طالبت منظمة "حق" للدفاع عن الحقوق والحريات في ختام المؤتمر الصحفي الخاص بـِ "مزاعم السجون السرية في اليمن .. بين الإثارة الإعلامية والتوظيف السياسي"، كافة الجهات العاملة في مجال حقوق الإنسان من وكالات وهيئات ومنظمات محلية وإقليمية ودولية، عدم الانزلاق في استخدام ملف حقوق الإنسان أداة ضمن المكايدات والأيدولوجيات السياسية، وتوظيف مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل يسيء للمهمة الإنسانية الجليلة ويفقدها مصداقيتها، كما طالبت الدوائر الحكومية المعنية بحقوق الإنسان بالعمل الجاد والفعال؛ لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وإطلاع الرأي العام على نتائج ومخرجات عملها أول بأول.
وأعربت المنظمة في بلاغ صحفي لها عن دهشتها من سلسلة التقارير الحقوقية المنشورة من قبل وكالة "أسوشيتيد برس"، واصفةً إياها بالمبالغة، مشيرةً إلى أن محتواها يرتكز في الأساس على دوافع وأيدولوجية سياسية، مكتنزةً بالخطاب التلفيقي والاستهداف لدور الإمارات العربية المتحدة وقوات الحزام الأمني والنخبة في تحقيق نجاحات كبيرة في الجانب الأمني في الجنوب، جاء ذلك في اختتام فعاليات المؤتمر الصحفي المذكور آنفًا، الذي أقامته المنظمة في محافظة عدن، بحضور ممثليّ منظمات ومراسليّ وسائل إعلام، محلية ودولية.
وفي كلمة لرئيس منظمة "حق" الباحث/الخضر الميسري أوضح أن إقامة المؤتمر الصحفي جاء بعد تحقيق وتحقق عما ورد في تقريريّ وكالة "أسوشيتيد برس" المنشوران في يونيو 2017، 2018، عن انتهاكات مختلفة في سجون محافظة عدن، مؤكدًا أن التقاررير فاقد للموضوعية، ولا تستند على دلائل ووقائع ملموسة، ولا أساس قانوني له، وتضمنت ادعاءات وفقًا لمعلومات تسلمتها مدير مكتب الوكالة في القاهرة السيدة/ماجي مايكل – كاتبة التقارير، من جهة سياسية يمنية، تعمل على تقويض الأمن وزعزعة الاستقرار في مدن ومناطق الجنوب، لا سيما بعد مقاومة الإرهاب وإفشال سلسلة من أعمال العنف، التي أضرت بالجانب الإنساني.
وواصل الميسري: "إن المتابع والمراقب لمجريات الأحداث الأخيرة، يرى أن هذه الادعاءات يتم تداول نشرها ضمن تقارير حقوقية وصحفية، تزامنًا مع المعطيات السياسية والعسكرية للحرب الدائرة على الساحة اليمنية، بدءًا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، ومرورًا بوكالة أسوشيتيد برس، ووصولًا بمنظمة العفو الدولية مؤخرًا، مُسجلةً سقوطً مهني فاضح"، منوهًا إلى أن مواقف منظمة "حق" تنطلق من المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، واستنادًا لمنهجها الهادف للوصول إلى الحقيقة، وتعزيز وحماية حقوق وحريات الإنسان.
وقدم الصحفي/محمد ناصر العولقي ورقة عمل حملت عنوان "ملامح النزعة التلفيقية في قصة السجون السرية في اليمن"، في إشارة إلى قصة ماجي مايكل في تقرير وكالة "أسوشيتيد برس" - يونيو 2017، منوهًا إلى الاستخدام الإعلامي والحقوقي وكذا التوظيف السياسي والأيديولوجي للقصة كمادة خبرية، ليس لدقة محتواها وقطعية ومصداقية الأدلة التي وردت فيها، وإنما لما تحظى به الوكالة من تاريخ إعلامي عتيق، واعتمادها كثير من الجهات السياسية والإعلامية والمنظمات الدولية عليها كمصدر حقوقي وإعلامي.
وأشار العولقي إلى إعادة الكاتبة مايكل نشر ذات القصة في يونيو 2018، مع تعديل في محتوياتها وبعنوان أكثر إثارة، "تفشي الانتهاكات الجنسية في السجون التي تسيطر عليها الإمارات في اليمن"، وركزت فيها على ما وصفته بسجون سرية تسيطر عليها قوات إماراتية تمارس فيها انتهاكات جنسية على المعتقلين، وأضاف: "إن القصة الأخيرة لمايكل محملةُ بالتناقضات والتعارضات، ما أظهرها أحادية الجانب مليئةُ بالاختلالات، ربما تعود إلى تعمد الكاتبة غرض التشويه والتحريض، أو أنها وقعت ضحية إفادات كاذبة أو غير دقيقة".
