تختتم اليوم الأربعاء جلسات الاجتماع التشاوري اليمني الذي بدأت فعالياته الثلاثاء في ويلتون بارك بالعاصمة البريطانية لندن، بمشاركة العشرات من السياسيين يمثلون مختلف التيارات السياسية اليمنية. وتضمنت الجلسة الافتتاحية للقاء الذي عقد برعاية وزارة الخارجية البريطانية وبالتنسيق مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث تقديم إحاطة عن العملية السياسية في اليمن وآفاقها، كما ناقش المجتمعون العديد من الرؤى والأفكار المتعلقة بتحديات استئناف العملية السياسية وفرص نجاحها، إضافة إلى تقديم ملخص للمناقشات التي جرت في الاجتماع. ويتضمن برنامج الاجتماع لليوم الأربعاء فتح نقاش معمق حول الحلول والخيارات المتاحة لملف الحديدة ومينائها، وعقد جلسة ختامية. وتشارك في الاجتماع قيادات سياسية يمنية تمثل الحراك الجنوبي والحوثيين وحزب التجمع اليمني للإصلاح،
والحزب الاشتراكي اليمني والحزب الوحدوي الناصري، إضافة إلى قيادات مجتمعية مصنّفة ضمن التيار الثالث الذي يسعى المبعوث الأممي إلى تفعيله بهدف الضغط على الفرقاء التقليديين في المشهد اليمني، فيما لم تتم دعوة أي من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام للاجتماع. وحضر اجتماع لندن، الذي تقول مصادر إن غريفيث يطمح إلى استمرار دوره الاستشاري في إسناد مشاورات جنيف المزمع عقدها في السادس من سبتمبر القادم، نائب الرئيس اليمني ورئيس الوزراء السابق خالد بحاح ورئيس الوزراء في دولة الوحدة ومستشار الرئيس هادي، حيدر أبوبكر العطاس كممثلين عن “القضية الجنوبية”، كما تشارك في الاجتماع قيادات حوثية من بينها عضو المكتب السياسي عبدالملك العجري وأحمد المؤيد. وتتضمن قائمة المشاركين سياسيين ودبلوماسيين ووزراء سابقين وقادة منظمات مجتمع مدني، وهم: مصطفى نعمان، محمد مسدوس، عبدالكريم دماج، عبدالملك الأرياني، محي الدين الضبي، أسمهان العلس، حسام الشرجبي، محمد أبولحوم، أحمد لقمان، نصر طه مصطفى، عبده العديني، علي منصر، نبيلة الزبير، هالة القرشي، محمد عزان، علي عشال، عبدالباري طاهر وهشام باشراحيل. مساعي غريفيث لإعادة بريطانيا إلى واجهة التأثير في المنطقة عبر بوابة الملف اليمني الذي بات الملف الأكثر جذبا لاهتمامات المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص وتعكس الخلفيات السياسية للمشاركين، والذين ينتمي الجزء الأكبر منهم إلى معسكر الحوثي أو الطرف المناهض للتحالف العربي أو التيارات الراديكالية في معسكر الشرعية، الرؤية البريطانية والأوروبية تجاه المشهد اليمني والتي تأتي امتدادا للموقف الغربي الكلاسيكي من التطورات في المنطقة العربية ومحاولة الدفع نحو توطين نتائج ما عرف بالربيع العربي الذي دعمته المؤسسات الرسمية الغربية التي تبنت موقف ووجهة نظر تيارات الإسلام السياسي والسعي لإحلالها كبديل عن التيارات القومية واليسارية. ويأتي الاجتماع ضمن مساعي غريفيث لإعادة بريطانيا إلى واجهة التأثير في المنطقة عبر بوابة الملف اليمني الذي بات الملف الأكثر جذبا لاهتمامات المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص.
ويرى العديد من المهتمين بالشأن اليمني أن الأجندة البريطانية باتت أكثر تعبيرا عن رغبة المملكة المتحدة في لعب دور رئيسي في المنطقة مستغلة حالة اللامبالاة التي تبديها الإدارة الأميركية تجاه الوضع في اليمن وتصنيفه كملف هامشي يمكن استخدامه في صراعها المفتوح مع النظام الإيراني. ويتسم الموقف البريطاني من الملف اليمني وفقا لمراقبين سياسيين بقدر كبير من البراغماتية والسعي لاستثمار حساسية هذا الملف لدى دول التحالف العربي للحصول على امتيازات اقتصادية وعقد المزيد من صفقات السلاح. وينظر خبراء للموقف الأوروبي على أنه امتداد لحالة التباين التي تلوح في أفق العلاقة الأميركية-البريطانية والخلاف حول الموقف من إيران وملفها النووي.
وكشفت وسائل إعلام غربية في وقت سابق عن تعهّدات تقدمت بها طهران للأوروبيين تضمنت الضغط على الجماعة الحوثية كجزء من صفقة كان الاتحاد الأوروبي يحاول تسويقها لدى الإدارة الأميركية للحيلولة دون انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي. ويتهم العديد من المراقبين اليمنيين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بالانحياز للجماعة الحوثية، وهو ما ألقى بظلاله على مواقف المبعوث الأممي مارتن غريفيث الذي عادة ما توصف تحركاته بأنها تقويض للقرارات الدولية ذات الصلة باليمن وخصوصا القرار 2216.
ويخشى قادة سياسيون من المنتمين إلى معسكر الشرعية من سعي المبعوث الأممي لتفكيك مرجعيات الحل في اليمن التي عمل المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد في إطارها، حيث تعكس مواقف وتصريحات غريفيث رغبته في خلق مرجعيات جديدة وواقع جديد يتلاءم مع مصالح بريطانيا التي عمل في سلكها الدبلوماسي. ويقلل مراقبون سياسيون يمنيون من فاعلية الحراك الدبلوماسي الذي يقوده المبعوث الأممي مارتن غريفيث، بدعم أوروبي وبريطاني، معتبرين أن هذا الحراك لا يزال يدور في هامش الصراع السياسي والعسكري في اليمن والذي أخذ أبعادا إقليمية عقب اعتداء الحوثيين على ناقلات النفط السعودية بإيعاز من إيران.