شارك رئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا عبدالسلام قاسم مسعد، ومعه أحمد مثنى علي وحمود الشعبي، في ندوة نظمها الائتلاف الأمريكي الشرق أوسطي للديمقراطية، وعقدت الندوة في مبنى الكونجرس الأمريكي.
وفي الندوة ألقى عبدالسلام قاسم، كلمة قال فيها بدايةً أنقل إليكم تحيات شعبنا في جنوب اليمن، ولا يزال شعبنا أيها السادة، رغم عقود القمع والتفقير يؤمن بثقافة التظاهر والاحتجاج السلمي للمطالبة باستقلاله وحريته، ومنذ العام 1990م يحاول شمال اليمن فرض وحدة قسرية على شعبنا، تختزل ثقافتنا وخصوصية شعبنا وتطلعه للإسهام الإيجابي في المجتمع الدولي.
وأضاف: منذ العام 1990 تندلع الحرب تلو الأخرى في اليمن، حيث لم يسود الاستقرار والأمن في منطقتنا للحظة منذ الوحدة المشؤومة التي باتت عامل مهدد للأمن والاستقرار الداخلي ليس في اليمن فقط، بل رأينا تبعات الفوضى تمتد لأبعد من حدود اليمن، واليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين لا زال يتم فرض شعارات مثل "الوحدة أو الموت" أو "فرض الأقاليم الستة" علينا، حيث يرى شعبنا في جنوب اليمن في فكرة الأقاليم الستة فكرة مزاجية تنطلق من مصالح شخصية ضيقة لا تراعي طموحات شعبنا في جنوب اليمن ولو بالحدود الدنيا.
وذكر أنهم في الجنوب حين يرفضون الوحدة، لا يرفضونها من فراغ، بل لأن الوحدة أرجعت الجنوب وعاصمته التاريخية عدن للوراء بعد أن كانت عدن يوماً تسمى جوهرة العرب وكانت تنافس بيروت في الستينات بالحضارة والفن والحراك السياسي الحر، ويرفضون الوحدة، لأنهم يرفضون تغيير ثقافة شعبهم ونمط حياتهم بالشكل الذي اختارته ثقافة الشمال.
وأشار إلى أنه لا تزال الحكومات الشمالية المتعاقبة سواء حكومة علي عبدالله صالح أو حكومة الرئيس الشرعي هادي عاجزة على السيطرة على الشمال برمته وحكمه بأسلوب مؤسسات الدولة، حيث العقد الاجتماعي الحاكم الوحيد في شمال اليمن تتحكم فيه العصبيات القبلية والطائفية أو عصبيات قادة الجيش النافذين في أحسن الأحوال، بينما جبل الجنوب على الحضارة المدنية وسيادة النظام والقانون.
وتابع رئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي في أمريكا وكندا بقوله: منذ لحظة الوحدة، انقلبت حياتنا رأساً على عقب، ففيما كانت المرأة الجنوبية رائدة ومؤثرة على مستوى المنطقة، تراجع دورها مع الوحدة فتم تغييب دور المرأة وتصوير دورها في المجتمع بأنه دور شيطاني وفي أسفل درك السلم الاجتماعي، وتم إغلاق الجامعات والمؤسسات العسكرية والأمنية في مدن الجنوب.
كما قال إنه تم إهمال مطار عدن الدولي الذي كان يوماً ينافس مطار طوكيو وكذلك إهمال ميناء عدن حيث كان يصنف ثالث ميناء في العالم، وتم استهداف وإغلاق دور السينما والمسارح وكل معلم وأثر حضاري كان يميز عدن ويجعلها جوهرة العرب بالفعل في وسط الصحراء العربية آنذاك، وتم طمس هويتنا وثقافة شعبنا، وكما استخدم الأفيون قبل عشرات السنين لضرب الشعوب واستعبادها، جرى إغراق الأسواق الجنوبية بكل أنواع المخدرات لتدمير الشباب وتفشي الجريمة.
وأضاف أنه إبان الوحدة، لم تعد ترى في مدن الجنوب أي فعالية ثقافية تملأ وقت أبنائنا، لا مؤسسات ثقافية ولا عمل مما يجعلهم عرضة لابتزاز واستقطاب الفكر المتطرف والحركات الإرهابية، وقبل الوحدة، كانت كل فكرة أو منتوج حداثي يصل للمنطقة يصلها عبر عدن ومينائها الحيوي، وأنه رغم التدهور الذي ذهبت إليه منطقتنا بفعل فاعلين، لا زلنا نملك نقطة قوة وهي شعب حي يؤمن بثقافة التظاهر السلمي للمطالبة بحقوقه المشروعة.
وأوضح أنه لم تكن مظاهرات شعب الجنوب تكرارأً وتقليداً لما تمت مشاهدته فيما يسمى بـ"الربيع العربي"، بل بدأ شعب الجنوب برفع الصوت ضد الوحدة المشؤومة في العام 2007 ولا يزال حتى اللحظة يصر على تحقيق مطالبه السياسية بالأساليب القانونية المقبولة دولياً، وأشار إلى أن شعب الجنوب رغم معاناته من نظام الحكم في صنعاء كان الحصن المنيع الأول والأخير في مواجهة الرغبة الإيرانية الحثيثة لبناء حزب الله جديد في اليمن، ليكون أداة خطيرة في يدها تجند من خلالها اليمنيين ابتداءاً بأطفالهم وتحولهم إلى قنابل موقوتة تطلقها إيران على جيران اليمن ابتداءاً بالمملكة العربية السعودية.