من جانبه نوه أستاذ القانون العام المشارك في كلية الحقوق/يحيى سهل في كلمته، إلى أن التقارير رصيد حقوق الإنسان، بوصفها الوسيلة الوحيدة لحماية الحقوق وصونها، ولا علاقة لها بالكتابات الصحفية، مهما كانت نوايا أصحابها، ومنهم ماجي مايكل وغيرها كثر من الباحثين عن الشهرة، وقال في ذات الصدد: "كحقوقي لا أعطي بالًا لما كتبته مايكل من تلفيق بحسب محمد العولقي، ولكن لا ينفي هذا الإرث المؤلم لحقوق الإنسان في بلادنا، الذي أنتجته سوء إدارة الدولة من قبل النظام السابق، ما يجعلنا نرفض أي مساس بحقوق وحريات أي مواطن يمني، والتشهير المُذل لكرامته بالطريقة التي اعتمدتها الوكالة وكذبتها".
بدوره رد مدير مصلحة سجن بئر أحمد/غسان عبدالباري على ما وصفه بالادعاءات والافتراءات المضمنة في تقرير وكالة "أسوشيتيد برس" – يونيو 2018، عن تزايد الانتهاكات الجنسية في سجون خاضعة لسيطرة الإمارات في اليمن، وخاصةً ما تناوله عن إدارة سجن بئر أحمد، بالتساؤل عن كيفية تصنيف السجن بأنه معتقل سري، بينما تم افتتاحه بحضور النائب العام ومدير أمن عدن، ومن ناحية أخرى زيارة الأسر لنزلاء السجن، وهو ما ينفي كافة الادعاءات الواردة في التقرير، وقال: "كما قامت منظمة الصليب الأحمر والمنظمات السامية لحقوق الإنسان والجانب الحكومي ممثلًا بنائب وزير الداخلية، بزيارة ميدانية إلى الإصلاحية، وتحدثوا مع النزلاء، ولم يُقدم أي بلاغ لتعذيب كما رُوج له في تقرير الوكالة، وهذا دليل قاطع على عدم مصداقيته".
وتطرق في حديثه إلى قيام إصلاحية السجن بواجباتها تجاه النزلاء من خلال توفير الرعاية الصحية وتقديم الدعم النفسي، بعكس ما ورد في تقرير الوكالة عن تعذيب نفسي وجنسي للنزلاء، في أيام تخُصص لزيارة الأسر لهم، وواصل: "إن تقرير الوكالة يخدم أجندة سياسية لا غير؛ بدليل أنها لم تشر إلى أوامر الإفراج الصادرة من النيابة الجزائية المختصة – قبل صدور التقرير، وكذا عدد النزلاء المفرج عنهم"، داعيًا كافة المنظمات الدولية والمحلية الحقوقية والاعلاميين إلى زيارة إصلاحية السجن، وعدم نشر الادعاءات غير المستندة الى دلائل قطعية، وطرح الموضوع بمهنية خارج إطار المكايدات السياسية التي لا تخدم السجناء.
ودعا الحاضرون في المؤتمر الصحفي كافة الجهات الحكومية المعنية والأجهزة الأمنية والقضائية والمنظمات المحلية والدولية الحقوقية والنشطاء الحقوقيين إلى التحري والتحقق والتأكد مما يرد في التقارير الحقوقية من معلومات وأدلة، والاستمرار في المراقبة والاطلاع على أحوال السجناء وأوضاع السجون.
تخلل المؤتمر الصحفي المذكور آنفًا مداخلات لخبراء وكوادر قانونيين وحقوقيين وإعلاميين، وممثليّ جهات أمنية وقضائية ذات الاختصاص، والاستماع لشهادات سجناء سابقين، وعرض أفلام تسجيلية قصيرة من إنتاج منظمة "حق"، حول أوضاع السجون، مرفقة بزيارات ميدانية وتصريحات لقيادات من وزارة الداخلية، كما وُزعت أدبيات ووثائق خاصة بأولويات تقصي الحقائق وتقارير ميدانية حقوقية صادرة عن المنظمة.