*هل وصلت حكومة الشرعية إلى فشل تام في كل محاولاتها المفترضة لإنقاذ الريال اليمني من أكبر انهيار مصرفي في تاريخ اليمن أم أن هناك من هو مستفيد وراغب باستمرار الوضع؟*
*ما دور الحوثيين وعمليات مضاربتهم بالعملة في استمرار كارثة الانهيار المصرفي وفشل كل المساعي الحكومية لإيقاف كارثة التدهور المصرفي المريع وعجز الشرعية عن وضع أي حد لعمليات التلاعب بالعملة وإفراغ السوق من النقد الأجنبي؟*
*لماذا وضعت السعودية "شروطاً تقييدية" على الحكومة في التصرف بوديعتها الإنقاذية للريال اليمني بالبنك المركزي؟*
*ولماذا فشل البنك المركزي في ضخ عملة أجنبية إلى السوق المحلية لسد الحاجة المتزايدة للعملة الأجنبية وإعادة التوازن إلى السوق وضبط أسعار الصرف؟*
*أسباب ومخاطر الانهيار الكارثي للعملة*
يتواصل الفشل الحكومي الصادم في إيجاد أي حلول أو وضع أي حد لاستمرار التدهور المصرفي الكارثي للعملة المحلية بعد وصول صرفها إلى مستويات صادمة تدق ناقوس خطر حقيقي من مجاعة قاتلة مقبلة من شأنها مضاعفة الجرائم المجتمعية والقضاء على القيم المجتمعة باعتبار "الجوع كافر" في ظل تحذير برنامج الغذاء الأممي من خطر أكبر أزمة جوع يشهدها العالم اليوم باليمن ومعاناة أكثر من 8 ملايين يمني من جوع شديد.
ويرى مراقبون ومتخصصون أن خطورة الانهيار المصرفي الكارثي المتواصل يحمل في طياته مخاطر مجتمعية غير مسبوقة لترافقه مع أوضاع الحرب وويلات الفقر المنتشر باليمن في ظل استمرار الصراع الدموي للعام الرابع وغياب أي أفق لنهاية مآسي الحرب والجوع والنزوح والتشرد، وفي وقت تتزايد فيه صعوبات الحياة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني تزامنًا مع استمرار كارثة انهيار صرف العملة المحلية رغم كل المحاولات والتحذيرات المستمرة من خطورة الوضع المصرفي وإعلان السعودية عن تقديمها وديعة ملياري دولار إنقاذية للحفاظ على سعر صرف الريال اليمني الذي وصل إلى مرحلة احتضار مصرفي حرج وغير مسبوق.
تقرير خاص/ ماجد الداعري
*الريال اليمني يواصل انهياره المصرفي الكارثي بشكل غير مسبوق*
يواصل الريال اليمني انهياره المصرفي المريع بشكل غير مسبوق في أسواق الصرف بالعاصمة المؤقتة عدن ، وكذلك صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بعد يومين من توجيه الرئيس عبدربه منصور هادي بتشكيل مجلس اقتصادى من الحكومة وممثلين عن الغرف التجارية والصناعية في محاولة منه لوقف استمرار كارثة الانهيار المصرفي لسعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار والعملات الأخرى.
ونقل موقع "مراقبون برس" الإخباري المستقل، عن صيارفة وملاك شركات صرافة بعدن قولهم ليل الثلاثاء، أن سعر صرف الدولار الواحد تجاوز حاجز الـ 530 ريالا لأول مرة في العاصمة عدن ، بينما تخطى صرف الريال السعودي حاجز الـ140 ريالا يمنيا وسط استمرار الانهيار المصرفي وتزايد المخاوف من النتائج التي سبق وأن دفعت شركات صرافة إلى إغلاق مقرات عملها خشية من تقلبات السوق المصرفية واستمرار تهاوي الريال بشكل كارثي صادم من شأنه التأثير على مختلف شؤون الحياة وتعقيدها في ظل استمرار العجز الحكومي عن مواجهة الكارثة رغم الحديث عن وديعة ملياري دولار من السعودية بالبنك المركزي اليمني المعطل المهام بعدن.
*أبرز أسباب استمرار الانهيار الكارثي لصرف الريال اليمني*
ومن جهته كشف مصدر حكومي رفيع عن أبرز أسباب استمرار انهيار سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى رغم الحديث الحكومي عن وديعة ملياري دولار سعودية بالبنك المركزي لإنقاذ العملة اليمنية من الانهيار الكارثي المتواصل.
وقال المصدر الحكومي، أن السعودية وضعت شروطاً تقييدية كبيرة حول التصرف بوديعتها البالغة ملياري دولار لدى البنك المركزي خشية سوء التصرف الحكومي بها وعدم تخصيصها في وقف الانهيار المصرفي الكارثي المتواصل.
وأوضح المصدر الحكومي ، الذي فضل عدم ذكر اسمه، حسب مراقبون برس،أن الفريق الاقتصادي السعودي المكلف بإدارة الملف المالي اليمني برئاسة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، حصر كل إجراءات التصرف بالوديعة فيما يخص دعم استيراد المواد الغذائية ، وشددت على وقف أي إجراءات مالية أخرى من شأنها إعادة دعم سعر صرف الريال وضخ السيولة المالية إلى السوق لوقف الانهيار المصرفي المتواصل وإعادة التوازن للسوق المصرفي.
*خلافات محتدمة بين محافظ البنك المركزي والجانب السعودي*
وإلى ذلك أشارت مصادر مصرفية أخرى باحتدام خلافات عميقة بين محافظ البنك المركزي / محمد زمام ، والجانب السعودي حول موضوع صلاحيات التصرف بالوديعة في ظل إصرار المحافظ على ضرورة ضخ سيولة نقد أجنبي إلى سوق الصرف لإعادة التوازن المصرفي ووقف الانهيار المصرفي المتسارع في سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى مع تخطي الدولار حاجز الـ530 ريال يمني واقتراب سعر صرف الريال السعودي من حاجز الـ140ريال يمني لأول مرة في التاريخ اليمني.
