قالت مصادر مقربة من وزير الدفاع المعتقل لدى الميليشيات الحوثية اللواء محمود الصبيحي في تصريح لـ”العرب” إن عددا من أفراد قبيلة الصبيحي قاموا بزيارة لعدد من العواصم العربية في إطار المساعي لإطلاق سراحه، مشيرة إلى أن الزيارة ستشمل سلطنة عمان التي أعلنت وزارة خارجيتها، الخميس، عن التوصل إلى اتفاق مع الميليشيات الحوثية، بشأن السماح للصبيحي بالتواصل مع ذويه.
وأشار بيان صادر عن وزارة الخارجية العمانية إلى أن الوزارة “تأمل أن تعقب ذلك خطوات أخرى لإيجاد حل نهائي للمعتقلين والأسرى والمفقودين”، لدى الحوثيين.
وبينما نفت المصادر المقربة من الصبيحي أن تكون هناك وساطات سياسية تقف خلف المساعي الرامية لإطلاقه، وأن الجهود ما زالت ذات طابع قبلي واجتماعي، إلا أن العديد من المؤشرات تؤكد أن حلحلة وضع وزير الدفاع اليمني المعتقل لدى الحوثيين منذ مارس 2015 تأتي في سياق جهود سياسية أشمل تهدف إلى تعزيز مسار بناء الثقة بين الأطراف اليمنية قبيل البدء في جولة جديدة من المشاورات في نوفمبر المقبل.
واعتبرت مصادر سياسية مطلعة أن تحريك ملف إطلاق الأسرى والمعتقلين يتصدر قائمة الأهداف التي يسعى المبعوث الأممي مارتن غريفيث تحقيق اختراق فيها، إلى جانب دفع الأطراف اليمنية إلى تبني هدنة اقتصادية.
ولفتت المصادر في تصريح لـ”العرب” إلى أن الوساطة العمانية التي نجحت في إطلاق سراح اثنين من أبناء الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، كانت المقدمة لحلحلة هذا الملف الذي يعدّ أبرز عوامل عرقلة أي مشاورات سياسية بين الحكومة الشرعية والحوثيين خلال الفترات الماضية.
ووفق ما ذكره التلفزيون العُماني، فإن السلطنة توصلت إلى اتفاق مع الحوثيين بشأن وضع الصبيحي. ويقضي الاتفاق بالسماح للصبيحي، بالتواصل مع أسرته وذويه لأول مرة منذ اعتقاله لدى الحوثيين مطلع 2015. وقال التلفزيون العُماني إن السلطنة تأمل في إيجاد حلول نهائية بشأن وضع جميع الأسرى والمفقودين في اليمن.
وتقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين رفضوا إطلاق جميع الأسرى كـ”مبادرة حسن ثقة قبل أي مفاوضات”، وتتهمهم باعتقال واختطاف أكثر من 3 آلاف يمني، على رأسهم وزير الدفاع اللواء الصبيحي وقيادات عسكرية وسياسية أخرى.
وتسعى مسقط للعب دور وسيط وضامن إقليمي للجماعة الحوثية وهو ما يجعلها الأقدر على إقناع المتمردين بتقديم تنازلات من قبيل إطلاق المعتقلين السياسيين والذين قد يكون من بينهم محمود الصبيحي كمرحلة أولى، من ضمن مراحل لاحقة ربما تفضي إلى إطلاق سراح من تبقى من أقرباء الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح وشقيق الرئيس هادي والقائد العسكري المقرب منه فيصل رجب.
ولا يبدي الحوثيون أي مرونة تجاه الكشف عن مصير القيادي البارز في حزب الإصلاح محمد قحطان الذي لا يزال الغموض يحيط بمصيره، في ظل تسريبات غير مؤكدة عن قيام الحوثيين بتصفيته.
ويذهب الباحث السياسي اليمني فيصل المجيدي إلى أن الحراك الذي بدأ يشهده ملف الأسرى والمعتقلين من قبل الميليشيات الحوثية وإن لم يكن كافيا إلا أنه يمهد لمحاولات إجراء تسويات قادمة تعتمد على إجراءات وملفات بناء الثقة التي فشل فيها المبعوث السابق ولد الشيخ ويسعى غريفيث لإحداث إنجاز سياسي من خلالها.
وأشار المجيدي في تصريح لـ”العرب” إلى أنه يمكن قراءة التحرك في هذا الاتجاه بناء على الخطوط العريضة التي وضعها المبعوث الأممي والتي تعتمد على الجوانب الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين، خصوصا في ضوء التغيرات الحالية التي تشهدها المنطقة.
وأضاف أن “هناك رغبة حقيقية لإحداث اختراق في ملف المفاوضات خصوصا مع تصريحات غريفيث بأنها قد تكون قريبا وحددّ لها جنيف أو فينا، وأن ما يحدث مقدمات للتعاطي مع ملف المعتقلين الشائك والذي كان سببا لفشل الجولات الأربع السابقة للمشاورات لكنها بكل تأكيد ستصطدم بملف أشد وهو تسليم السلاح”.