رأت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن مفتاح التقدم في محادثات السلام المتعثرة التي ترعاها الأمم المتحدة حول اليمن قد يكمن في المجلس الانتقالي الجنوبي ودعوته لأن يسود الحكم العادل في البلاد.
وأكدت الصحيفة – في سياق تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني – أن التطورات المهمة في جنوب اليمن تتطلب مزيدًا من الاهتمام خلال أي محادثات سلام مرتقبة حول اليمن.
وسلطت الصحيفة الضوء على التطورات الأخيرة للأحداث في جنوب اليمن، وأبرزها دعوة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى انتفاضة ضد حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ملقيًا باللوم على الحكومة المركزية في المجاعة والأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد.
ووصفت الصحيفة الأمريكية المجلس الانتقالي الجنوبي بأنه "سلطة الأمر الواقع" في الجنوب اليمني، مشيرة إلى الاحتجاجات الضخمة التي اندلعت في الجنوب على خلفية تدني الأوضاع الاقتصادية، كما دعا مواطنو الجنوب إلى استقالة رئيس الوزراء وسط اتهامات بالفساد وسرقة أموال الدولة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس اليمني استجاب لمطالب الجنوبيين، وأقال رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، كما دعا إلى إجراء تحقيق في دور بن دغر في المشاكل الاقتصادية التي تعرضت لها البلاد مؤخرًا.
ونبهت الصحيفة إلى أن انهيار أحدث جولة من محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة حول اليمن يأتي في وقت يتصاعد فيه عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وبينما يتركز معظم الاهتمام الدولي على الأحداث في ميناء الحديدة اليمني الحيوي، فإن التطورات المهمة في الجنوب تتطلب المزيد من الاهتمام.
وأشارت (واشنطن بوست) إلى أن موجة الاحتجاجات في الجنوب اندلعت في أوائل شهر سبتمبر الماضي، بعد التراجع المفاجئ في قيمة صرف الريال اليمني مقابل العملات الأخرى؛ ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية المتردية بالفعل. ونوَّهت الصحيفة الأمريكية بأن المتظاهرين في الجنوب اتهموا الحكومة بالفساد وأنها تدفع البلاد نحو المجاعة، حيث تدهور الوضع بشكل حاد في عام 2016، بعد أن تعذر على الحكومة دفع رواتب موظفي القطاع العام؛ ما ترك معظم اليمنيين الجنوبيين غير قادرين على شراء الطعام أو غيره من الضروريات الأساسية؛ الأمر الذي دفع المتظاهرين في الجنوب إلى إعلان أيام العصيان المدني.
وألقت (واشنطن بوست) الضوء على أن المجلس الانتقالي الجنوبي منذ تشكيله وهو يمثل السلطة المنافسة في الجنوب، حيث ألقى المجلس باللوم - مرارًا وتكرارًا - على الحكومة المركزية في الانهيار الاقتصادي بالبلاد، مشيرة إلى أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2015، وقف الجنوب بأكمله إلى جانب الرئيس هادي، على الرغم من إخفاق حكومته المستمر في ضمان وصول المساعدات الدولية إلى المواطنين.
ولفتت الصحيفة إلى الأسباب التاريخية التي تدفع جنوب اليمن إلى الاستقلال، وفي مقدمتها أنه بعد توحيد الشمال والجنوب في عام 1990، سرعان ما أصبح الجنوبيون محبطين بشكل كبير نتيجة سوء توزيع موارد البلاد. ونوَّهت الصحيفة بأنه في عام 2007، شكل الضباط الجنوبيين المفصولين "الحراك الجنوبي"، الذي حظي بتأييد واسع من مواطني الجنوب، وأثبت نجاحه في إلهام الجنوبيين لدعم دعوته للاستقلال.
وأوضحت الصحيفة أن المجلس الانتقالي الجنوبي يريد تمثيلًا إقليميًا ومجلسًا وطنيًا يوحّد الجنوب، مع إعادة تأسيس دولة ما قبل عام 1990، فضلًا عن تنظيم قواعد تُبقي العسكريين وشيوخ القبائل ورجال الدين بعيدًا عن السياسة، علاوة على عودة النساء إلى الوظائف العامة.
ونبّهت الصحيفة الأمريكية إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي نجح في تشكيل تحالف جنوبي يدعم الحراك في اتجاه العصيان على حكم الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي، مع الدعوة إلى إقالة المسؤولين الفاسدين، وتعيين آخرين جنوبيين محل ثقة بدلًا منهم.
وذكرت الصحيفة أنه مع قرار إقالة رئيس الوزراء، تراجع المجلس الانتقالي الجنوبي عن مطلب تطهير الحكومة من ممثلي هادي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات الحالية هي استمرار للتحركات التي بدأت في شهر يناير، بعد الانقطاع المزمن للتيار الكهربائي الذي هدد بإغلاق المستشفيات، ويظل الطلب منذ ذلك الوقت حتى الآن كما هو: يجب استبدال الحكومة بأخرى ذات كفاءة وخالية من الفساد.