*مجلس اقتصادي يفاقم من كارثة تدهور صرف العملة المحلية*
وكان الرئيس هادي وجه الأحد بتشكيل مجلس اقتصادي لوقف الانهيار المصرفي ، غير أن فشل فكرة المجلس على ما يبدو دفعت إلى مزيد من الانهيار المصرفي، وقال هادي خلال لقائه يومها برئيس وأعضاء الغرفة التجارية والصناعية فى محافظة عدن، إن الحكومة تمكنت من تحقيق بعض الاستقرار من خلال تأمين الاحتياجات الأساسية وانتظام صرف مرتبات موظفى الدولة. وأكد ، وفقا لوكالة أنباء سبأ التابعة لحكومته، أن الحكومة تعمل على تحقيق خطوات مهمة لتعزيز الموارد وتنميتها وتفعيل أجهزة الرقابة لتجفيف منابع التهريب والفساد، مشددا فى الوقت ذاته، على ضرورة تنظيم التعاون والتكامل مع البنك المركزى ووزارة الصناعة والتجارة والأجهزة ذات العلاقة لحفظ استقرار العملة وتحقيق استقرار الأسعار.
وقال هادي مخاطبا المجتمعين: «إن تحقيق الاستقرار مسؤولية وطنية ومجتمعة يتشارك الجميع في استتبابها وإرساء مداميكها من خلال التحلي بالقيم وأساسيات العمل التي تكفل حقوق التاجر ولا تضيف أعباء غير مبررة ومبالغة على المواطن المستهلك». واستعرض هادي التجريف المتواصل من قبل الميليشيات الحوثية للاقتصاد في بلاده، مشيرا إلى أنها «استباحت مقدرات الدولة ومواردها واستنزفت احتياطات البنك المركزي لمصلحة مجهودها الحربي وخدمة مشروعها الدخيل». قبل أن يتم نقل البنك إلى عدن، وما تلا ذلك من تحقيق استقرار نسبي وصرف لرواتب موظفي الدولة، بدعم سعودي، ووديعة مقدارها ملياري دولار لدعم استقرار سعر العملة.
وذكرت مصادر أن هادي «طالب الجميع بتحمل مسؤولياتهم في هذه الظروف والمرحلة الحاسمة التي يمر بها البلد، وتنظيم التعاون والتكامل مع البنك المركزي ووزارة الصناعة والتجارة والأجهزة ذات العلاقة لحفظ استقرار العملة وتحقيق استقرار الأسعار التي تطال تبعاتها المواطن البسيط بصورة أساسية» ، لافتا إلى خطوات هامة تعمل الدولة على تحقيقها لتعزيز الموارد وتنميتها وتفعيل أجهزة الرقابة لتجفيف منابع التهريب والفساد.
*زمام يقدم إحاطة عن وضع البنك واحتياطاته المالية*
وكان محافظ البنك المركزي / محمد زمام، قدم إحاطة خلال الاجتماع عن وضع البنك واحتياطاته المالية وجهود العمل والتنسيق مع الغرف التجارية ورجال الأعمال لتوفير الاحتياجات واستقرار السوق ومتابعة محلات الصرافة المرخصة ومراقبة غير المرخص منها لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.
ونسبت مصادر صحفية إلى مراقبين اقتصاديين وعاملين في القطاع المصرفي اليمني تعبيرهم عن أملهم أن تتوصل الجهود الحكومية إلى نتيجة ملموسة وعاجلة لوقف التدهور المتواصل في سعر العملة الوطنية، بالاستفادة من الوديعة السعودية. كما يأملون أن تتخذ إجراءات ملموسة لوقف عمليات المضاربة الحوثية بسعر العملة وللحد من عمليات تهريبها إلى الخارج، إضافة إلى وضع لائحة سوداء بشركات الصرافة والبنوك المحلية التي تسهل للجماعة الحوثية أعمالها في استنزاف العملات الصعبة وغسل الأموال.
*تحذير أممي من أكبر أزمة جوع يشهدها العالم اليوم في اليمن*
وإلى ذلك حذر البرنامج الأممي للغذاء من خطر أكبر أزمة جوع يشهدها العالم اليوم باليمن،وقالت قناة فرانس 24 الإخبارية الفرنسية الناطقة بالعربية في تقرير متلفز لها الثلاثاء :" أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، عبر صور وزعها عن الوضع الإنساني والميداني في مدينتي صعدة والحديدة، من أن الدمار والحصار والنزاع العسكري الذي يشهده اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات سيتسبب بأكبر أزمة جوع يشهدها العالم حاليا في ظل وجود 8 ملايين يمني يعانون من جوع شديد في ظل صعوبات استمرار الحرب للعام باليمن وتسببها بمعاناة الآلاف من السكان وأحداث آثار دمار كبير في مناطق الحرب ، ونشر البرنامج صوراً لآثار الدمار الذي لحق بمحافظة صعدة معقل الحوثيين بالحديدة الساحلية".
*(شطارة) يحذر الشرعية من عواقب كارثية لاستمرار انهيار العملة*
ومن جانبه حذّر الإعلامي والسياسي الجنوبي/ لطفي شطارة ، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، من عواقب كارثية لاستمرار انهيار العملة المحلية، ودعا حكومة الشرعية إلى وقف تدهور العملة باعتباره الخطوة الأكثر أهمية التي يجب أن يوليها الرئيس هادي كل اهتمامه الآن لاستقرار المناطق الجنوبية المحررة، وأكد أن تشكيل غرفة عمليات لمراقبة الانهيار السريع للعملة وارتفاع سعر الرغيف والوقود والإنفاق الغير مبرر هي أولوية الشرعية اليوم وليس غرفة عمليات أمنية مشتركة.
وأكد في منشور على صفحته بالفيسبوك أن ‘‘ انهيار العملة يعني انهيار المجتمع خاصة في بلد يعيش حربا وشحة موارد وإنفاق مهول، مشددا بالمناسبة على أن الصمت على تدهور العملة سيقود لانهيارات أمنية وفوضى مجتمعية وقد تدفع الناس للخروج عن صمتها ويستحيل تخمين أسوأ الاحتمالات التي قد تحدث إذا أغلقت أمامها كل أبواب مواجهة شظف العيش والارتفاع الجنوني للأسعار’’.
وخاطب شطارة كل من قال أنه يحب الرئيس هادي ممن حوله بإبلاغه "أن كل يوم تأخير في مواجهة انهيار الريال يرفع من حالة احتقان الناس"،وبينما أكد معرفته بأن الوضع الاقتصادي صعب، لكن "المستشارين الماليين وسياسة البنك المركزي يقودون البلاد الى فوضى أخطر مما يتصورونها".
*أولويات الشرعية لتجنب عواقب كارثية بكل المقاييس*
وأوضح الأستاذ شطارة أن : "الناس تستطيع أن تصبر على كل شيء إلا الجوع"،معتبرا أن طباعة العملة بدون غطاء وبدون رؤية أو سياسة مالية واضحة يتسبب بعواقب كارثية بكل المقاييس.
