحافظات اليمنية التي رفضت الإعلان الدستوري للحوثيين في يناير 2015، كما أنها ترفض وجود جماعة الإخوان؛ حيث تقع على الحدود مع «مأرب»، ما يجعلها نقطة استراتيجية في تصدير النفط، وكذلك تهريب السلاح للحوثيين، كما تضم المحافظة أكبر مشروع اقتصادي في البلاد، يتمثل بمشروع ميناء «بلحاف» النفطي ما يعني تحكم النخبة الشبوانية فى عمليات تصدير النفط الخام وهو ما يقلق إخوان اليمن.
وطبقا لتقارير اقتصادية تنتج «شبوة» أكثر من 50 ألف برميل نفط يوميًّا، وهو ما يشكل هدفًا استراتيجيًّا لمليشيا الحوثي والإخوان للسيطرة على ثروات المحافظة الجنوبية ونهب ثرواتها كما فعلوا في الشمال.
والمتابع الجيد للمشهد في اليمن سيكشف دلالة توقيت تحرك حزب الإصلاح بكل قواه إلى المحافظات المحررة من بطش المليشيا الحوثية، بعد تهديد المجلس الانتقالي الجنوبي، فك الارتباط عن الحكومة، ودعوته للسيطرة على مؤسسات الدولة في المحافظات المحررة بالجنوب.
كذلك يخطط الإخوان إلى السيطرة على منطقة «بيحان» الغنية بالنفط فى محافظة شبوة، من أجل سرقة نفط الجنوب لصالحهم في «مأرب» وحرمان الشعب الجنوبي المناضل من خيراته التي من الله بها عليهم، حيث يؤسس حزب الإصلاح الإرهابي دويلة خاصة بهم في «مأرب» لها جيش وتمويل كامل من التنظيم الدولي، وقطر، والحوثيين.
ولم تتوقف أساليب حزب الإصلاح الإرهابي عند هذا الحد، بل يتحرك الحزب المسيطر على الوزارات في حكومة عبدربه منصور هادي من أجل الحصول على قرار من الرئيس اليمني بضم مديرية «بيحان» الغنية بالنفط إلى «مأرب»، لكن كل محاولات الإخوان الفاشلة يتصدى لها أهالي شبوة وقبائلها ويقفون بكل قوة ضد مخططات الإخوان ومن ورائهم من الدول المحرضة على الإرهاب.
محاولات فاشلة
بدورهم رفض أبناء الجنوب تواجد قوات شمالية وعناصر حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان الإرهابية، الأسبوع الماضي، في منطقة حرشفان التابعة لأرض العوالق بمحافظة شبوة.
وتوجه الشيخ صالح بن فريد العولقي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، مع مجاميع كبيرة من مختلف قبائل شبوة وقوات النخبة إلى المنطقة من أجل حقن الدماء ورفضًا لتواجد قوات شمالية على أي أرض جنوبية.
وتعود الواقعة، عند صدور أوامر عسكرية من قِبل رئيس أركان القوات المسلحة بمحافظة مأرب وقائد محورها، وتوجهت كتيبة تابعة لحزب الإصلاح الإخواني بقيادة أحد القادة الخاضعين لهم إلى منطقة حرشفان التابعة لأرض العوالق بشبوة، حيث تمركزت تلك الكتيبة فيها دون أي طلب أو موافقة أهالي وقبائل المنطقة، وتسبب تواجد الكتيبة في حالة من الغضب بين أبناء الجنوب عامة وشبوة خاصة، والمتسترة تحت اسم اللواء 163.
وتمكن الشيخ صالح بن فريد العولقي من صد هذه القوات التي أتت من مأرب إلى شبوة بدلا من تقدمها من مأرب ناحية صنعاء وتحريرها من أذناب إيران.
واستطاعت قوات النخبة من إجبار جحافل حزب الإصلاح الإخواني على الانسحاب إلى بيحان كمرحلة أولى، وتعد هذه رسالة واضحة لكل المسئولين المتواجدين في محافظة مأرب بأن شبوة لن تقبلكم مرة أخرى للعبث بها وخيراتها، وأنها ستضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه زعزعة أمنها واستقرارها وزرع التفرقة بين أبنائها مهما كلف الثمن.
ويلجأ حزب الإصلاح إلى المراوغة بما يخدم أجنداته الإرهابية، عبر التظاهر بتأييده للحكومة تارة، وانتقادها تارة أخرى، بينما يستمر في الخفاء وسرا في دعم ميليشيا الحوثي الانقلابية الموالية لإيران، عسكرياً واستراتيجياً، لذلك يسعى الحزب إلى إثارة الفوضى في المحافظات الجنوبية المحررة من خلال استهداف شبوة، وهو ما يؤكد أن تيار الإخوان لا يوجد لديه أي مانع بالتضحية بمصالح اليمن وشعبه، في سبيل الحفاظ على مصالحه وأيديولوجياته التخريبية.