ولفت إلى أن المقاومة الجنوبية كانت ولا تزال حتى هذه اللحظة الفريق الذي وثقت به قوات التحالف العربي، وذهبت بالاعتماد عليها إلى أعتى المعارك ضد ميليشيات إيران وصنيعتهم الحوثي وهي اليوم في الحديدة القوة الحاسمة، وأن قوات المقاومة الجنوبية لم تتهاون مع أي نوع من أنواع التطرف والإرهاب، فكانت الوحيدة في اليمن التي قاتلت القاعدة بحزم ودحرتها من معظم مدن الجنوب بالتعاون والدعم الكبير من دولة الإمارات العربية المتحدة والدعم اللوجيستي للولايات المتحدة الأمريكية وكذلك دعم التحالف العربي بشكل عام.
وأشار إلى أن أطراف أخرى في شمال اليمن تستفيد من القاعدة، فتغذيها لتتخذ من مدن قريبة منها كمأرب والبيضاء مقرات للقاعدة فتصبح ورقة بأيدي الحكومة كما فعلت حكومات الشمال دائماً، وأن البلاد ورغم سنين الإهمال، لا تزال تملك من المقومات الكثير من سواحل هامة وغنى في الثروات الطبيعية وموانئ إستراتيجية وموقع هام من شأنه أن يجعل دولة الجنوب مستقبلاً دولة مستقلة مكتفية ذاتياً وقادرة على عقد الصفقات التي تفيد مصالح البلاد والمجتمع الدولي.
واستطرد عبدالسلام قاسم حديثه قائلاً: نرى اليوم أننا أمام لحظة تاريخية لذلك بلورنا رغبات شعبنا في جنوب اليمن، بمؤسسة تشكلت من أبناءه المؤمنين بأهدافه بالحرية والاستقلال، فكان المجلس الانتقالي الجنوبي المظلة السياسية التي تدافع عن مطالب شعبنا وتمأسسها وتجد لها طريق على أرض الواقع لتتحقق، وفي الرابع من مايو للعام ٢٠١٧، جرى تفويض شعبي عريض من خلال مليونية جماهيرية فوضت القائد الجماهيري السيد عيدروس الزُبيدي لقيادة نضال شعب الجنوب إلى استعادة السيادة الوطنية وبناء الدولة الجنوبية الحرة والمستقلة.
وذكر أن المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح القوة السياسية الفاعلة على الأرض في جنوب اليمن، مستمداً تلك القوة من الالتفاف والتأييد الشعبي الواسع له في كل محافظات الجنوب، وله حضوراً واسعاً وتواصلاً دائماً مع عدد من الحكومات ومؤسسات الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن الدولي، واليوم نحن نؤكد أكثر من أي وقت مضى على رغبة شعب الجنوب بفك الارتباط عن المنظومة الحاكمة في الشمال التي لا تعبر عن طموحات الجنوب وشعبه.
وقال: فقد سرقت حكومات الشمال مقدرات الجنوب وأراضيه وممتلكات شعبه وإرثه الحضاري الطويل الذي ذهب كعطايا لمتنفذي الشمال بعد أن استحوذ الشماليون على صناعة القرار في عموم اليمن وأبعدوا أهل جنوب اليمن من أي شراكة فعلية في رسم مستقبله، بينما لا تزال حكومة الشمال ترغب بزجنا في تحالفات مع قوى متطرفة وطائفية كتنظيم الإخوان وجماعات الإسلام السياسي المتطرفة التي لا تتقاطع رؤيتها للمستقبل مع رؤيتنا ورؤية شعب جنوب اليمن بل تناصبنا العداء الصارخ.
وأضاف: شعبنا يتطلع لبناء بلد باقتصاد حر، يستغل مكامن قوة الجنوب وموانئه المحورية في المنطقة وثرواته التي تكفل لشعبنا عيش كريم بعيداً عن سنوات النهب التي تعرضت لها مدننا، وجعلت شعبنا في حالة عوز دائم يقف على طوابير توزيع المساعدات الشحيحة التي تمن علينا بها الحكومة الشمالية حيناً وتسرقها أحياناً أخرى، كما تؤكد قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي على أن حل القضية الجنوبية سيكون مقدمة لحل الوضع في عموم اليمن، فقضيتنا هي محور التحول السلمي في اليمن، لذلك نطالب في كل مناسبة مجلس الأمن الدولي باعتبار قضية شعب الجنوب أساس راسخ لا يجب إقصاؤه من أي محادثات تتعلق بإرساء السلام في اليمن.
وجدد التأكيد على أن أي اقصاء أو تهميش لشعب الجنوب وممثليه في أي مفاوضات لن يكونون معنيين بالقبول والالتزام بها وتنفيذ مخرجاتها، دوناً عن ذلك فهم يمدون جسور الحوار والسلام مع المجتمع الدولي للتوصل لحل سياسي عادل يرتضيه شعب الجنوب، وقال: أعينونا في صناعة تاريخنا لنبني مجتمع ديمقراطي ينبذ ثقافة الكراهية والعنف يتماهى مع التطور الحضاري العالمي واحترام حريات وحقوق الإنسان ويعطي كل ذي حق حقه.
وأختتم رئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا عبدالسلام قاسم كلمته بالقول: قبل أن انهي كلمتي أتوجه بالتحية والتقدير لكل أبطال قوات العمالقة الجنوبية، الذين حرروا الساحل الغربي ويقاتلون اليوم لتحرير الحديدة من سيطرة الحوثيين ووضع حداً للمطامع الإيرانية في المنطقة التي تهدد الملاحة الدولية وأمن واستقرار المنطقة.