وأكد شطارة في منشور آخر له يوم الأحد الماضي، أن " أولويات الشرعية ليست غرفة عمليات أمنية مشتركة وإنما غرفة عمليات لمراقبة الانهيار السريع للعملة وارتفاع سعر الرغيف والوقود والإنفاق الغير مبرر".وقال أن "الأمن أصبح حجة لإلهاء الناس عن عصابة تعبث باستقرار الأوضاع الاقتصادية".
وأضاف: " لا تشحنوا الناس ، ولا تضللوا الرئيس ، ولا تشتتوا جهود التحالف باتجاه الأمن وجعله شماعة لفشل ذريع في المال والخدمات واحتياجات الناس الضرورية".. واختتم عضو هيئة رئاسة الانتقالي الجنوبي منشوره بتحذيره من خطورة " الكريم إذا جاع".
*لماذا يتواصل انهيار العملة إلى حدود غير مسبوقة؟*
من جانبه كشف الخبير الاقتصادي والأستاذ الاقتصادي المتخصص بجامعة عدن عن أبرز الأسباب التي تقف وراء تسارع انهيار صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية والتي وصلت إلى حدود غير مسبوقة.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن د. يوسف سعيد أحمد أن : "هناك عدة عوامل تسببت في أزمة الريال اليمني ، منها توظيف واستخدام العملة هدفا من أهداف الحرب وأداة في الصراع من قبل أطراف الصراع، إضافة إلى منع الحوثيين تداول الطبعة الجديدة في صنعاء 1000 – 500 بشكل تعسفي وبصورة غير قانونية وبسعر مختلف".
وأشار د. يوسف أحمد في حديث تحليلي حول أزمة الريال اليمني أن "منع بيع الغاز المنزلي لمناطق سيطرة الحوثيين بالعملة من الطبعة القديمة كثمن لغاز مأرب من ضمن الأسباب التي أدت إلى تدهور قيمة الريال اليمني" .
ونوه أن "حجب السيولة على المصارف بسبب منع التعامل بالشيكات ومنع المدخرين والبنوك من استخدام مدخراتهم كان من ضمن أسباب تدهور قيمة العملة اليمنية ، إضافة إلى إبقاء المعروض النقدي m1 بالكامل في التداول لدى الأفراد خارج البنوك لتوفير السيولة".
*حجز الأصول النقدية الخاصة ببعض رجال الأعمال*
وانتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن حجز الأصول النقدية الخاصة ببعض رجال الأعمال (خصوم سياسيين أو مسؤولين سابقين) لدى البنوك وشركات الصرافة ، مشيرا إلى أن انتشار الإشاعات بأن عملة جديدة قد طبعت في البنك المركزي في طريقها للتداول ساهمت أيضا في تدهور قيمة الريال.
وأوضح أن "من ضمن الأسباب ارتفاع الطلب على الدولار لمواجهة استيراد النفط يعتبر سبباً رئيسياً باعتبارات قيمته وارتفاع نسبته في الاستيراد، وليس بسبب تعويمه وكذلك غياب المنافسة الشريفة والعادلة ؛ وغياب الشفافية، والرقابة، والإشراف الحكومي الفعال، بالتوازي مع ارتفاع منسوب الفساد.إضافة إلى استمرار المضاربة على الدولار في ظل غياب الإشراف الفعال من المركزي كافيا لوحده لإلغاء أثر قراره بدعم استيراد الغذاء".
وشدد يوسف ، في تصريح صحفي سابق له، على أنه "لا يجوز ظلم القائمين على البنك المركزي في مثل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها بلادنا، ليس بمقدور أحد الإجابة على مثل هذه الأسئلة.مشيرا بالمناسبة إلى أنه بدون تدفق الموارد العامة للبنك المركزي وعمل كل ما هو ممكن لتقليل مستوى الاختلالات الاقتصادية فستظل العملة اليمنية تواصل تدهورها خلال الأيام المقبلة وإلى مستويات خطيرة مجتمعياً".
*عمليات مضاربة حوثية وشراء للعملات الأجنبية لإرباك الشرعية*
وإلى ذلك أكدت صحيفة الشرق الأوسط استمرار تهاوي العملة اليمنية بشكل غير مسبوق أمام العملات الأجنبية في صنعاء وعدن وبقية المحافظات اليمنية، وسط مخاوف الاقتصاديين من انعكاس ذلك على معيشة السكان بسبب الارتفاع الموازي في أسعار السلع الغذائية والوقود، في ظل تدني الدخل اليومي وتوقف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية. ونقلت عن مصرفيين تحدثوا إليها أسباب اللائمة إلى تصرفات الميليشيات الحوثية، مؤكدين قيام الجماعة بعمليات مضاربة وشراء للعملات الأجنبية ما أدى إلى شح المعروض النقدي من العملات الصعبة.
وقالت الصحيفة أن هناك انتشار في شوارع صنعاء الرئيسية وأحيائها الخلفية، لمئات المحلات الخاصة باستبدال العملات وتحويلها بشكل متسارع وغير مفهوم في العامين الأخيرين ومن دون الحصول على أي تصاريح قانونية لمزاولة مهنة الصرافة أو دفع مبالغ التأمين لدى البنك المركزي اليمني. وأكدت أن أغلب هذه المحلات الحديثة التي تنامت تحت سمع وبصر الجماعة الحوثية تعود ملكيتها – بحسب مصادر مصرفية – لقيادات في الجماعة أو لعناصر تحظى بحماية منها، وهو ما منح الجماعة الفرصة للهيمنة على سوق بيع وشراء العملات والمضاربة بها، لإرباك خطوات الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها من جهة ولتخزين احتياطيات الجماعة بالعملة الصعبة، وشحنها إلى مخابئ سرية في صعدة وعمران. في مطلع السنة الحالية كان سعر الريال اليمني شهد تهاويا مماثلا كاسرا حاجز الـ500 ريال أمام الدولار الواحد، غير أن الأمر الملكي السعودي بمنح البنك المركزي اليمني في عدن وديعة سعودية جديدة بمبلغ ملياري دولار، أدى إلى كبح جماح التهاوي السريع للعملة اليمنية، وأعادها للاستقرار النسبي، طيلة ستة أشهر.
*لا مبرر حقيقي لهذا التهاوي المتسارع في قيمة الريال اليمني*
وبدوره أكد خبير مصرفي صنعاء عدم وجود مبرر للتهاوي المتسارع بصرف الريال ، وقال: لا يوجد مبرر حقيقي لهذا التهاوي المتسارع في قيمة الريال اليمني، وبخاصة بعد الوديعة السعودية والإجراءات الأخيرة للبنك المركزي التي قرر خلالها العودة إلى دعم استيراد السلع الأساسية وتوفير العملة الصعبة للمستوردين بأسعار أقل من سعر السوق. من جهته، يقول «إبراهيم. أ» وهو موظف قديم في شركة «صرافة عريقة»: «السبب في اعتقادي هو الميليشيات الحوثية ومضاربتها بالعملة بناءً على توجيه من قيادة الجماعة لجني المزيد من المكاسب، وفي الوقت ذاته لإعاقة عمل الحكومة الشرعية والتسبب في ارتفاع أسعار السلع وإلقاء اللائمة عليها بصفتها المسؤولة عن استقرار السوق وإدارة العملية المصرفية بعد أن أصبح المقر الرئيسي للبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن». زميل إبراهيم، في الشركة نفسها ويدعى «نبيل»، أكد خلال استطلاع الرأيه عن سبب الانهيار المتسارع في سعر الريال اليمني، أن الميليشيات الحوثية، بدأت منذ أسبوعين عملية شراء واسعة للعملة الصعبة من السوق، مستغلة عملية سطوها على مئات الملايين من الريالات من فئتي (500 – 1000) المطبوعة من قبل البنك المركزي في عدن، ومصادرتها من البنوك وشركات الصرافة بدعوى أنها نقود غير معترف بها، لجهة أن مصدرها هو الحكومة الشرعية.
*الحوثيون يعدون العدة لما بعد سقوطهم المرتقب*
ويرجح مصرفيون آخرون أن الجماعة الحوثية، بدأت تعد العدة لما بعد سقوطها المرتقب سواء بالحسم العسكري أو الانصياع السياسي، من خلال تحويل مدخرات قادتها وعناصرها والموالين لها من التجار إلى العملات الصعبة، لجهة تهريبها إلى الخارج ولجهة سهولة إخفائها بعكس العملة المحلية التي تحتاج إلى حيز أكبر. إلى ذلك، يعتقد بعض العاملين في السوق المصرفية اليمنية، أن موسم الحج له دوره في تصاعد الطلب على العملات الأجنبية وبخاصة الريال السعودي، إذ يحتاج نحو 25 ألف حاج إلى تحويل نفقاتهم من الريال اليمني إلى الريال السعودي، فضلا عن تصاعد الطلب عند التجار لجهة استيراد مستلزمات العيد، إلى جانب وجود نسبة إقبال كبيرة على السفر للخارج بغرض السياحة العلاجية أو الهروب من قبضة الميليشيات الحوثية. وفي هذا السياق، يؤكد مراقبون اقتصاديون في صنعاء، أن الشعور بالخوف وعدم الأمان في ظل حكم الميليشيات دفع بالكثير من السكان والناشطين ورجال الأعمال والسياسيين السابقين إلى نقل أعمالهم وأموالهم بالتدريج إلى خارج اليمن، وبخاصة بعد تصاعد عمليات النهب الحوثية للمصارف وشركات الصرافة وزيادة ما تفرضه الميليشيات من إتاوات ومن رسوم متنوعة على الأعمال والتجارة.
*استمرار تهاوي صرف الريال اليمني*
ومن جانبهم رجح مصرفيون وخبراء اقتصاد استمرار تهاوي صرف الريال اليمني في ظل عدم وجود سياسة نقدية واضحة لدى البنك المركزي اليمني في عدن، وعدم وجود أي قيود على عمليات الاستيراد للسلع الاستهلاكية غير الضرورية، فضلا عن تراجع نسبة تحويلات المغتربين اليمنيين وعدم التسريع بعمليات استئناف تصدير الغاز والنفط من حقول مأرب، وقال المراقبون أن عملية تهاوي الريال اليمني ستستمر في ظل الإقبال الواسع على شراء العملات الصعبة. وتسود المخاوف لدى المراقبين من تأثر معيشة السكان بسبب هذا التدهور في سعر الريال، وبخاصة بعد أن انخفضت قيمته خلال الأسابيع الأخيرة إلى نحو 10 في المائة، وهو ما رافقه صعود مباشر في أسعار السلع الغذائية والوقود والأدوية، حيث ارتفعت أسعار البيض والدجاج – على سبيل المثال – إلى الضعف تقريبا، في حين بدأ أصحاب المخابز في تصغير حجم الرغيف بدعوى ارتفاع سعر القمح.
*ارتفاع كبير للأسعار مع مواصلة الريال اليمني أكبر انهيار مصرفي له*
وأكدت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، مواصلة الريال اليمني، للأسبوع الثاني على التوالي، انهياره المصرفي أمام العملات الأجنبية، ما أدى إلى ارتفاع للأسعار بشكل كبير ومضاعف.وقالت الوكالة في تقرير لها الثلاثاء إن الريال اليمني وصل إلى مستوى قياسي متدني أمام العملات الأجنبية، حيث وصل سعر صرف الدولار في العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي اليمن، إلى 522 ريالا يمنيا، فيما وصل سعر الريال السعودي إلى 138 ريالا.
وأضافت "وصل سعر صرف الدولار في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى 515 ريالاً، والريال السعودي إلى 135 ريالاً يمنيا".
وبحسب المصادر، فهذا هو أكبر انهيار وصلت له العملة المحلية أمام العملات الأجنبية ، مؤكدة ان انهيار العملة المحلية سيستمر ما لم تضع الحكومة حلولا عاجلة لذلك.
وأدى انهيار العملة المحلية إلى ارتفاع اسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية ضعف ما كان عليه في السابق.
وقال سكان محليون لـ (د.ب.أ) إن المواد الغذائية ارتفعت ضعف ما كانت عليه، حيث ارتفع سعر رغيف الخبز من 15 ريالاً إلى 25 ريالا جراء ارتفاع سعر الدقيق.
وذكرت المصادر أن هذا الارتفاع فاقم من معاناة المواطن اليمني، خصوصا مع استمرار انقطاع المرتبات الحكومية منذ نحو عامين.
وكانت السعودية قد اعلنت مطلع كانون ثاني/ يناير الماضي إيداع ملياري دولار أمريكي في حساب البنك المركزي اليمني، بعد استغاثة الحكومية اليمنية "الشرعية" للرياض، من أجل الحد من تدهور قيمة الريال اليمني. في وقت يعاني فيه أكثر من 22 مليون شخص في اليمن من الفقر ، وهم بحاجة إلى مساعدات، حسب تقديرات أممية، فيما تعد اليمن واحدة من أفقر دول العالم جراء الصراع المسلح بين القوات الحكومية المدعومة بقوات التحالف العربي من جهة، والمسلحين الحوثيين من جهة ثانية..
*كسر الدولار لـ500 ريال شكّل فعلاً كارثة كبيرة*
وبدوره اعتبر الخبير الاقتصادي مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي ، كسر الدولار حاجز صرف الخمسمائة ريال بأنه يشكل فعلا كارثة كبيرة وقال: «في تصوري لا توجد مبررات اقتصادية قوية لتدهور العملة المحلية، فمسألة عدم توفر العملة بالشكل الكافي، هي مسألة ليست جديدة، إنما هناك مضاربة بالعملة الصعبة من قبل مجموعة من المضاربين في السوق، من كبار المتاجرين في العملة سواء كانوا صرافين أو بنوك أو غيرها، وبالتالي، هم وراء هذه الأزمة التي تسببت في تراجع سعر الريال مقابل الدولار».
وأوضح نصر،في تصريح صحفي لموقع العربي أن تدهور العملة المحلية «جاء على إثر قرارات البنك المركزي بالتدخل لدعم المواد الأساسية بصرف 470 للدولار الواحد»، مضيفاً «في اعتقادي أنه عندما شعر هؤلاء المضاربين في السوق الذين يتحكمون في سعر الصرف، أن البنك المركزي سعّر بهذا السعر، وأيضاً وضع إجراءات مطولة لموضوع دعم المواد الأساسية، وبالتالي شعروا أن التجار سيلجؤون إليهم حتماً، وبالتالي قررّوا هذا الرفع وهذه الممارسة التي أضرّت في سعر صرف الريال، وكسرت حاجز الـ500 ريال للدولار الواحد».
وبين الخبير الاقتصادي أن «حاجز كسر الـ500 شكّل فعلاً كارثة كبيرة، وهذا التراجع بكل تأكيد له نتائج كارثية على المواطن والاقتصاد اليمني، ويجب وضع المعالجات السريعة لتوقيف هذا التدهور السريع والكارثي».
*سيولة النقذ الأجنبي ومضاعفات انهيار العملة المحلية*
ورجح صيارفة وعاملون بشركات صرافة بعدن أسباب استمرار الانهيار المصرفي إلى عدم وجود سيولة كافية من النقد الأجنبي. في وقت اعتبر فيه آخرون أن قرار البنك الأخير القاضي بتعويم العملة، الذي شجع ضعاف النفوس من المضاربة غير المشروعة بالعملات الأجنبية، فضلاً عن عمليات غسيل أموال ينفذها الكثير من المتنفذين والمسؤولين، مستغلين وضع البلاد المتدهور.
ويأتي تواصل انهيار العملة المحلية وسط مضاعفات جمّة أبرزها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية ضِعف ما كانت عليه في السابق، الأمر الذي أكدّه المواطنون، وفاقم من معاناتهم، خصوصاً مع التدهور المستمر للخدمات، وعجز حكومة هادي عن إيجاد أي حلول للأزمات، حيث ارتفع سعر رغيف الخبز من 15ريالاً إلى 25 ريالاً جرّاء ارتفاع سعر الدقيق، وأكدّ تاجر جملة أن أسعار المواد شهدت ارتفاعاً خلال اليومين الماضيين، فازدادت أسعار الأرز والسكر بمعدل ألف ريال للأكياس الكبيرة، وتراوحت ما بين 200 إلى 500 ريال للأكياس المتوسطة والصغيرة.
وحسب العربي فقد أوجد تدهور سعر الريال إرباكاً في التعاملات التجارية والمصرفية خلال الأيام الماضية، حيث لا تبيع المصارف الدولار الأمريكي، وتكتفي بشرائه فقط، في حين أوقف تجار الجملة بيع البضائع، خشية تدهور سعر الريال. إذ ارتفعت أسعار العصائر والمشروبات الغازية هي الأخرى بنسبة 15%، كما ارتفعت أسعار الزيوت بنسبة 4%، وارتفع سعر البسكويت بنسبة 8%. وبحسب تجار، فإن اضطراب أسعار الصرف وتذبذبها، ليس في صالحهم ولا في صالح المواطنين، لافتين الانتباه إلى أن ذلك يؤدي إلى خسارة كبيرة للتجار، فضلاً عن استمرار معاناة المواطنين من ذوي الدخل المحدود.
وكان ناشطون في عدن، قد وجهوا دعوات للخروج في تظاهرة رفضاً لانهيار العملة، الذي اعتبره خبراء اقتصاديون انهياراً غير مسبوق للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ورفع مطالبهم للحكومة لإيقاف انهيار العملة.
*ما دور الحوثيين وعمليات مضاربتهم بالعملة في استمرار كارثة الانهيار المصرفي وفشل كل المساعي الحكومية لإيقاف كارثة التدهور المصرفي المريع وعجز الشرعية عن وضع أي حد لعمليات التلاعب بالعملة وإفراغ السوق من النقد الأجنبي؟*
*لماذا وضعت السعودية "شروطاً تقييدية" على الحكومة في التصرف بوديعتها الإنقاذية للريال اليمني بالبنك المركزي؟*
*ولماذا فشل البنك المركزي في ضخ عملة أجنبية إلى السوق المحلية لسد الحاجة المتزايدة للعملة الأجنبية وإعادة التوازن إلى السوق وضبط أسعار الصرف؟*
*أسباب ومخاطر الانهيار الكارثي للعملة*
يتواصل الفشل الحكومي الصادم في إيجاد أي حلول أو وضع أي حد لاستمرار التدهور المصرفي الكارثي للعملة المحلية بعد وصول صرفها إلى مستويات صادمة تدق ناقوس خطر حقيقي من مجاعة قاتلة مقبلة من شأنها مضاعفة الجرائم المجتمعية والقضاء على القيم المجتمعة باعتبار "الجوع كافر" في ظل تحذير برنامج الغذاء الأممي من خطر أكبر أزمة جوع يشهدها العالم اليوم باليمن ومعاناة أكثر من 8 ملايين يمني من جوع شديد.
ويرى مراقبون ومتخصصون أن خطورة الانهيار المصرفي الكارثي المتواصل يحمل في طياته مخاطر مجتمعية غير مسبوقة لترافقه مع أوضاع الحرب وويلات الفقر المنتشر باليمن في ظل استمرار الصراع الدموي للعام الرابع وغياب أي أفق لنهاية مآسي الحرب والجوع والنزوح والتشرد، وفي وقت تتزايد فيه صعوبات الحياة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني تزامنًا مع استمرار كارثة انهيار صرف العملة المحلية رغم كل المحاولات والتحذيرات المستمرة من خطورة الوضع المصرفي وإعلان السعودية عن تقديمها وديعة ملياري دولار إنقاذية للحفاظ على سعر صرف الريال اليمني الذي وصل إلى مرحلة احتضار مصرفي حرج وغير مسبوق.
تقرير خاص/ ماجد الداعري
*الريال اليمني يواصل انهياره المصرفي الكارثي بشكل غير مسبوق*
يواصل الريال اليمني انهياره المصرفي المريع بشكل غير مسبوق في أسواق الصرف بالعاصمة المؤقتة عدن ، وكذلك صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بعد يومين من توجيه الرئيس عبدربه منصور هادي بتشكيل مجلس اقتصادى من الحكومة وممثلين عن الغرف التجارية والصناعية في محاولة منه لوقف استمرار كارثة الانهيار المصرفي لسعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار والعملات الأخرى.
ونقل موقع "مراقبون برس" الإخباري المستقل، عن صيارفة وملاك شركات صرافة بعدن قولهم ليل الثلاثاء، أن سعر صرف الدولار الواحد تجاوز حاجز الـ 530 ريالا لأول مرة في العاصمة عدن ، بينما تخطى صرف الريال السعودي حاجز الـ140 ريالا يمنيا وسط استمرار الانهيار المصرفي وتزايد المخاوف من النتائج التي سبق وأن دفعت شركات صرافة إلى إغلاق مقرات عملها خشية من تقلبات السوق المصرفية واستمرار تهاوي الريال بشكل كارثي صادم من شأنه التأثير على مختلف شؤون الحياة وتعقيدها في ظل استمرار العجز الحكومي عن مواجهة الكارثة رغم الحديث عن وديعة ملياري دولار من السعودية بالبنك المركزي اليمني المعطل المهام بعدن.
*أبرز أسباب استمرار الانهيار الكارثي لصرف الريال اليمني*
ومن جهته كشف مصدر حكومي رفيع عن أبرز أسباب استمرار انهيار سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى رغم الحديث الحكومي عن وديعة ملياري دولار سعودية بالبنك المركزي لإنقاذ العملة اليمنية من الانهيار الكارثي المتواصل.
وقال المصدر الحكومي، أن السعودية وضعت شروطاً تقييدية كبيرة حول التصرف بوديعتها البالغة ملياري دولار لدى البنك المركزي خشية سوء التصرف الحكومي بها وعدم تخصيصها في وقف الانهيار المصرفي الكارثي المتواصل.
وأوضح المصدر الحكومي ، الذي فضل عدم ذكر اسمه، حسب مراقبون برس،أن الفريق الاقتصادي السعودي المكلف بإدارة الملف المالي اليمني برئاسة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، حصر كل إجراءات التصرف بالوديعة فيما يخص دعم استيراد المواد الغذائية ، وشددت على وقف أي إجراءات مالية أخرى من شأنها إعادة دعم سعر صرف الريال وضخ السيولة المالية إلى السوق لوقف الانهيار المصرفي المتواصل وإعادة التوازن للسوق المصرفي.
*خلافات محتدمة بين محافظ البنك المركزي والجانب السعودي*
وإلى ذلك أشارت مصادر مصرفية أخرى باحتدام خلافات عميقة بين محافظ البنك المركزي / محمد زمام ، والجانب السعودي حول موضوع صلاحيات التصرف بالوديعة في ظل إصرار المحافظ على ضرورة ضخ سيولة نقد أجنبي إلى سوق الصرف لإعادة التوازن المصرفي ووقف الانهيار المصرفي المتسارع في سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى مع تخطي الدولار حاجز الـ530 ريال يمني واقتراب سعر صرف الريال السعودي من حاجز الـ140ريال يمني لأول مرة في التاريخ اليمني.
*مجلس اقتصادي يفاقم من كارثة تدهور صرف العملة المحلية*
وكان الرئيس هادي وجه الأحد بتشكيل مجلس اقتصادي لوقف الانهيار المصرفي ، غير أن فشل فكرة المجلس على ما يبدو دفعت إلى مزيد من الانهيار المصرفي، وقال هادي خلال لقائه يومها برئيس وأعضاء الغرفة التجارية والصناعية فى محافظة عدن، إن الحكومة تمكنت من تحقيق بعض الاستقرار من خلال تأمين الاحتياجات الأساسية وانتظام صرف مرتبات موظفى الدولة. وأكد ، وفقا لوكالة أنباء سبأ التابعة لحكومته، أن الحكومة تعمل على تحقيق خطوات مهمة لتعزيز الموارد وتنميتها وتفعيل أجهزة الرقابة لتجفيف منابع التهريب والفساد، مشددا فى الوقت ذاته، على ضرورة تنظيم التعاون والتكامل مع البنك المركزى ووزارة الصناعة والتجارة والأجهزة ذات العلاقة لحفظ استقرار العملة وتحقيق استقرار الأسعار.
وقال هادي مخاطبا المجتمعين: «إن تحقيق الاستقرار مسؤولية وطنية ومجتمعة يتشارك الجميع في استتبابها وإرساء مداميكها من خلال التحلي بالقيم وأساسيات العمل التي تكفل حقوق التاجر ولا تضيف أعباء غير مبررة ومبالغة على المواطن المستهلك». واستعرض هادي التجريف المتواصل من قبل الميليشيات الحوثية للاقتصاد في بلاده، مشيرا إلى أنها «استباحت مقدرات الدولة ومواردها واستنزفت احتياطات البنك المركزي لمصلحة مجهودها الحربي وخدمة مشروعها الدخيل». قبل أن يتم نقل البنك إلى عدن، وما تلا ذلك من تحقيق استقرار نسبي وصرف لرواتب موظفي الدولة، بدعم سعودي، ووديعة مقدارها ملياري دولار لدعم استقرار سعر العملة.
وذكرت مصادر أن هادي «طالب الجميع بتحمل مسؤولياتهم في هذه الظروف والمرحلة الحاسمة التي يمر بها البلد، وتنظيم التعاون والتكامل مع البنك المركزي ووزارة الصناعة والتجارة والأجهزة ذات العلاقة لحفظ استقرار العملة وتحقيق استقرار الأسعار التي تطال تبعاتها المواطن البسيط بصورة أساسية» ، لافتا إلى خطوات هامة تعمل الدولة على تحقيقها لتعزيز الموارد وتنميتها وتفعيل أجهزة الرقابة لتجفيف منابع التهريب والفساد.
*زمام يقدم إحاطة عن وضع البنك واحتياطاته المالية*
وكان محافظ البنك المركزي / محمد زمام، قدم إحاطة خلال الاجتماع عن وضع البنك واحتياطاته المالية وجهود العمل والتنسيق مع الغرف التجارية ورجال الأعمال لتوفير الاحتياجات واستقرار السوق ومتابعة محلات الصرافة المرخصة ومراقبة غير المرخص منها لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.
ونسبت مصادر صحفية إلى مراقبين اقتصاديين وعاملين في القطاع المصرفي اليمني تعبيرهم عن أملهم أن تتوصل الجهود الحكومية إلى نتيجة ملموسة وعاجلة لوقف التدهور المتواصل في سعر العملة الوطنية، بالاستفادة من الوديعة السعودية. كما يأملون أن تتخذ إجراءات ملموسة لوقف عمليات المضاربة الحوثية بسعر العملة وللحد من عمليات تهريبها إلى الخارج، إضافة إلى وضع لائحة سوداء بشركات الصرافة والبنوك المحلية التي تسهل للجماعة الحوثية أعمالها في استنزاف العملات الصعبة وغسل الأموال.
*تحذير أممي من أكبر أزمة جوع يشهدها العالم اليوم في اليمن*
وإلى ذلك حذر البرنامج الأممي للغذاء من خطر أكبر أزمة جوع يشهدها العالم اليوم باليمن،وقالت قناة فرانس 24 الإخبارية الفرنسية الناطقة بالعربية في تقرير متلفز لها الثلاثاء :" أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، عبر صور وزعها عن الوضع الإنساني والميداني في مدينتي صعدة والحديدة، من أن الدمار والحصار والنزاع العسكري الذي يشهده اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات سيتسبب بأكبر أزمة جوع يشهدها العالم حاليا في ظل وجود 8 ملايين يمني يعانون من جوع شديد في ظل صعوبات استمرار الحرب للعام باليمن وتسببها بمعاناة الآلاف من السكان وأحداث آثار دمار كبير في مناطق الحرب ، ونشر البرنامج صوراً لآثار الدمار الذي لحق بمحافظة صعدة معقل الحوثيين بالحديدة الساحلية".
*(شطارة) يحذر الشرعية من عواقب كارثية لاستمرار انهيار العملة*
ومن جانبه حذّر الإعلامي والسياسي الجنوبي/ لطفي شطارة ، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، من عواقب كارثية لاستمرار انهيار العملة المحلية، ودعا حكومة الشرعية إلى وقف تدهور العملة باعتباره الخطوة الأكثر أهمية التي يجب أن يوليها الرئيس هادي كل اهتمامه الآن لاستقرار المناطق الجنوبية المحررة، وأكد أن تشكيل غرفة عمليات لمراقبة الانهيار السريع للعملة وارتفاع سعر الرغيف والوقود والإنفاق الغير مبرر هي أولوية الشرعية اليوم وليس غرفة عمليات أمنية مشتركة.
وأكد في منشور على صفحته بالفيسبوك أن ‘‘ انهيار العملة يعني انهيار المجتمع خاصة في بلد يعيش حربا وشحة موارد وإنفاق مهول، مشددا بالمناسبة على أن الصمت على تدهور العملة سيقود لانهيارات أمنية وفوضى مجتمعية وقد تدفع الناس للخروج عن صمتها ويستحيل تخمين أسوأ الاحتمالات التي قد تحدث إذا أغلقت أمامها كل أبواب مواجهة شظف العيش والارتفاع الجنوني للأسعار’’.
وخاطب شطارة كل من قال أنه يحب الرئيس هادي ممن حوله بإبلاغه "أن كل يوم تأخير في مواجهة انهيار الريال يرفع من حالة احتقان الناس"،وبينما أكد معرفته بأن الوضع الاقتصادي صعب، لكن "المستشارين الماليين وسياسة البنك المركزي يقودون البلاد الى فوضى أخطر مما يتصورونها".
*أولويات الشرعية لتجنب عواقب كارثية بكل المقاييس*
وأوضح الأستاذ شطارة أن : "الناس تستطيع أن تصبر على كل شيء إلا الجوع"،معتبرا أن طباعة العملة بدون غطاء وبدون رؤية أو سياسة مالية واضحة يتسبب بعواقب كارثية بكل المقاييس.
وأكد شطارة في منشور آخر له يوم الأحد الماضي، أن " أولويات الشرعية ليست غرفة عمليات أمنية مشتركة وإنما غرفة عمليات لمراقبة الانهيار السريع للعملة وارتفاع سعر الرغيف والوقود والإنفاق الغير مبرر".وقال أن "الأمن أصبح حجة لإلهاء الناس عن عصابة تعبث باستقرار الأوضاع الاقتصادية".
وأضاف: " لا تشحنوا الناس ، ولا تضللوا الرئيس ، ولا تشتتوا جهود التحالف باتجاه الأمن وجعله شماعة لفشل ذريع في المال والخدمات واحتياجات الناس الضرورية".. واختتم عضو هيئة رئاسة الانتقالي الجنوبي منشوره بتحذيره من خطورة " الكريم إذا جاع".
*لماذا يتواصل انهيار العملة إلى حدود غير مسبوقة؟*
من جانبه كشف الخبير الاقتصادي والأستاذ الاقتصادي المتخصص بجامعة عدن عن أبرز الأسباب التي تقف وراء تسارع انهيار صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية والتي وصلت إلى حدود غير مسبوقة.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن د. يوسف سعيد أحمد أن : "هناك عدة عوامل تسببت في أزمة الريال اليمني ، منها توظيف واستخدام العملة هدفا من أهداف الحرب وأداة في الصراع من قبل أطراف الصراع، إضافة إلى منع الحوثيين تداول الطبعة الجديدة في صنعاء 1000 – 500 بشكل تعسفي وبصورة غير قانونية وبسعر مختلف".
وأشار د. يوسف أحمد في حديث تحليلي حول أزمة الريال اليمني أن "منع بيع الغاز المنزلي لمناطق سيطرة الحوثيين بالعملة من الطبعة القديمة كثمن لغاز مأرب من ضمن الأسباب التي أدت إلى تدهور قيمة الريال اليمني" .
ونوه أن "حجب السيولة على المصارف بسبب منع التعامل بالشيكات ومنع المدخرين والبنوك من استخدام مدخراتهم كان من ضمن أسباب تدهور قيمة العملة اليمنية ، إضافة إلى إبقاء المعروض النقدي m1 بالكامل في التداول لدى الأفراد خارج البنوك لتوفير السيولة".
*حجز الأصول النقدية الخاصة ببعض رجال الأعمال*
وانتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن حجز الأصول النقدية الخاصة ببعض رجال الأعمال (خصوم سياسيين أو مسؤولين سابقين) لدى البنوك وشركات الصرافة ، مشيرا إلى أن انتشار الإشاعات بأن عملة جديدة قد طبعت في البنك المركزي في طريقها للتداول ساهمت أيضا في تدهور قيمة الريال.
وأوضح أن "من ضمن الأسباب ارتفاع الطلب على الدولار لمواجهة استيراد النفط يعتبر سبباً رئيسياً باعتبارات قيمته وارتفاع نسبته في الاستيراد، وليس بسبب تعويمه وكذلك غياب المنافسة الشريفة والعادلة ؛ وغياب الشفافية، والرقابة، والإشراف الحكومي الفعال، بالتوازي مع ارتفاع منسوب الفساد.إضافة إلى استمرار المضاربة على الدولار في ظل غياب الإشراف الفعال من المركزي كافيا لوحده لإلغاء أثر قراره بدعم استيراد الغذاء".
وشدد يوسف ، في تصريح صحفي سابق له، على أنه "لا يجوز ظلم القائمين على البنك المركزي في مثل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها بلادنا، ليس بمقدور أحد الإجابة على مثل هذه الأسئلة.مشيرا بالمناسبة إلى أنه بدون تدفق الموارد العامة للبنك المركزي وعمل كل ما هو ممكن لتقليل مستوى الاختلالات الاقتصادية فستظل العملة اليمنية تواصل تدهورها خلال الأيام المقبلة وإلى مستويات خطيرة مجتمعياً".
*عمليات مضاربة حوثية وشراء للعملات الأجنبية لإرباك الشرعية*
وإلى ذلك أكدت صحيفة الشرق الأوسط استمرار تهاوي العملة اليمنية بشكل غير مسبوق أمام العملات الأجنبية في صنعاء وعدن وبقية المحافظات اليمنية، وسط مخاوف الاقتصاديين من انعكاس ذلك على معيشة السكان بسبب الارتفاع الموازي في أسعار السلع الغذائية والوقود، في ظل تدني الدخل اليومي وتوقف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية. ونقلت عن مصرفيين تحدثوا إليها أسباب اللائمة إلى تصرفات الميليشيات الحوثية، مؤكدين قيام الجماعة بعمليات مضاربة وشراء للعملات الأجنبية ما أدى إلى شح المعروض النقدي من العملات الصعبة.
وقالت الصحيفة أن هناك انتشار في شوارع صنعاء الرئيسية وأحيائها الخلفية، لمئات المحلات الخاصة باستبدال العملات وتحويلها بشكل متسارع وغير مفهوم في العامين الأخيرين ومن دون الحصول على أي تصاريح قانونية لمزاولة مهنة الصرافة أو دفع مبالغ التأمين لدى البنك المركزي اليمني. وأكدت أن أغلب هذه المحلات الحديثة التي تنامت تحت سمع وبصر الجماعة الحوثية تعود ملكيتها – بحسب مصادر مصرفية – لقيادات في الجماعة أو لعناصر تحظى بحماية منها، وهو ما منح الجماعة الفرصة للهيمنة على سوق بيع وشراء العملات والمضاربة بها، لإرباك خطوات الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها من جهة ولتخزين احتياطيات الجماعة بالعملة الصعبة، وشحنها إلى مخابئ سرية في صعدة وعمران. في مطلع السنة الحالية كان سعر الريال اليمني شهد تهاويا مماثلا كاسرا حاجز الـ500 ريال أمام الدولار الواحد، غير أن الأمر الملكي السعودي بمنح البنك المركزي اليمني في عدن وديعة سعودية جديدة بمبلغ ملياري دولار، أدى إلى كبح جماح التهاوي السريع للعملة اليمنية، وأعادها للاستقرار النسبي، طيلة ستة أشهر.
*لا مبرر حقيقي لهذا التهاوي المتسارع في قيمة الريال اليمني*
وبدوره أكد خبير مصرفي صنعاء عدم وجود مبرر للتهاوي المتسارع بصرف الريال ، وقال: لا يوجد مبرر حقيقي لهذا التهاوي المتسارع في قيمة الريال اليمني، وبخاصة بعد الوديعة السعودية والإجراءات الأخيرة للبنك المركزي التي قرر خلالها العودة إلى دعم استيراد السلع الأساسية وتوفير العملة الصعبة للمستوردين بأسعار أقل من سعر السوق. من جهته، يقول «إبراهيم. أ» وهو موظف قديم في شركة «صرافة عريقة»: «السبب في اعتقادي هو الميليشيات الحوثية ومضاربتها بالعملة بناءً على توجيه من قيادة الجماعة لجني المزيد من المكاسب، وفي الوقت ذاته لإعاقة عمل الحكومة الشرعية والتسبب في ارتفاع أسعار السلع وإلقاء اللائمة عليها بصفتها المسؤولة عن استقرار السوق وإدارة العملية المصرفية بعد أن أصبح المقر الرئيسي للبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن». زميل إبراهيم، في الشركة نفسها ويدعى «نبيل»، أكد خلال استطلاع الرأيه عن سبب الانهيار المتسارع في سعر الريال اليمني، أن الميليشيات الحوثية، بدأت منذ أسبوعين عملية شراء واسعة للعملة الصعبة من السوق، مستغلة عملية سطوها على مئات الملايين من الريالات من فئتي (500 – 1000) المطبوعة من قبل البنك المركزي في عدن، ومصادرتها من البنوك وشركات الصرافة بدعوى أنها نقود غير معترف بها، لجهة أن مصدرها هو الحكومة الشرعية.
*الحوثيون يعدون العدة لما بعد سقوطهم المرتقب*
ويرجح مصرفيون آخرون أن الجماعة الحوثية، بدأت تعد العدة لما بعد سقوطها ا